خبر أسير محرر يروي تفاصيل عذاب الأسرى ويكشف عن وثيقة جديدة للأسرى

الساعة 02:41 م|06 سبتمبر 2011

أسير محرر يروي تفاصيل عذاب الأسرى ويكشف عن وثيقة جديدة للأسرى

فلسطين اليوم: غزة – "وفا"

كشف الأسير المحرر يزيد الحويحي أن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بصدد إصدار وثيقة خاصة بتعزيز اتفاق القاهرة بين فتح وحماس لإنهاء الانقسام.

وقال الحويحي (49 عاما) إن عيون الأسرى تتطلع إلى تنفيذ المصالحة في أسرع وقت وسيشاركون في ترجمة اتفاق القاهرة (مايو 2011) من الورق إلى أرض الواقع.

وشدد على دور الأسرى في المصالحة سيما وأنهم أصحاب الفضل في وثيقة الوفاق الوطني التي خرجت عنهم بجانب أنهم ليسوا أقل حرصا على الوحدة الوطنية المنشودة من غيرهم.

وحول أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قال الحويحي إن الممارسات الإسرائيلية الهمجية ضد الأسرى الفلسطينيين في تصاعد مستمر ويتخللها أساليب سادية تكشف عن نفسيات ينتابها المرض تتعامل مع الأسرى سواء كانوا في فترة التحقيق أو المحكومين.

وقال الحويحي وهو أحد كوادر حركة 'فتح' في قطاع غزة، إنه في فترة التحقيق قضى 70 يوما موثق الأطراف وجالسا على كرسي ولا يُسمح له بمغادرته إلا عند نقله للمحكمة وأوقات قليلة للحمام وأحيانا للطعام وما أشبه ذلك.

'بقيت 4 أيام متتالية وسجان إسرائيلي يمنعني من الغفو إلى أن فقدت توازني وهذا هو هدفهم' قال الحويحي، وأضاف: 'الهدف هو فقدان التوازن كي اعترف بحوالي 9000 معلومة خاطئة جمعوها عني، ولم أعترف بشيء لأنني لا أعترف على أشياء لا أعلمها.'

وأشار الحويحي، الذي كان منهمكا في استقبال المهنئين بالإفراج، إلى أن المعتقلين يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب البدني من الشبح (ربط الأيدي في السقف) والوقوف أو الجلوس لأيام طوال والضرب المبرح، والجلوس جلسة 'القرفصاء' دون أن يلمس ظهر الأسير أي جدار أو أي ساتر وغيرها من ألوان التعذيب.

وفيما يتعلق بالتعذيب النفسي قال: 'إن هناك أساليب عديدة يمارسها السجانون الإسرائيليون ووفق سياسة مرسومة لتحطيم الروح المعنوية المرتفعة للمعتقلين'.

وأوضح أن إشارة المحقق الإسرائيلي لأهل أو لزوجة أو لأم الأسير بأي شكل من الأشكال يُعتبر ضغطا نفسيا لا يستطيع أحد إنكاره. مشيرا الى أن الكثير من السجانين الإسرائيليين يهددون الأسرى بسجن أو الاعتداء على أمهاتهم أو زوجاتهم أو أخواتهم.

وأضاف أن تعرية السجناء باتت روتينا شبه يومي يمارسه السجانون الإسرائيليون بحق المعتقلين وهذا يشكل ضغطا نفسيا قاسيا على معنويات المعتقلين.

وحول التعري قال الحويحي: 'إنه يطال جميع المعتقلين سواء الذين تحت التحقيق أو المحكومين، حيث يقتحم السجانون غرف الأسرى ويأمرونهم بالخروج من الغرفة بحجة التفتيش ويقتادون أحدهم أو أكثر من واحد'.

