خبر سيسمون هذا ديمقراطية -يديعوت

الساعة 09:07 ص|14 سبتمبر 2011

سيسمون هذا ديمقراطية -يديعوت

بقلم: امنون شاموش

أنا آخر من يستخف بالدول العربية وثقافتها، لكنني ايضا آخر من يخطيء في الأوهام التي أصبحت تصفعنا على وجوهنا وقد تُعرض وجودنا للخطر. وباعتباري مغروس القدمين بصورة قوية واحدة في الشرق واخرى في الغرب، وباعتبار أن قلبي في الشرق ورأسي في الغرب، وباعتباري تعلمت أن أتفهم وأعرف العالمين – أريد أن أُحذر من الوهم الغربي والاسرائيلي، أن العالم العربي متجه صوب الديمقراطية. في أحسن الحالات ستؤسس في الدول العربية على أثر ثورة 2011، نظم حكم فردية برلمانية، تختلف جدا عن الديمقراطية البريطانية أو الفرنسية أو الامريكية، وذلك بعد شهور وربما سنين من الاضطراب والاختلاط.

ستستمر الثورة العربية على رفع الأمواج، والأمواج كما تعلمون تتحطم على الشاطيء، من غير أن يُفحص في أي قارة هي وأي أبناء دين يعيشون من ورائها. ليس حكم الفرد بالضرورة ديكتاتورية. فحكم الفرد ديكتاتورية حينما يسلك سلوكا استبداديا وطغيانيا فقط ويظلم الشعب بمشاركة أصحاب المال ولصوص المال. وسلطان الفرد الحكيم يكف جماح الأقوياء ويساعد الضعفاء ويوجد كهؤلاء (روزفلت: "لا تحاكموني بحسب ما فعلت من اجل الأقوياء بل بحسب ما فعلت من اجل الضعفاء"). وهو يلتف ببرلمان منتخب ويحظى بصفة ديمقراطية.

لم يكن حسين ديكتاتورا ولا أبوه ولا ابنه ايضا، فلهم زيادة تجميلية هي المجلس أي برلمان، وهذا يجعله يحظى هو وأشباهه بهبات سخية من قوى الغرب المحبة للديمقراطية. وبقي في المغرب وفي العربية السعودية وفي دول الخليج ايضا حكام أفراد "محسنون لشعوبهم" مقبولون عند الغرب.

في أكثر البلدان المسلمة، ومنها العربية، يوجد وكان وسيكون نظم حكم فردية برلمانية. وليس الحكام الأفراد الملوك وحدهم هم الذين يورثون أبناءهم السلطة. وقد كانت وستكون ايضا ديكتاتوريات وتعمل في مواجهتها الثورة التي بدأت هذه السنة. إن من سيفرض عليها انتخابات ديمقراطية حقا سيحصل على نظام حكم اسلامي ديني متطرف كما حدث في الجزائر وغزة. فقد انتخبت حماس بانتخابات ديمقراطية حرة. ومن يعتقد ان الامريكيين نجحوا في انشاء عراق ديمقراطي يُثر ضحكا في العالم العربي، وليس في افغانستان وباكستان ايضا ولن يكون ديمقراطية.

فضلت ثقافة الاسلام دائما حاكما فردا حكيما جيدا قويا حازما. إن التواءات الديمقراطية الغربية، مثل وضع اوباما بين الجمهوريين والديمقراطيين، أو تعلق اليونان المطلق بالمانيا الممولة – يبدو في نظرهم سيركا غير جدي، وكذلك ايضا جهود بيبي للحفاظ على ائتلاف ومخاوفه من ليبرمان والمستوطنين.

إن الايمان بحكم الفرد أساسه في الديانة الاسلامية، وهو يؤثر ايضا في العلمانيين منهم. إن الايمان بملك الملوك يهبط بالتدريج الى ايمان بملوك وبرؤساء القبائل ورؤساء العائلات ورأس العائلة الأبوي. وليس حكم الفرد المستنير سيئا بالضرورة للغرب أو سيئا لليهود، حتى عندما تكون الاستنارة بين قوسين مزدوجين.

تصر وسائل الاعلام العالمية والاسرائيلية على أن تسمي ما حدث هذا العالم في الدول العربية "الربيع العربي". ومن المثير أن نعلم أين وجدت الربيع – أفي حرارة الصحراء الليبية مع ضحاياها العشرين ألفا؟ أفي الصيف السوري، مع آلاف الاخوان المسلمين القتلى في حماة؟ أفي اليمن؟ حتى القاهرة التي كانت ربيعية في الربيع تزداد حماسة وهوجا في أواخر الصيف ولا أحد يعلم من سيحكمها وينجح في إطعام جائعيها الثمانين مليونا. أصبحت الثورة الثقافية في ميدان التحرير عنيفة هوجاء على أثر الجوع الذي ينبع من شلل السياحة، التي غذت اقتصاد البلاد. وفي هذه الاثناء يُعبر عن "الربيع" هناك بظهور الحاكم المخلوع منقولا في سرير مرضى الى المحكمة.

تنتظر مصر رئيسا، لا رئيس حكومة مع ائتلاف ومعارضة. لا يوجد "ربيع عربي". توجد ثورة عربية. وحتى لو استعملت الثورة الكلمة المسحوقة ديمقراطية، فستصل بعد سنين من الاضطراب، بعون الله ونبيه الى حكم فرد يُمكّن من انتخابات "حرة" للبرلمان، بأمل أن يلائم البرلمان المنتخب نفسه للحاكم وإلا فانه سيُفض وتحدث انتخابات جديدة "ديمقراطية".

لا يمكن تغليب الديمقراطية من الخارج بالقوة، لا بالتصريحات ولا بالاغراءات المالية ولا بمجموعة من القاذفات واحتلال "تحريري"، بيقين. يمكن أن يحرز في الأكثر انتخابات حرة لبرلمانات مطيعة خاضعة للحاكم الفرد.

إن عددا من مستشرقينا المختصين يرون الاسود والابيض فقط: إما الحكم المستبد وإما الديمقراطية. أيها الحكماء إحذروا في كلامكم. واحترسوا من أوهامكم. فالكراهية تعمي عيون الأذكياء. أحكموا على ما يحدث حولكم وكأنه يحدث عندكم في الداخل.