خبر الانقسام على الأمم المتحدة .. حسام كنفاني

الساعة 08:17 ص|18 سبتمبر 2011

من المؤسف أن يُحدث توجه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة هذا الحال من التشرذم الفلسطيني، بعدما حسمت حركة “حماس” خيارها وأعلنت رفضها خيار الرئيس محمود عبّاس . ورغم أن الخطوة قد تكون عقيمة، إلا أنها المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الإجماع والحماسة الوطنية في الداخل الفلسطيني، الذي كان منقاداً إلى التفاوض بغير إرادته . الشارع أراد الخروج من حالة المراوحة التفاوضية والدخول في خط مواجهة سياسية جديدة، أمنتها إلى حد ما خطوة التوجه إلى الأمم المتحدة، ولاسيما بعدما نجحت في استنفار الدبلوماسية العالمية و”الإسرائيلية”، إضافة إلى الاستنفار الأمني لقوات الاحتلال في الضفة الغربية .

الخطوة كان من المفترض أن تحظى بالتفاف كامل من الفصائل الفلسطينية، على اعتبار أنها “خيار أخير” في مواجهة التعنت التفاوضي من قبل أمريكا و”إسرائيل” . غير أنه بدلاً من ذلك، دخلت في باب المناكفات الداخلية، مع إعلان “حماس” معارضتها، وإطلاق جملة من الشبهات حولها، إضافة إلى منعها أي تحرك شعبي مساند في قطاع غزّة .

مثل هذا الأمر لا شك سينعكس سلباً على الخطوة الفلسطينية، شعبياً وسياسياً، فبدل أن تكون الخطوة موحّدة وجامعة، ها هي تصبح عنواناً جديداً للانقسام . وبالتالي فإن كلمة محمود عبّاس في الأمم المتحدة يوم الجمعة المقبل لن تكون معبرة عن “الشعب الفلسطيني عامة”، طالما أن هناك من اختار أن يقول إن هذه الخطوة لا تعبّر عنه بأي شكل من الأشكال .

قد تكون لحماس أسبابها وغاياتها، وأولها الضغط على أبو مازن لتطبيق اتفاق المصالحة، لا سيما أنها كانت عبرت عن دعمها للخطوة، وذلك حين اعتلى رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، المنبر في القاهرة ليعلن إعطاء فرصة للخيار السياسي، أي خيار محمود عباس في الأمم المتحدة، طالما أن لا خيار سياسياً آخر.

الحماسة الفلسطينية للخطوة غير مسبوقة، حتى إن الشعب يدرك أن هناك انعكاسات قد تؤثر مباشرة في معيشته اليومية، ولا سيما في حال جرى تطبيق تهديدات قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، وهو ما بدأ ينعكس أزمة في الرواتب على صعيد موظفي الدولة . غير أن ذلك لم يدفع الموظفين، حتى في ظل حركتهم النقابية للمطالبة بالرواتب، إلى الانقلاب على خطوة التوجه إلى الأمم المتحدة .

كانت الأجواء إلى الأمس القريب في الأراضي الفلسطينية مبشرة، غير أن الانقسام الذي ظهر مع موقف “حماس” الأخير سيفسد حال الإجماع هذا، ويعطي المعارضين الدوليين لقرار محمود عباس فرصة للإشارة إلى أن عباس لا يمثل الشعب الفلسطيني بأطيافه كاملة .

الخطوة الفلسطينية في المنظمة الدولية قد لا تكون الخيار الأمثل، ولا تؤمن الجدوى المطلوبة، غير أنها مناسبة للقول إن الفلسطينيين لديهم خيارات أخرى . لكن قرار "حماس" جاء ليزيد التأكيد أن الفلسطينيين لا يزالون غير موحدين حول أي من الخيارات.