خبر دعوة صهيونية لمعاقبة تركيا .. فايز رشيد

الساعة 11:55 ص|17 سبتمبر 2011

بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها تركيا ضد “إسرائيل” بعد نشر تحقيق “لجنة بالمر” الدولية تقريرها المنحاز جملة وتفصيلاً للكيان عن الهجوم على “أسطول الحرية” وتحديداً على السفينة مرمرة، ورفض الدولة الصهيونية الاعتذار لتركيا عن هذا الاعتداء الهجمي والقرصني البربري، تتزايد الدعوات في “إسرائيل” لمعاقبة تركيا، في جملة من الإجراءات التي سيتم اتخاذها قريباً في “تل أبيب".

لقد أصدرت وزارة الخارجية “الإسرائيلية” بياناً (الجمعة 9 سبتمبر/ أيلول الحالي)، حذرت فيه “الإسرائيليين” ممن خدموا أو يخدمون في جيش الاحتلال “الإسرائيلي” من التوجه إلى تركيا حتى إشعار آخر، بدعوى وجود توجهات لدى الأتراك للتحقيق معهم واعتقال بعضهم . بالطبع وزارة الخارجية يرأسها الفاشي ليبرمان الذي تحمّله أوساط “إسرائيلية” كثيرة دون غيره مسؤولية تدهور العلاقات التركية  “الإسرائيلية”، لرفضه أن تقدم حكومة نتنياهو أي اعتذار لتركيا . الصحافة “الإسرائيلية” بمختلف اتجاهاتها تعكس أنباءً مفادها، أن ليبرمان هو الذي يتزعم حملة معاقبة تركيا.

بدايةً، من الضرورة بمكان التوضيح، بأن نتنياهو لا يختلف كثيراً عن وزير خارجيته، فالاثنان هما من غلاة المتطرفين “الإسرائيليين”، ولا فرق بين حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو و”حزب إسرائيل بيتنا” برئاسة ليبرمان إلا في بعض الرتوش الصغيرة التي لا تطال الجوهر، فالحزبان يمتلكان الرؤيا نفسها للتسوية مع الفلسطينيين أو مع العرب، وهما يعتقدان أنه لا يجوز التعامل معهم إلا من خلال منظار القوة، وكلاهما ينطلق في تعامله السياسي من خلفية العنجهية والغرور والصلف والعنصرية والاستعلاء والنظرة الدونية لكل الآخرين . لكل ذلك فإن(حملة معاقبة تركيا) هي بتوجيه من رئيس الوزراء أولاً وأخيراً، وبالطبع تُلاقي صدىً كبيراً لدى ليبرمان، ولدى كل أطراف الائتلاف الحكومي الحاكم في “تل أبيب” . إبعاد هذه الحملة عن نتنياهو يأتي لاعتبارات سياسية ليس إلا، ولإضفاء نوع من المرونة على رئيس الوزراء، ولترك الباب موارباً أمام الجهود، وبخاصة الأمريكية والغربية منها التي انزعجت كثيراً من التدهور في العلاقات التركية  “الإسرائيلية”، لذا ستحاول هذه الجهود ما استطاعت إعادة الحرارة ودفء العلاقة بين البلدين تركيا و”إسرائيل".

دعوة وزارة الخارجية “الإسرائيلية” للجنود ممن خدموا في المناطق المحتلة للامتناع عن زيارة تركيا، هي أيضاً دعوة موجهة لكافة “الإسرائيليين” الراغبين في زيارة المعالم السياحية التركية، وبخاصة في فصل الصيف .وفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت” (الجمعة 9 سبتمبر/أيلول الحالي)، فإن ليبرمان سيعمل على ملاحقة أردوغان أمام القضاء الدولي، بمساعدة منظمات دولية لها علاقات ب”إسرائيل” والحركة الصهيونية، بتهمة(انتهاك حقوق الإنسان) في تركيا، والطلب من السفارات “الإسرائيلية” في الخارج أن تفعل ما تستطيع في هذه القضية، والتبليغ عن أية انتهاكات لحقوق الأقليات في تركيا .

من ناحية أخرى، ووفقاً لمصادر “إسرائيلية” عديدة، فإن “إسرائيل” ستعمل على مد الخيوط مع أرمينيا، بهدف مطالبة العالم بالاعتراف ب(مجزرة الأرمن) التي ذهب ضحيتها وفقاً للراوية الأرمنية، مليون أرمني على أيدي الأتراك، وستسعى “إسرائيل” مع أرمينيا إلى إعادة فتح هذا الملف من جديد، بهدف معاقبة تركيا . من المعروف أن هذا الملف ترفعه الجالية الأرمنية في الولايات المتحدة، وسبق لها أن تقدمت للكونغرس الأمريكي بطلب للاعتراف بهذه المجزرة، لكن الولايات المتحدة وفي سبيل تحسين علاقاتها مع تركيا (التي هددت الولايات المتحدة بقطع العلاقات الدبلوماسية معها إن اتخذ الكونغرس قراراً)، طوت هذا الملف من خلال الضغط على الجالية الأمريكية من أصول أرمنية بتأجيل البحث فيه.

الجبهة الأخرى التي تنوي “إسرائيل” فتحها على تركيا هي الجبهة الكردية، من خلال التعاون مع الأقلية الكردية في شرقي تركيا، فبعض هذه الأحزاب الكردية مازال يمارس عمليات عسكرية ضد السلطات التركية بين الفينة والأخرى، الأمر الذي يسبب إزعاجاً كبيراً لتركيا .من المعروف أيضاً، على هذا الصعيد وباعتراف الصحف ووسائل الإعلام “الإسرائيلية” كافة، وجود علاقات متينة بين "إسرائيل" من جهة وبين الأكراد في شمالي العراق، وهذه العلاقات تتضمن وجود خبراء “إسرائيليين” في منطقة الحكم الذاتي الكردية، على مستويات عديدة: عسكرية واقتصادية في مختلف المجالات، وتعاون استخباراتي، عدا ضباط "إسرائيليين" (لهم خبرة في قمع الاحتجاجات الشعبية) عملوا تحت لواء القوات الأمريكية الاحتلالية للعراق.

وتشير الأنباء الصحيفة “الإسرائيلية” إلى أنه في الفترة القريبة المقبلة، ستعقد لقاءات علنية بين ليبرمان ورؤساء التنظيم السري  الكردي في أوروبا، بهدف “التعاون معهم والحرص على تعزيزهم في كل المستويات، العسكرية: تدريبات وتزويد بالسلاح وغيره” . و”إسرائيل” أيضاً أكثر من منزعجة من تصريحات أردوغان الأخيرة عن “أن تركيا ستكون حازمة ومتمسكة بأحقية مراقبة المياه الإقليمية في شرقي البحر المتوسط” وعن “حماية عسكرية للسفن التي ستحمل إمدادات للمحاصرين في قطاع غزة”. دان ميريدور الوزير “الإسرائيلي” المكلف الاستخبارات وصف هذه التصريحات بأنها “خطرة وجدية”.

“إسرائيل” قد تستغل أيضاً فترة البرود الحالي التي تمر بها العلاقات التركية  السورية، والتركية الإيرانية، يبقى القول، إن الدولة الصهيونية انطبعت على التآمر على الدول كافة، حتى على من تعدّهم حلفاء استراتيجيين لها، فكيف بتآمرها على دولة تمر علاقاتها بها بأزمة كبيرة؟ من جانب ثانٍ فإن كل ما تخططه “إسرائيل” ليس قدراً، فتركيا تعرف كيفية الرد على “إسرائيل” وإحباط مؤامراتها في مهدها.