خبر بلا شرم وبلا سلام -هآرتس

الساعة 08:54 ص|13 سبتمبر 2011

بلا شرم وبلا سلام -هآرتس

بقلم: موشيه آرنس

(المضمون: لا يتعجب الكاتب من عداوة الشعب المصري لاسرائيل لأن السلام الذي تم بين مصر واسرائيل كان سلاما مع نظام استبدادي سقط ولم يعد موجودا - المصدر).

        مهما يكن الامر أكان الحريق الذي حرق شيكاغو، أو العاصفة الثلجية القوية التي غطت منهاتن أو الزلزال في سان فرانسيسكو – يمكن دائما القاء التهمة على ميم كما غنت ريتا هيفرت في فيلمها الشهير "غيلدا". وسواء كانت التصريحات المدوية المعادية لاسرائيل لرئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان، أو الانتقاد الذي لا داعي له على السياسة الاسرائيلية الذي وجهه وزير الدفاع الامريكي السابق روبرت غيتس – يمكن دائما القاء التهمة على بيبي – بحسب كلام رئيسة المعارضة تسيبي لفني ووسائل الاعلام المنحازة الى اليسار. وقد لا يمر وقت طويل حتى يوضع على بابه تمزيق علم اسرائيل واختراق الجمهور المتطرف الى السفارة في القاهرة.

        لم يكن يجب على الاسرائيليين أن يقرأوا استنتاجات لجنة الامم المتحدة التي حققت في قضية "مرمرة"، ليعلموا انه كان لاسرائيل الحق الكامل بفرض حصار على قطاع غزة والسيطرة على السفينة التركية التي حاولت الوصول اليه. وبرغم موافقة حكومة تركيا على انشاء اللجنة وبرغم انه عُين في اعضائها ممثل تركي، رفض اردوغان استنتاجاتها مع توجيه الشتائم الى اسرائيل وتهديدها بعقوبات شديدة اذا لم تعتذر فورا.

        سُمعت في اسرائيل حقا اصوات زعمت انه يجب عليها الاعتذار مع الشعار الذي لا معنى له "لا تكن عادلا وكن حكيما". وهذه الاصوات تجد عيبا في أن بنيامين نتنياهو لم يحن رأسه ازاء انذار اردوغان. كان اعتذار من هذا القبيل سيثير الفخر عند اردوغان لأنه نجح في أن يُركع اسرائيل لكنه ما كان ليحدث أي تغيير في السياسة المعادية لاسرائيل التي تبناها قبل قضية "مرمرة" بوقت طويل.

        كان تحسين العلاقات بين تركيا واسرائيل في السنين الاخيرة مهما لاسرائيل لكنه لم يكن أقل أهمية بالنسبة لتركيا. فقد أحدثت التقنية الامنية الاسرائيلية تحديثا مهما للجيش التركي. واردوغان يعتقد بلا شك ان تركيا قد أحرزت من هذه العلاقات كل ما كانت تحتاج اليه وأن اظهار العداوة لاسرائيل سيساعدها على محاولة احتلال قيادة العالم الاسلامي. وفي هذه الاثناء لا يجدر بنا ان ننتظر في نفاد صبر اعتذارا تركيا عن الجرائم على الأرمن أو الاكراد.

        وفيما يتعلق بروبرت غيتس، وزير دفاع الولايات المتحدة السابق – فانه لم يُعد قط في الصف الطويل من الزعماء الامريكيين – ومنهم رونالد ريغان وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش والكسندر هيغ وجورج شولتس – الذين أجلّوا اسرائيل لجرأتها وقدرتها على الصمود، واعتقدوا ان الولايات المتحدة تكسب من العلاقات بين الدولتين شيئا لا يقل عما تكسب اسرائيل.

        ينتمي غيتس الى حلقة امريكية ضيقة ترى اسرائيل دولة صغيرة تنجح في أن تحرز من امريكا أكثر مما يسوغ وزنها الحقيقي وأنه يجب عليها أن تكون معترفة بالجميل ومطيعة. وهذا جذر انتقاده على رئيس حكومة اسرائيل الذي سُرب الى وسائل الاعلام عمدا. يصعب أن نصدق انه يوجد اسرائيليون يهتفون لكلامه. قد لا يكون للكرامة الوطنية قيمة كبيرة في أيامنا لكن ما يزال يوجد لها مكان في الروح العامة الوطنية في اسرائيل وفي الولايات المتحدة.

        إن الذين تابعوا الأحداث في ميدان التحرير لا يجب أن يفاجئهم جدا منظر المتظاهرين الذين مزقوا علم اسرائيل. إن ما أسميناه "السلام البارد" مع مصر كان تسوية مع نظام حكم استبدادي لا مع الشعب المصري. والآن وقد اختفى ذلك النظام، من ذا يعلم ماذا سيكون مصير الاتفاق؟ كان موشيه ديان هو الذي صدر عنه لحينه الجملة البائسة التالية: "شرم الشيخ بلا سلام أفضل من سلام بلا شرم الشيخ". وقد نبقى في المستقبل ايضا بلا شرم الشيخ وبلا سلام مع مصر.