خبر سفير مصر لدي فلسطين: شهداء الحدود غيروا خطط « إسرائيل »

الساعة 05:53 م|10 سبتمبر 2011

سفير مصر لدي فلسطين: شهداء الحدود غيروا خطط "إسرائيل"

فلسطين اليوم-الوفد المصرية-حاوره: محمد عادل

قضيت عشرة أيام في غزة، كان السفير المصري الدكتور ياسر عثمان لدي السلطة الفلسطينية يتابعني بالتليفون من رام الله، حتى عدت إلي مصر منذ أكثر من شهر إلا أن الأحداث أصبحت أكثر سخونة، بعد استشهاد رجال الامن المصريين علي الحدود، وقصف غزة، وحملة التطهير التي يقوم بها الجيش في سيناء لمنع العناصر الإرهابية والاجرامية، ووضع خطط لتنمية شمال سيناء، فانتهزت فرصة وجود السفير في مصر لقضاء إجازة العيد ووضعت على مائدته العديد من التساؤلات فكان هذا الحوار:

< كيف تري الدبلوماسية المصرية بعد ثورة يناير؟

- طرأت علي الدبلوماسية المصرية بعد ثورة 52 يناير تغيرات جذرية أعلن عنها وزير الخارجية حيث أصبح ملف رعاية وخدمة مصالح المصريين بالخارج له الأولوية القصوي بالنسبة للدبلوماسية المصرية ويشكل محور الاهتمام الأبرز في حركة الدبلوماسية المصرية علي الصعيد الخارجي وفي إطار علاقتها مع دول العالم المختلفة.

< بالأرقام كم عدد الجالية المصرية في فلسطين؟

- الجالية المصرية في الأراضي الفلسطينية، فهي في غالبيتها العظمي متواجدة في قطاع غزة حيث لا يوجد بالضفة سوي عدد محدود لا يزيد على 100 مواطن، أما في قطاع غزة فالجالية المصرية تتكون في معظمها من مواطنات مصريات متزوجات من فلسطينيين وهن مستقرات في غزة منذ عشرات السنيين ويشكلون جزءا من نسيج المجتمع الغزاوي وتتراوح أعدادهن ما بين 2000 و 4000 مواطنة ومن الصعب تحديد العدد الدقيق لهن نظرا لحركة السفر الدائمة لهن عبر الحدود كذلك لعدم وجود تمثيل مقيم للسفارة بغزة بسبب حالة الانقسام الفلسطينية وبالطبع تعاني هذه الجالية نفس المشاكل والصعوبات التي تواجه قطاع غزة.

< أصبحت متخصصاً في الشئون الفلسطينية فأنت كنت في الممثلية المصرية بقطاع غزة في الفترة من 1998 إلي 2002، ومدير إدارة فلسطين بالخارجية حتي عام 2009، ثم عينت سفيرا من يونيو 2009، فما هو دور الدبلوماسية للاعتراف بدولة فلسطين نهاية الشهر الحالي؟

- يشكل خيار الذهاب إلي الأمم المتحدة نقلة نوعية مهمة للقضية الفلسطينية نظرا لأنه يعيد تفعيل دور المجتمع الدولي لحل هذه القضية بشكل عادل الأمر الذي يصب في مصلحة الطرف الفلسطيني، وأكبر دليل علي مدي أهمية هذا الخيار هو قياس مدي انزعاج وتخوف إسرائيل منه لأنها تعتبر هذا الخيار محاولة لضرب شرعيتها.

< ماذا عن موقف مصر من إقامة الدولة الفلسطينية؟

- تؤيد مصر خيار الذهاب إلي الأمم المتحدة وتقف بكل ثقلها وإمكاناتها الدبلوماسية وراء القيادة الفلسطينية لإنجاح هذا المسعي، فوزير الخارجية يبذل جهدا كبيرا في هذا الصدد علي جميع الأصعدة ومن خلال اتصالاته مع جميع التجمعات والدول وذلك بتنسيق كامل مع القيادة الفلسطينية وجامعة الدول العربية، حيث إن خيار الأمم المتحدة هو بحق «نزال دبلوماسي» يخوضه الجانب الفلسطيني ومعه الدول العربية وعلي رأسها مصر في مواجهة إسرائيل بهدف إقرار الحقوق الفلسطينية الثابتة، وكل المؤشرات تشير إلي وجود آمال كبيرة لنجاح هذا التوجه.

