خبر أأثِمنا؟ أخطِئنا؟ أأجرمنا؟ -يديعوت

الساعة 09:50 ص|19 سبتمبر 2011

أأثِمنا؟ أخطِئنا؟ أأجرمنا؟ -يديعوت

بقلم: اليكيم هعتسني

نحن نوقع أكبر المظالم بأنفسنا. ان وسائل اعلام انحرفت عن مسارها تتهمنا خاصة بالتغييرات التكتونية التي انفجرت في المدة الاخيرة من أعماق دين شعوب الشرق الاوسط وثقافتهم وتاريخهم. اذا صدقنا عددا من المحللين، فان حاكم تونس طُرد، ومعمر القذافي أُسقط، وأُدخل مبارك قفص الاتهام، ويجعل الاسد سوريا مسلخا وتعود تركيا في نفق الزمن الى السلطنة العثمانية – كل ذلك بذنب من اسرائيل التي لا تجري تفاوضا مع الفلسطينيين. "بقينا بلا اصدقاء"، و"خسرنا آخر حليفاتنا"، و"بقينا وحدنا!". وكل هذا من صنع يدي حكومة اسرائيل.

من أين استمدوا موارد الجهل والنفاق والغوغائية والشر وكره الذات، للتوصل الى تهم داحضة متوهمة على هذا القدر تبلغ حد الفصام؟ وما أقصر الطريق من هنا حتى ينسبوا الى "الصراع" فرية الدم ومحاكم التفتيش.

ان ما قد طفا مع كل ذلك فوق سطح التماس بين ربيع الشعوب العربي والحمى الفلسطينية يثبت عكس ذلك بالضبط، أي محدودية السلام. فقد رأينا بأعيننا في شوارع القاهرة واسطنبول وعمان ان الجموع، أي الشعب، لا يريد سلاما مع اسرائيل، وان كراهيته الأصيلة والديمقراطية – اجل الديمقراطية! – تنفجر في اللحظة التي تنفك فيها قيود الاستبداد. نستخلص من هنا ان السلام يمكن ان يصنع في الشرق الاوسط مع المستبدين الذين يتجاهلون ارادات شعوبهم فقط، وان هذا السلام سيكون باردا عقيما ومحدودا بالزمان دائما. وما يجوز ان ندفعه عوضا عنه يجب ان يكون موزونا مقيسا على نحو صحيح.

لا يقف مسرح اللامعقول الاسرائيلي الفلسطيني هنا. فقد سألت زعيمة كديما، في خطبة غاضبة توبيخية لماذا لم يهاجم نتنياهو – ردا على الارهاب في الجنوب – الغزيين بقوة أكبر، وأجابت عن ذلك – لانه لم يكن تفاوض مع رام الله. وبرهان ذلك ان العالم أباح لنتنياهو ان يجري حربين لانه اقترح في الوقت نفسه القدس على العرب!.

حتى لو كان هذا الافتراض المبتذل صحيحا فانه ما يزال من الصعب ان نفهم منطقه الداخلي. فأين يُسمع مثل هذا الشيء وهو ان تتوقع المعارضة من زعيم في نظام ديمقراطي ان يتنكر لمبادئه ولاعتقاده القيمي والسياسي الذي انتخب على أساسه من اجل مبدأ عسكري تكتيكي ما؟ ليس هذا إلا لأن مباديء اليمين واعتقاداته ليس لها اعتبار في لاوعي زعيمة كديما، كما أن جمهورهم "شفاف" ولا يحسبون له حسابا في الحقيقة. لانه ما هي في الحاصل العام قيم الحريديين والمستوطنين وذوي القبعات المنسوجة من جهة، و"الهنود الحمر"، و"باعة المخللات" و"غوغاء الميادين" من جهة اخرى.

وهذا ايضا تفسير طلب عدد من متحدثي الاحتجاج العام الاخير "أن يؤخذ من المستوطنات" لمساعدة الطبقة الوسطى على انهاء الشهر. لماذا لم يقترحوا الأخذ من النقب والجليل؟ لانه ما كان ليخطر ببالهم ان يمحوا من اجل "تغيير نظام الأفضليات" هدفا وطنيا مركزيا تستبدل به ملاذ مالية لهذا القطاع أو ذاك، وليست هذه هي حال مثال قومي قريب من قلب اليمين.

وهذا ايضا هو سبب الظاهرة الغريبة وهي ان وسائل الاعلام المركزية تتوقع بعد فوز اليمين في الانتخابات العامة، تتوقع منه ان يطبق سياسة اليسار. ان جميع المحللين تقريبا في هذه الايام يُجمعون على انه كان يجب على حكومة اليمين ان تصد مبادرة العرب في الامم المتحدة بـ "مسيرة سياسية"، أي بتخلٍ مسبق عن القدس التاريخية وعن كل وجود يهودي مادي في قلب ارض اسرائيل. يصعب على اليسار ان يستوعب ان ملكية الوطن القديم ليست عند اليمين قضية احتيال – تكتيكي يمكن اللعب بها، وانه توجد أزمان وحالات تفضل فيها قيادة مسؤولة للشعب حتى العزلة السياسية والتنديد الدولي عن التخلي عن مصالح قومية حيوية عمرها آلاف السنين.