وأضاف: 'الغرفة مساحتها 7مX3م مربع ويحتجز فيها 10 أسرى، يجبرون على التعري مرتين على الأقل بحجة التفتيش وفحص الشبابيك الفولاذية، ومن يرفض يتعرض لتعذيب قاس من شبح وعزل في زنزانة منفردة'، مبينا أن هذا الأسلوب ازداد بشكل مطرد في الأربع سنوات الأخيرة.

وذكر الحويحي أنه وخلال فترة اعتقاله كان السجانون الإسرائيليون (لمرات عديدة) يسلمونه مظاريف بريد (من الأهل) وعليها أختام بريد رسمية لكن بعد فتح المظروف يتفاجأ بأنه فارغ.

ولفت أن أسرى غزة لا يتلقون أية رسائل من عائلاتهم فضلا عن أن أهالي الأسرى في غزة ممنوعون من زيارة أهاليهم، مشيرا إلى أن حرمان أهالي الأسرى من زيارة أبنائهم أيضا هو أحد وجوه التعذيب النفسي سواء للأسير أو لأهله مشيرا إلى أنه منذ أيار 2007 لم ير أهله مطلقا ولم يتسلم منهم أية رسالة.

وأشار الحويحي إلى أن بطش السجان الإسرائيلي ليس له حدود ولا يتوانى في تنفيذ أي انتهاكات تصل إلى القتل كما حصل مع الأسير محمد الأشقر الذي استشهد في إطلاق نار مباشر من السجانين الإسرائيليين في تشرين الأول 2007 في سجن النقب الصحراوي.

وقال الباحث في سجون الأسرى عبد الناصر فروانة إن 198 أسيرا فلسطينيا استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.

وقضى الحويحي، وهو أب لثمانية من البنين والبنات، 5 سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي بتهمة الانتماء لحركة فتح وحظي بثلاث زيارات طوال الخمس سنوات. كما قضى خمس سنوات في أوائل التسعينيات بتهمة الانتماء لحركة فتح وقيادة مجموعات لمقاومة الاحتلال في انتفاضة 1987.

وتحت خيمة الاستقبال يجلس الحويحي وفي حضنه ابنته (دارين) التي لم تتعرف على والدها عند الإفراج عنه.

وقال إنه تم اعتقاله وعمرها 20 يوما وعند الإفراج نفرت منه ولم تقبل عليه. وأضاف: 'الآن أستقبل الضيوف ولا أفارقها، أجلسها على ساقي طوال الوقت وتنام عندي في السرير كي أعوضها عما فاتها من الحنان.'

وحول المحاكم الإسرائيلية قال الحويحي: 'إن هناك تغيرا واضحا وازديادا في الأحكام العالية ضد الأسرى الفلسطينيين: 'مثلا في الثمانينيات كان الأسير يُحاكم 10 سنوات على قضية ما، لكن نفس القضية الآن ربما يُحكم عليها 30 أو 40 عاما'.

وعزا ذلك لعدة أسباب على رأسها عنجهية وحقد الاحتلال على من يناكفه، 'ربما يريدون أن يكون الأسرى عبرة لغيرهم، وأيضا يحرصون حرصا شديدا على تكبيل كل مناضل أطول قدر من السنوات بجانب النظرة السادية للاحتلال أمام الآخر قال الحويحي'.

ولم يتردد الحويحي، أن يشير إلى ما أسماه بـ'التراخي' من المحامين أو من المؤسسة التي ترسلهم.

وقال بغضب: 'تشعر أن المحامي غير مهتم ويؤدي وظيفة فقط، تخيّل، أتتني محامية من وزارة الأسرى والمحررين وقالت لي أمك بخير وبتسلم عليك علما أن أمي متوفاة من 11 عاما'، مضيفا أنه في فترة توقيفه لم يزره محام من الوزارة لكن بعد فترة غير وجيزة زاره محام من مركز الميزان لحقوق الإنسان.

