خبر أوروبا والدولة الفلسطينية... عبد الزهرة الركابي

الساعة 08:15 ص|18 سبتمبر 2011

من ضمن الحملات الدبلوماسية التي قامت بها الدولة الصهيونية في الفترة الأخيرة، قيام رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بجولة في الدول الأوروبية، بغرض كسب تأييدها وحضها على معارضة الخطوة الفلسطينية المتعلقة بطلب إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، وكانت جولته هذه تنصب على تشكيل أكثرية نوعية في مواجهة الأكثرية التلقائية التي أبدت ضمناً تأييدها للفلسطينيين عند تقديم طلبهم في الأمم المتحدة، كما لا نغفل عن أن نتنياهو سوف يرسل مجموعة من الوزراء والناطقين باسمه إلى نيويورك لمتابعة جهود جولته الأوروبية، وكذلك للتأثير في مواقف الدول المؤيدة مسبقاً للخطوة الفلسطينية واحتوائها.

ولو أمعنّا النظر بالموقف الأوروبي حيال الطلب الفلسطيني المرتقب، لرأينا أن هناك مواقف وليس موقفاً موحداً، حيث مازالت المواقف الأوروبية يسودها الغموض والوسطية والتردد والسلبية وعدم الحسم والانتظار، على الرغم من أن الفترة الأخيرة شهدت اجتماعات فلسطينية- أوروبية على مستويات عدة، بهدف بحث واستطلاع الموقف الأوروبي بالنسبة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بيد أن الردود الأوروبية جاءت متفاوتة ما بين الاعتراف المشروط والمطالبة بالتريث انتظاراً لبلورة موقف أوروبي موحد من موضوع الاعتراف، في حين أعلنت مواقف أخرى عن تأييدها للموقف الأمريكي “الإسرائيلي” الرافض لدولة فلسطينية تُعلن خارج إطار المفاوضات.

وفي تفاصيل المواقف الأوروبية، فإن ألمانيا تقف موقفاً سلبياً من الدولة الفلسطينية، إذ هي تجدد موقفها المؤيد لقيام دولتين عبر المفاوضات كما هو موقف هولندا وإيطاليا، بينما فرنسا المترددة تحاول الوصول إلى موقف وسطي وذلك بإقناع الفلسطينيين بعضوية غير كاملة في الأمم المتحدة، ليكون موقفها وسطاً بين الدول المؤيدة مثل إسبانيا والبرتغال وإيرلندا وفنلندا وقبرص ومالطا وسلوفينيا، وأخرى متحفظة كما هي مواقف بعض دول أوروبا الشرقية.

هذا التردد أيضاً يغلف مواقف بريطانيا وبلجيكا والدنمارك، وعلى العموم فلا يوجد حل قاطع لدى دول الاتحاد الأوروبي كما تقول كاثرين أشتون مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خلال لقائها الأخير مع محمود عباس في القاهرة الذي تناول البحث عن إمكانية الاتفاق على صيغة تمنع أي احتكاك أو مواجهة في الأمم المتحدة، وتسمح بأن تمر تلك الدورة القادمة من دون أي اشتباك سياسي وفقاً لتصريح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي .

من الواضح أن الفلسطينيين و”الإسرائيليين” على السواء، يجدون أوروبا هي ساحة الصراع الأولى في شأن الدولة الفلسطينية لما تمثله هذه القارة من ثقل نوعي في المحافل الدولية، وهذا ما يُفسر قيام المسؤولين الفلسطينيين و”الإسرائيليين” بزيارات إلى دول هذه القارة في الفترة الأخيرة على مستويات عدة، ومن ضمنها زيارات محمود عباس ونتنياهو، أملاً من كل جانب في كسب تأييد دولها التي بدت منقسمة المواقف في هذا الشأن.

فالفلسطينيون يعتقدون أن جهود أمريكا في إقناع الدولة الصهيونية باستئناف مفاوضات السلام وفق مرجعية حدود عام 1967 قد أخفقت، الأمر الذي يعول عليه الفلسطينيون في إقناع هذه الدول بتأييد الطلب الفلسطيني، في حين يرى “الإسرائيليون” أن احتواء الخطوة الفلسطينية عبر الساحة الأوروبية، هو الأمل الذي يعوض انحسار الهيبة الأمريكية في المحافل الدولية .

وعلى كل حال، أفادت مصادر دبلوماسية مسؤولة في الأمم المتحدة أخيراً، أن الاتحاد الأوروبي قدم مقترحاً مشروطاً للفلسطينيين من أجل ضمان تصويت الأكثرية الساحقة من الدول الأوروبية لمصلحة الطلب الفلسطيني، إذا ما أعطيت الدولة الفلسطينية صفة دولة مراقبة أو دولة غير عضو في الأمم المتحدة، بشرط توافر ثلاثة شروط: أولها عدم توجه الفلسطينيين إلى مجلس الأمن عبر مشروع قرار لطلب العضوية الكاملة، سبق أن تعهدت أمريكا بإحباطه بوساطة (الفيتو) . وثانيها عدم تضمين القرار الذي يُقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، طلباً مباشراً للدول الأعضاء بالاعتراف بدولة فلسطين، بينما الشرط الثالث يتمثل في أن يأخذ مشروع القرار في الاعتبار عنصرين أساسيين هما التجاوب العادل مع ما قامت به السلطة الفلسطينية من بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية باعتراف وتقدير البنك الدولي، وتأكيد مركزية الحوار المباشر للتوصل إلى حل يتم التفاوض عليه.

وبات من المرجح أن يتوجه الفلسطينيون إلى الجمعية العامة مباشرة بدلاً من التوقف عند مجلس الأمن، لعلمهم أن “الفيتو” الأمريكي سيكون بانتظارهم، ومن الممكن في المستقبل العودة مرة أخرى إلى الأمم المتحدة لرفع مستوى تمثيل فلسطين من دولة مراقبة إلى دولة كاملة العضوية، حتى إن محمود عباس قال في هذا الصدد، عندما يتم الاعتراف بنا كدولة نصبح دولة واقعة تحت احتلال دولة عضوة في الأمم المتحدة ونتفاوض مع “إسرائيل” كدولة