< ما التحدي الحقيقي الذي يواجه القضية الفلسطينية؟

- التحدي الحقيقي الذي يواجه القضية الفلسطينية هو استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي تهدف الي التهام الضفة الغربية والاستيلاء علي القدس وحصر الشعب الفلسطيني في كانتونات معزولة ضعيفة الترابط الجغرافي وغير متواصلة مع القدس، فالمشروع الاحتلالي الاسرائيلي يركز علي الضفة الغربية وفي قلبها القدس باعتبارها المساحة المؤهلة لإقامة الدولة الفلسطينية عليها (مساحتها حوالي 6500 كم2 في حين أن مساحة قطاع غزة حوالي 365 كم 2 فقط) كذلك يركز الاحتلال علي الاستيلاء علي القدس لأنها رمز وصلب  القضية فبدون القدس لا مجال للقبول بأية تسويات وبمعني آخر فنحن في سباق مع الزمن لمنع إسرائيل من إجهاض مشروع أقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود الرابع من يونيو 76 وعاصمتها القدس.

< ما هي الجهود التي تقوم بها مصر لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟

- يتركز الجهد المصري حاليا في إطار سياسته الداعمة لاستعادة الحقوق الفلسطينية علي بذل كافة الجهود لإنجاح مشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود 76 ودعم القيادة الفلسطينية والرئيس عباس لتحقيق هذا الهدف، والعمل علي إنقاذ القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ودعم صمود الشعب الفلسطيني علي أرضه، فك الحصار عن قطاع غزة وتثبيت التهدئة بهدف منع عدوان جديد علي غزة، تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة الفلسطينية والعمل علي وجود ترابط جغرافي وسياسي واقتصادي بين الضفة وغزة.

< كيف تري الانقسام الفلسطيني (حماس تسيطر علي قطاع غزة وفتح علي الضفة الغربية)؟

- الانقسام الفلسطيني لا يقل خطورة عن الاحتلال بل هو يعطي الفرصة للاحتلال لتنفيذ مخططاته ولذلك فيجب تحقيق الوحدة الفلسطينية بشكل سريع خاصة أنها تشكل أساس كسر الحصار عن قطاع غزة وستؤدي إلي حل الكثير من المشاكل وإعادة إعمار غزة بالتالي فإن هناك مسئولية كبيرة تقع علي عاتق الجانب الفلسطيني بشأن سرعة تنفيذ اتفاق المصالحة.

< وماذا عن الجهود المصرية للمصالحة؟

- الجهود  المصرية فيما يتعلق بملف المصالحة الفلسطينية مستمرة، فالسياسة المصرية بعد الثورة قد حققت انجازا كبيرا بالتوصل إلي أتفاق المصالحة وهي مستمرة بتصميم والتزام أصيل في رعاية تنفيذ اتفاق المصالحة، ورغم وجود عدد من المشاكل الحقيقة التي تعترض عملية تنفيذ الاتفاق، فالأطراف مازالت بحاجة لمزيد من الوقت والجهد لحلها، ومصر لديها أمل كبير في استعادة الوحدة الفلسطينية خاصة أن هناك إرادة ملموسة لدي كافة الأطراف لتحقيق هذا الهدف ، وهناك إيمان مشترك بأن التناقض الرئيسي يظل مع الاحتلال الاسرائيلي.

