خبر بداية التسونامي- معاريف

الساعة 08:01 ص|11 سبتمبر 2011

بداية التسونامي- معاريف

بقلم: بن كاسبيت

 (المضمون: عندما تجري مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، وتكون الاجواء طيبة، عندما تكون الروح ايجابية، تكون مكانة اسرائيل متينة، الشارع العربي هادىء نسبيا. يمكن ادارة سياسة، توجد مساحة عمل، بل حتى يمكن مكافحة من يمس بنا بحزم - المصدر).

        ذات مرة عندما كان "مواطنا قلقا"، جلس بنيامين نتنياهو مع أحد ما واستعرض أمامه الوضع الجغرافي – الاستراتيجي لاسرائيل في المنطقة. "اذا ما سمعت ذات مرة بان العلاقات بيننا وبين تركيا تدهورت"، قال نتنياهو لمحادثه، "ستعرف أننا في مشكلة عويصة". مرت بضع سنوات منذئذ. العلاقات بين اسرائيل وتركيا ليس لها الى أين تتدهور أكثر. والان يتبين أن مصر أيضا، الحليف الهام الاخير لنا في المحيط، تترنح وتنهار أمام الجموع.

        نتنياهو، الان، لم يعد "مواطنا قلقا". فهو رئيس الوزراء. المواطنون القلقون هم نحن. اسرائيل تدخل الى أيلول (الذي سيحدث في تشرين) بدون تركيا، تقريبا بدون مصر، حين يكون الاردن مشلولا من الرعب، اوروبا معادية في معظمها وأمريكا تكاد تكون غير مكترثة. صورة اسرائيل في العالم في أسفل الدرك، حملة منفلتة العقال من نزع الشرعية تجتاح شواطئها، والاسوأ، الاخيار من اصدقائها يفقدون الاهتمام. من الصعب ايجاد زعيم لم يحذر نتنياهو ووزرائه في السنة الاخيرة من التسونامي المقترب، ولكن دون جدوى. الان، عندما يصل هذا، وعندما تقع المشاكل بوفرة، فان الاوان يكون قد فات. غير قليل من أصدقاء اسرائيل في الماضي يقولون لانفسهم (أو لنا) في الاسابيع الاخيرة أنه "حان الوقت لان تأكلوا ما طبختم".

        في موعد ما في سياق الشهر، ربما في بداية الشهر التالي، يعتزم رئيس الوزراء نتنياهو الصعود الى منصة الخطابة هنا أو في أي مكان آخر لاطلاق نداء منفعل الى تسيبي لفني للانضمام الى حكومة طوارىء وطنية. وهو سيتحدث من دم قلبه. هذا سيكون التوجه الحقيقي الاول له، منذ شكل الحكومة. هذه خطة عمله. بعد أن أعد الطبخة، بعد أن قاد الدولة نحو الهاوية، بعد أن فضل الانجرار حتى المنتهى بدلا من أن يتخذ قرارا أو أن يعرض خطة، وجد الحل. حكومة طوارىء. ينبغي ان نصلي ونأمل في أن تكون للفني ما يكفي من القوة كي ترفض (إذ أنها محوطة بانتهازيين مستعدون لان يبيعوا جدتهم من أجل أودي 6).

        اسرائيل لن تخرب، هذه الدولة أقوى من مجموع زعمائها، المعارضة ستؤيد خطوات الحكومة في لحظات الطوارىء الحقيقية، ولكن حان الوقت لان نجيز في اختبار الواقع مذهبين متعارضين نتمزق بينهما منذ سنوات جيل. وصلنا الى مفترق "T". لا يمكن أن نستمر الى الامام، ويجب الالتفات. إما يمينا أو يسارا.

