خبر دولة تحت الأحتلال أم أراضي محتلة.. ماالفارق ؟

الساعة 09:40 ص|19 سبتمبر 2011

دولة تحت الأحتلال أم أراضي محتلة.. ماالفارق ؟

بقلم – أشرف أبوالهول :

يجب الإعتراف اليوم بأننا ظللنا علي مدي العقود الماضية وبالتحديد منذ قيام إسرائيل عام1948 نكذب علي أنفسنا حينما كنا نقول أن دولة إسرائيل أقيمت علي أراضي الدولة الفلسطينية رغم أن عقد أنشاء فلسطين كان مجرد عقد أبتدائي لم يتم تسجيليه في الشهر العقاري الدولي المسمي بالأمم المتحدة وبالتالي لم نقدم للعالم عقدا شرعيا موثقا بملكية فلسطين( طابو باللهجة الفلسطينية) في الوقت الذي تمكن الوافدون الجدد من يهود الشتات من فرض الأمر الواقع علي الأرض وتقديم مايثبت وجودهم الفعلي فيها وكانها كانت ارض بلا صاحب بينما صاحبها( الفلسطينيون) غائبون عن المشهد لأنهم لايعرفون كيفية الوصول للشهر العقاري العالمي للحصول علي الأعتراف.

 

فحتي هذه اللحظة لايعترف القانون الدولي بأن الفلسطينيين كانت لهم دولة في يوم من الأيام ومع ذلك فأن جهابذة القانون الفلسطينيين والعرب لم ينتبهوا لهذه الكارثة وظلوا يحاججون بالباطل مستخدمين أسانيد عاطفية لايعترف بها الشهر العقاري الدولي وهو محق في هذا ففلسطين مثلها مثل معظم الدول العربية كانت تحت الأحتلال العثماني والذي قام بدوره بتخريب حدود الدول العربية والاسلامية الخاضعة له فتارة يضم إقليما لأخر وتارة يفصله وذلك طبقا لأهواء سلاطينه الجالسين علي عروشهم الوثيرة في القسطنطينية( أنقرة) وقبل سقوط الخلافة العثمانية سقطت فلسطين التاريخية في أيدي الانجليز والذي ما أن أنهوا انتدابهم عليها في14 مايو1948 حتي أعلن اليهود دولتهم عليهم في اليوم التالي وحتي الإقليمين اللذين لم يسقطا انذاك وهما الضفة الغربية وقطاع غزة فقد خضع الأول لسيطرة المملكة الأردنية الهاشمية والتي عملت علي أبتلاعها لولا ظهور حركة فتح عام1965 وإلي أن اضطرت لفك الأرتباط معها عام1988 ولم يختلف الوضع في غزة التي خضعت للسيادة المصرية في وقت كانت مصر مشغولة فيها بفكرة تحرير فلسطين بالكامل وبالتالي لم تسعي لتوثيق ملكية الفلسطينيين لأرضهم في الأمم المتحدة.

 

ورغم ان منظمة التحرير الفلسطينية أعلنت الإستقلال( الضفة وغزة) في عام1988 بعد فك الأرتباط مع الأردن ومصر واصبحت منظمة التحرير برئاسة الزعيم التاريخي ياسر عرفات الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبالتالي دخلت في محادثات سلام مباشرة مع الإسرائيليين أنتهت باتفاقية أوسلو عام1996 وأنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية فانها تمهلت في السعي للحصول علي عضوية لدولتها في الأمم المتحدة وأكتفت بالحصول علي وضع المراقب وهو وضع تحصل عليه المنظمات والجمعيات أكثر مما تحصل عليه الدول وبالتالي ظل الإسرائيليون وغيرهم ينظرون إليها علي أنهم مجرد ممثل لشعب يعيش علي أرض متنازع عليها.

 

والحقيقة أنني شخصيا لم أكن أعرف الفارق بين موقف الفلسطينيين في ظل وضع المراقب بالأمم المتحدة وموقفهم في حالة الحصول علي وضع الدولة العضو أو حتي غير العضو الذي تسعي السلطة للحصول عليه حاليا والذي ستبدأ معركته الفعلية في الثالث والعشرين من سبتمبر( ايلول) الحالي إلا عندما شاركت في لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس( أبومازن) مع رؤساء تحرير الصحف المصرية يوم الثلاثاء الماضي بالقاهرة حيث رد علي هذا السؤال قائلا: عندما يتم الاعتراف بنا كدولة نصبح دولة تحت الاحتلال, الآن الأراضي الفلسطينية من وجهة نظر إسرائيل مختلف عليها, أما عندما أكون دولة تحت الاحتلال فلا يوجد خلاف, مثلما حدث مع سيناء التي تحررت بالكامل, وكما يحدث الآن في الجولان ولبنان والأردن, فعندما أكون دولة تحت الاحتلال أستطيع وقتها أن أتقدم بشكوي للأمم المتحدة لكي تحل لي المشكلة إذا فأن فلسطين عندما تصبح دولة محتلة وليست مجرد أراضي محتلة ستكون قادرة علي المواجهة القانونية مع دولة الاحتلال.

 

أن الأعتراف بفلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة من شأنه إدخال نوع من التوازن في معادلة الصراع, وبالتالي تغيير في معادلة التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي; كونه يدخل العامل الدولي كطرف في هذه المعادلة, واعتماد صيغة تفاوضية جديدة تقوم علي المرجعية الدولية والمشاركة الفاعلة من قبل المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة في رعاية المفاوضات وذلك علي عكس الوضع الحالي الذي يجعل من التفاوض بين طرفين أحدهما ناقص الأهلية وهو الطرف الفلسطيني.

 

كما أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة لا يعني بالضرورة قيام الدولة علي الأرض, لكنه يشكل سلاحا إضافيا من أجل تدعيم وتعزيز نضال الشعب الفلسطيني من أجل إنهاء الاحتلال وتوفير شروط ممارسة سيادة دولة فلسطين علي أراضيها المحتلة حيث أن عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة, ستعزز من قدرة منظمة التحرير الفلسطينية في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة, ولن تؤثر علي دور ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية والصفة التمثيلية لها بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

 

والشيء المؤكد هو أن التوجه للأمم المتحدة لا يمس بالمكانة القانونية وحقوق وتمثيل اللاجئين الفلسطينيين, بما في ذلك حقهم في العودة والحصول علي تعويض عادل علي أساس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم194 بتاريخ11 ديسمبر1948'.

 

وكما يقول الخبراء القانونيون فأن الارتقاء بالمكانة التي تحتلها فلسطين في الأمم المتحدة من مكانة كيان مراقب إلي مكانة دولة غير عضو, يعني فتح المجال أمام الفلسطينيين في الدخول في العديد من المؤسسات الدولية المخصصة لانضمام الدول, إضافة إلي اللجوء إلي العديد من أدوات القانون الدولي التي تخدم النضال الفلسطيني في مواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية, وأن تستخدم قرارات الجمعية العامة كأدوات ضغط علي مجلس الأمن في مراحل لاحقة من أجل البت إيجابا في طلب العضوية بل ان أكبر مايقلق إسرائيل من أنضمام فلسطين كدولة للأمم المتحدة وليس مجرد مراقب هو أنها ستكون انذاك قادرة علي إبرام التحالفات والأتفاقيات الثنائية مع الدول الأخري بما فيها التحالفات العسكرية رغم استمرار احتلال أراضيها.