< ثورة الغضب في الشارع المصري بسبب سقوط شهداء قوات الأمن المصري في سيناء بسبب العدوان الإسرائيلي ساهمت في تراجع إسرائيل عن العدوان علي قطاع غزة كيف تري ذلك؟

- مصر بذلت بالفعل جهودا كبيرة لتثبيت التهدئة بقطاع غزة ومنع عدوان جديد علي القطاع في أعقاب عملية إيلات، فالاتصالات المصرية مع الفصائل الفلسطينية والقيادة الفلسطينية وجميع الأطراف الدولية الفاعلة كذلك مع إسرائيل كان لها أثر كبير في نزع فتيل الأزمة كما أن الرأي العام المصري أيضا كان له دور محوري في هذا الشأن حيث إن حالة الغضب والاستياء التي كانت تسود الشارع المصري والحكومة المصرية بسبب سقوط شهداء قوات الأمن المصرية في سيناء أدت الي قيام إسرائيل بمراجعة نواياها وخططها باتجاه قطاع غزة كما أن الرسالة القوية التي وجهتها مصر إلي إسرائيل برفض المساس بالسيادة والحدود المصرية وبقوات الأمن المصرية كان لها أثر رادع.

< كيف تري مصر لقطاع غزة خاصة في ظل الاتهام بتصدير الإرهاب لمصر؟

- مصر بعد الثورة تري في قطاع غزة رصيدا وبعدا وذخرا استراتيجيا لمصر يجب العمل علي تعميقه وتقويته بالإضافة إلي أن العلاقات التاريخية والتواصل العائلي والقبلي بين مصر وقطاع غزة تجعل للقطاع وضعية خاصة، وتنظر مصر إلي غزة باعتبارها جزءاً من الدولة الفلسطينية القادمة.

< وماذا عن مستقبل قطاع غزة؟

- مستقبل القطاع في تواصله مع الضفة وتشكيله معها لوحدة سياسية وجغرافية واقتصادية، ومصر تعمل علي منع أي عدوان شامل علي غزة كما تعمل علي فك الحصار عن قطاع غزة وقد قامت بعد الثورة بفتح معبر رفح كما تقوم بإدخال المواد الطبية من خلاله كما تقوم بالضغط علي إسرائيل لضمان دخول البضائع والمواد اللازمة للقطاع فضلا عن عدم قيام مصر بالمس بحركة المواد الأولوية الداخلة إلي غزة..  فبشكل عام وللدلالة علي أهمية غزة بالنسبة لمصر فإنه يمكن القول إن نجاح خطة تنمية شمال سيناء يعتمد علي استقرار الأوضاع في غزة وفك الحصار عنها وتنفيذ اتفاق المصالحة.

< معبر رفح مشكلة معقدة  ما السبيل إلي حل هذه المشكلة؟

- توجد بعض المشاكل التي تعتري آلية عمل معبر رفح كما توجد شكاوي من الجانب الفلسطيني حول بعض النقاط.. إلا انه يجب وضع ذلك كله في إطار  الوضع الأمني الدقيق بمنطقة شمال سيناء، وعلي الرغم من الوضع الأمني، فإن مصر التزمت بالإبقاء علي المعبر مفتوحا متحملة بذلك مسئوليات أمنية ولوجيستية كبيرة كذلك وعدت مصر بتسهيلات إضافية حال توفر الظروف الملائمة لذلك وهو أمر يحسب لمصر. كما أن لمصر مسئوليات تجاه قطاع غزة فإن أيضا للجانب الفلسطيني بالقطاع مسئوليات والتزامات تجاه مصر، فضبط الحدود من الجانب الفلسطيني ومنع انطلاق أية نشاطات ضارة بالأمن القومي المصري من غزة تعد من الضرورات الأساسية لأية علاقة متوازنة وصحية خاصة أن التحديات مشتركة.

< ما القضية الجوهرية في فلسطين والتي تطلب توافقاً عربياً وإسلامياً حولها؟

أعتقد أن القضية الأبرز حاليا هي القدس والتي يجب إعطاؤها الأولوية وعدم السماح بتنفيذ المخطط الإسرائيلي فيها، فالقدس محاصرة ويتم التهامها بشكل مبرمج ومستمر مما يهدد كل مقدساتنا وعلي قمتها المسجد الأقصي، الأمر الذي يجعل هذه القضية تحتاج للدعم العربي والإسلامي العاجل، وفي هذا الصدد فإن السفارة المصرية في فلسطين تضع هذه القضية على أولوية عملها وتحركها.