        ما هما المذهبان الفكريان؟ الاول يمكنه افيغدور ليبرمان الذي همس أمس في القناة 2 كقط يتمطى في شمس الظهيرة، كله ابتسام وفرح. من لم يمتدح ليبرمان هناك. حتى أنه مدح نتنياهو. قبل يوم من ذلك أطلق قنبلة ذرية اخرى من ترسانته التي لا تنتهي، عبر العنوان الرئيس في "يديعوت" حين أعلن كيف تعتزم اسرائيل "معالجة" تركيا العاقة (تبني التنظيم السري الكردي، مثلا). وهو لا يزال يصفي حسابات، وجموع المصريين يكادون يفتكون بحراس السفارة في القاهرة. ليبرمان فهم، على الاقل لمساء واحد، قيود القوة. عقيدة "طهران، أسوان، عمان وباكستان" أخلت المنطقة في هذه الاثناء، وايفات لبس للحظة قناع نوع من يوسي بيلين مع لحية ولهجة روسية. "سنعزز اتفاق السلام مع مصر"، صرح. "ليس كل ما يحصل في الشرق الاوسط هو بسببنا"، قال.

        أما نتنياهو، في خطابه للامة، فقد مجد "الحلف الاستراتيجي" بين اسرائيل والولايات المتحدة الحيوي جدا لوجودنا. وهو يتعلق، نتنياهو، بمساعدة الامريكيين في انقاذ الحراس في القاهرة (ما يمكن لكل ادارة أن تفعله في كل وضع). ونسي أن أول أمس قال عنه وزير الدفاع الامريكي المنصرف بانه "ناكر للجميل وخطير على مصالح اسرائيل الحيوية".

        مذهب ليبرمان الفكري يقول على النحو التالي: العرب ذات العرب، البحر ذات البحر، لا يوجد مع من وحول ماذا يمكن الحديث. يجب التطلع الى الفوضى المطلقة، حرب جوج وماجوج، يجب أن نطير من هنا أبو مازن وسلام فياض في صالح حماس، نعم – نعم، حماس، لتسيطر هي على المنطقة، وليفهم العالم مع من نتعامل، وعندما يشتعل كل شيء، وعندما يخرب كل شيء، سيكون ممكنا، تحت رعاية الدخان الكثيف، اجراء نظام جديد هنا. هم هناك، نحن هنا. أأقول لكم شيئا؟ يحتمل أن يكون ايفات محقا. يحتمل أن يكون هذا سينجح. أو لا. هل نتنياهو شريك في هذا المذهب الفكري؟ لا. فهو يخيفه. الشجاعة السياسية ليست جانبه القوي. ولكنه أسير فيه.

        المذهب الفكري الثاني هو على النحو التالي: الشرعية الدولية، تأييد الاسرة العالمية وبالاساس اوروبا وأمريكا – هي الذخر الاستراتيجي الاساس لاسرائيل. بدونها ستصبح دولة منبوذة وستنتهي مثل جنوب افريقيا. وبالتالي، يجب ادارة مفاوضات سياسية. يجب أن نفهم بان صيغة كلينتون هي الحل الوحيد، وان نعرضها، بأطياف مختلفة، كخطة اسرائيلية. يجب السماح للفلسطينيين بان يكونوا هم الطرف الرافض. محظور على اسرائيل أن تتخذ مثل هذه الصورة (مثلما يحصل اليوم). عندما تجري مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، وتكون الاجواء طيبة، عندما تكون الروح ايجابية، تكون مكانة اسرائيل متينة، الشارع العربي هادىء نسبيا. يمكن ادارة سياسة، توجد مساحة عمل، بل حتى يمكن مكافحة من يمس بنا بحزم (انظر اولمرت في "لبنان الثانية" وفي "رصاص مصبوب").

        بنيامين نتنياهو، في السنتين والنصف السابقة، تردد وتذبذب وقرر وندم، ولكن في النهاية اختار الالتفات يمينا في المفترق. هناك نحن نقف اليوم. اذا اجتزنا تشرين بسلام، اذا تحطمت أمواج التسونامي على شواطئنا وانسحبت عائدة الى البحر، اذا صمد الاقتصاد والعالم فهم، اذا كان وضعنا أفضل في السنة القادمة مما كان في السنة الماضية، عندها نضرب التحية، فهذا سيكون المذهب المنتصر. اما اذا كان لا؟ فعندها سيظهر أننا اخطأنا. وعلى الاخطاء تُدفع الاثمان.