خبر خريف الغضب يضرب العلاقات المصرية الإسرائيلية في العمق

الساعة 06:45 ص|11 سبتمبر 2011

محللون: الشعب المصري أصبح متغيرا رئيسيا في العلاقة بين البلدين

فلسطين اليوم-وكالات

بعد ثلاثين عاما من العلاقات السياسية المستقرة بين القاهرة وتل أبيب، أدى اشتعال الأحداث وتسارعها في الأسبوعين الأخيرين إلى دخول العلاقة بينهما في نفق مظلم، جراء مقتل ستة جنود مصريين على الحدود بين البلدين وما تبعه أولا بإسقاط علم "إسرائيل" من أعلى سفارتها بالقاهرة ثم اقتحام حرم السفارة الإسرائيلية من قبل المتظاهرين الغاضبين والتعدي على أوراق خاصة بأرشيفها.

وعلى مدار حكم الرئيس المصري مبارك، تميزت العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل بالاستقرار، وتجاوز الطرفان أحداثا جساما كان أكثرها تكرارا هو تعدد مقتل الجنود المصريين على نقاط الحدود المشتركة بالرصاص "الإسرائيلي" وهو ما كان، في غالب الأحوال، يمر مرور الكرام.

لكن بعد ستة أشهر من ثورة 25 يناير ورحيل الرئيس السابق مبارك عن سدة الحكم، والذي تعتبره إسرائيل كنزا استراتيجيا، تغيرت مفردات ومتغيرات المشهد السياسي بين البلدين. فالرأي العام المصري، الذي بدا غاضبا بشكل كبير، أصبح يلعب دورا مؤثرا في السياسة الخارجية المصرية حتى إذا لم تتجاوب معه قرارات الحكومة المصرية بخصوص الأزمة بالشكل المطلوب. لكن مصدرا دبلوماسيا، رفض الكشف عن اسمه، قال: «إن المجلس العسكري حريص على الحفاظ على العلاقات السياسية بين البلدين رغم كل هذا الغضب».

ويعتقد السفير السيد أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، أن حادث اقتحام السفارة المصرية يعد تطورا واضحا في مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية، وقال شلبي لـ«الشرق الأوسط»: «الحادث أظهر الشعور الشعبي العميق بالعداء والكراهية تجاه إسرائيل، كما أظهر أن الحكومة المصرية تنتهج أقصى درجات ضبط النفس وتجنب التوتر بين البلدين».

ويعتقد شلبي أن مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين سيتوقف أساسا على ما ستفرزه العملية الديمقراطية في مصر ومدى سيطرة التيار الإسلامي على البرلمان؛ حيث قال: «التيار الإسلامي سيلعب دورا في وضع قيود وضغوط على تطور العلاقة». وأضاف: «كما ستلعب شخصية الرئيس القادم دورا كبيرا في توجيه بوصلة العلاقة بين القاهرة وتل أبيب».

ويرى شلبي أن إجلاء السفير الإسرائيلي من القاهرة مساء الجمعة لا يعد قرارا بسحبه حتى اللحظة، مضيفا أنه ليس من مصلحة إسرائيل تصعيد الموقف بشأن قيام الحكومة المصرية بحماية حرمة بعثتها الدبلوماسية في القاهرة.

وهو ما أكده متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن السفير الإسرائيلي سيعود إلى القاهرة بعد أن يتم ضمان أمنه، مشددا على أن إسرائيل ومصر تعملان للحفاظ على معاهدة السلام الموقعة بينهما عام 1979، وهي المعاهدة التي تعد الإطار القانوني للعلاقات المصرية الإسرائيلية وتتعرض بين الفينة والأخرى لدعاوى مصرية غاضبة تنادي بتعديلها.

من جهته، أكد الدكتور مصطفى أبو الخير، أستاذ القانون الدولي العام، أن الحكومة المصرية التزمت بأحكام القانون الدولي فيما يتعلق بواقعة اقتحام السفارة الإسرائيلية، مؤكدا أنه لا توجد مسؤولية قانونية ضدها، ولا تعتبر مخالفة للاتفاقيات المنظمة للعلاقات الدبلوماسية.

وقال أبو الخير إن مصر دولة في حالة ثورة، وطبقا للقانون الدولي فإن الثورات من «الحالات القاهرة» التي ينتج عنها التخفيف من الالتزامات القانونية الدولية، حيث تكون الأمور فيها خارجة عن سيطرة الحكومة، وهو ما ينفي عن مصر تهمة التراخي في حماية مباني البعثة.. مشيرا إلى أن استقراء الأحداث يكشف أن السلطات المصرية بذلت كل ما في وسعها لحماية السفارة، حيث قامت ببناء جدار عازل حول السفارة، لحمايتها من المتظاهرين والمعتصمين حولها، وهو ما يدل على التزام مصر بالمواثيق الدولية.

من جانبه، يعتقد السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصري السابق والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أن العلاقات بين البلدين لا يمكن إصلاحها إلا إذا أدخلت إسرائيل الشعب المصري فيها كمتغير رئيسي.

وقال الأشعل لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أبدا أن تستمر العلاقة على حالها السابق، كما لا يمكن أن تكون طبيعية في ظل وجود حكومة خانعة وشعب ثائر».

ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة الأميركية تلعب دورا مؤثرا في الوقت الحالي لتجنب انهيار العلاقات المصرية الإسرائيلية، ومن المعتقد أن تكون واشنطن قد لعبت دورا بارزا في إثناء القاهرة عن سحب سفيرها في مطلع أزمة مقتل جنودها الستة على الحدود، وهي تحاول الآن تحاشي أي توتر في العلاقة بين القاهرة وتل أبيب قد يؤدي إلى صدام غير محسوب.