وأضاف: 'الأسير بلال ضمرة أمضى في السجن حتى الآن 23 عاما، زاره محام من وزارة الأسرى وخلال اللقاء سأله: أنت محكوم أم موقوف؟!'، مشيرا- والحديث للحويحي- أن هناك الكثير من هكذا أمثلة تضح الأسير في حالة من الإحباط والشعور باللاجدوى والوحدة.

'هناك امتيازات انتزعها الأسرى خلال مسيرتهم النضالية في السبعينيات والثمانينيات في السجون الإسرائيلية بإرادتهم الفذة مستخدمين سلاحي الجوع وتحدي السجان، لكن واضح أن هذه الامتيازات تم سحبها وبحاجة لمسيرة نضالية جديدة يقول الحويحي'.

وأضاف الأسرى ربما سيخوضون موجة إضرابات وصراعات جديدة لانتزاع حقوق لهم تتعلق بحياتهم اليومية مثل المطالبة باستكمال التعليم الجامعي وتحسين العلاج الطبي وأمور تتعلق بالنظافة، وضد التعري وللمطالبة بزيارات الأهل وجمع الأخوة أو الأقارب مع بعض وقائمة متطلبات طويلة جدا.

ولم تغب السياسة عن حديث الحويحي لـ'وفا' حيث أشار بشكل أساسي إلى الانقسام الذي ينتاب الشارع الفلسطيني منذ أربع سنوات ونيّف.

وقال: 'إن الانقسام انعكس بشكل قوي على الأسرى الفلسطينيين فيما بينهم حتى على الأسرى والسجانين الإسرائيليين'.

'كنت في جدال مع محقق إسرائيلي لأنني أصريت على أن منظومة الاحتلال بما فيها السجانون مجردون من الإنسانية، ففتح جهاز الحاسوب خاصته وأمرني أن أرى صورة الشهيد سميح المدهون، كيف قتلته حماس وسحبوا جثته ومثلوا به، ثم قال لي، من أكثر إنسانية؟ نحن أم أنتم؟.'

وأضاف الحويحي أن المحقق عرض عليه صورا كثيرة من هذا القبيل منهم صورة أمين سر حركة فتح في شمال غزة جمال أبو الجديان، لافتا إلى أن أسلوب 'الردح والمعايرة لم يتوقف' فلم يكف المحقق بالقول: 'كنا نحسدكم على علاقتكم الإنسانية بين بعضكم، لكن بعد الآن فلا، يجب أن تتعلموا منا'.

وأشار أن السجانين عملوا على تعزيز الفرقة بين الأسرى أنفسهم بعد الانقسام، فعزلوا أبناء غزة عن الضفة الغربية ورفضوا اجتماع الأخوين كمال وكامل شلوف، بيد أن محاولة بث الفرقة فشلت في سجن الرملة آنذاك سيما أن جل المعتقلين كانوا خليطا من الفصائل وذوي خبرة اعتقالي طويلة ومن كبار السن.

ونفذت حماس على غزة في يونيو 2007 انقلابا على السلطة الوطنية سيطرت فيه على المؤسسات الحكومية والتابعة لحركة فتح و 'م.ت.ف'، وسقط فيه مئات القتلى والجرحى.

ولم يخفِ الحويحي امتعاض الأسرى من تقزيم قضيتهم وحصرها في أسماء معدودة مشيرا إلى أنه ليس هناك أسير أفضل من أسير.

'فالجميع في بوتقة واحدة وتحت سوط جلاد واحد، لكن ليس من المنطق تغييب أسماء هامة مثل الأسير زاهر مقداد من بيت لحم (حُكم عليه 21 مؤبد و15 عاما)  وغيره من عمداء الأسرى الذين أمضوا ما يزيد عن 25 عاما في السجن ولا يذكرهم أحد' قال الحويحي.

ويشير الباحث عبد الناصر فروانة إلى إن زهاء 7000 أسير فلسطيني بينهم ( 283 ) طفلا و(35 ) أسيرة يقبعون في السجون الإسرائيلية.