خبر خطوة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.. هاشم عبد العزيز

الساعة 08:13 ص|18 سبتمبر 2011

هل كان “الفيتو” الأمريكي الحاضر في “تجنيب” الفلسطينيين عن سعيهم إلى الحصول على اعتراف بدولتهم كاملة العضوية في الأمم المتحدة بحدود ،1967 أم أنه كانت هناك محاولات حثيثة ل”تجنّب” الولايات المتحدة الذهاب إلى استخدام الفيتو في مواجهة طلب الفلسطينيين الحصول على اعتراف بدولتهم بكامل استحقاقاتها في الأمم المتحدة؟ أم أن بين هذا وذاك كانت هناك “صفقة” لتسوية ما جرى من مواجهات دبلوماسية وإعلامية في شأن هذه القضية المفترض أن تكون حاضرة في أعمال الدورة الاعتيادية الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة؟

لساعات بدت طويلة وفي أجواء ضبابية خيمت على أعمال لجنة متابعة المبادرة العربية وحتى اللحظات الأخيرة من أعمال الدورة 132 للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، كانت هذه الأسئلة مصحوبة بالاحتمالات والتوقعات المختلفة والكثيرة حاضرة، وهي على أي حال لم تتبدد على إثر الإعلان “التوفيقي” الذي قام على قاعدة كامل الدعم العربي للفلسطينيين في توجههم طلب العضوية الكاملة لدولتهم في الأمم المتحدة بحدود عام ،1967 وربط هذه الموقف باستمرار المفاوضات الفلسطينية - “الإسرائيلية”، كما تردد في وسائط إعلامية .

هذه العملية، إذا ما تمت، تكون فلسطينياً قاصرة على تحسين شروط التفاوض لا أن تكون خطوة في مسار تحميل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره المسؤولية إزاء الاحتلال الصهيوني وتبعاته خلال العقود المنصرمة، وجرائمه ضد الإنسانية ورفضه وتجاهله قرارات ومواثيق الشرعية الدولية من جهة، ومن جهة ثانية في ظل الظروف والموازين القائمة حيث لا يمكن تحسين شروط التفاوض دون تأكيد أن عشرات السنين مضت، وكانت في إجمالها تؤكد الفشل الذريع لما سمي التسوية السلمية .

من بين أبرز أسباب الفشل، الانفراد الأمريكي وازدواجية المعايير التي قامت على دعم وحماية الكيان الصهيوني، مقابل الضغط والابتزاز على الفلسطينيين لحملهم على التخلي عن حقوقهم وفرض الأمر القائم على الاحتلال، وأن هذا الوضع لن يتغيّر لمجرد وعود أو حتى تعهدات أوروبية لأن التحرك الأوروبي في هذه اللحظة قام على إبقاء الإمساك بالحلقة الأمريكية، التي قد تشهد اتساعاً، لكنها تبقي على الفلسطينيين خاصة والعرب عامة وهذه المنطقة المهمة، ترضخ للابتزاز والقهر في محاولة مستميتة لإعادة وضع العربة أمام الحصان ومن ثم الحديث عن مسيرة .

في توجههم إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بدولتهم، كان أمام الفلسطينيين خيارات عدة، من ذلك أن يطلبوا من الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تحث الدول الأعضاء على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967 وخاصة بعد هذه العقود من فشل التسوية وإنهاء الاحتلال، واتباع الاحتلال سياسة مناهضة للسلام واستهدافه لحقوق ووجود الشعب الفلسطيني، ومن ذلك الاستيطان المتواصل في الأراضي الفلسطينية، أو أن يطلب الفلسطينيون من الجمعية العامة تغيير وضع بعثتهم في الأمم المتحدة من وضع مراقب إلى وضع دولة مراقب، أو أن يطلبوا من الجمعية العامة قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة بحدود عام 1967 .

الفلسطينيون، ومنذ البداية، أعلنوا الخيار الثالث الذي يفترض تقديم طلب العضوية للأمين العام للأمم المتحدة الذي بدوره يرفعه إلى مجلس الأمن ويقدم نسخة منة إلى الجمعية العامة التي يجب أن تتسلم توصية من لجنة يشكلها مجلس الأمن لمناقشة الطلب، وبمقتضى ميثاق الأمم المتحدة فإنه يجب “أن توضح التوصية أسباب القبول أو الرفض بالتفصيل، وللجمعية العامة أن تعود إلى مجلس الأمن في حالة التوصية برفض طلب العضوية وتطلب منه مراجعة التوصية للتحقق من صحة أسباب الرفض” .

والقرار يتخذ في هذا الشأن بالاستناد إلى قرار محكمة العدل الدولية الذي ينص على أنه “في حالة دراسة طلب العضوية الذي تتقدم به أي دولة للأمين العام للأمم المتحدة يتعين على مجلس الأمن ألا يأخذ في الاعتبار سوى العوامل المحددة في ميثاق الأمم المتحدة مثل ضرورة أن تكون الدولة طالبة العضوية محبة للسلام وراغبة وقادرة على تنفيذ الالتزامات الدولية المترتبة على العضوية” .

في ضوء هذا يكون إقدام الولايات المتحدة على استخدام حق النقض ضد الطلب الفلسطيني بالاعتماد على أن ضم الدولة الفلسطينية لا يجوز إلا من خلال مفاوضات فلسطينية مع “إسرائيل”، أو النظر إلى الطلب الفلسطيني باعتباره إجراءً من جانب واحد، يكون تصرفاً مناقضاً لقرار محكمة العدل الدولية في ما يتعلق بمعايير دراسة طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة.

وفي حال حدث النقض الأمريكي، فإن أمام الفلسطينيين مجال الحصول على حق العضوية لدولتهم من الجمعية العامة للأمم المتحدة من دون موافقة مجلس الأمن، لأن ميثاق الأمم المتحدة لم يحدد ضرورة أن تكون توصية مجلس الأمن بالموافقة لكي تقرر الجمعية العمومية قبول الطلب الفلسطيني أو غيره.

وإذا كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة لم يسبق لها اتخاذ مثل هذا القرار بالنسبة إلى طلب العضوية، إلا أنها كانت اتخذت ما هو أخطر حينما قررت قيام “إسرائيل” ومن ثم اعترفت بها في مايو/أيار 1949.

الخطوة القائمة فلسطينياً مهمة، صحيح أنها تأخرت عقوداً مديدة وأمامها عقبات كبيرة، لأن ما جرى صهيونياً واستعمارياً استهدف تصفية القضية الفلسطينية، إلا أنها الآن لا تشهد بداية إعادة اعتبار في عالمنا وحسب، بل تصير قضية دولية، والخيارات متاحة باتجاه العضوية كاملة الاستحقاق في الأمم المتحدة للدولة الفلسطينية بحدود ،1967 بما عليه وضعها القائم كدولة تحت الاحتلال وبما يترتب هذا على الكيان الصهيوني من التزامات يفرضها القانون الدولي والمواثيق المعترف بها من مسؤوليات وواجبات على دولة الاحتلال، وهذا ما حاولت وتحاول الولايات المتحدة و”إسرائيل” عدم حدوثه، لأن هذا يشكل تغييراً جذرياً لما جرى خلال عقود من اختطاف هذه الحقيقة والإمعان في طمس جرائم الاحتلال بتبرئة المجرم وإدانة الضحية.