خبر الجيش الاسرائيلي اخطأ- معاريف

الساعة 09:10 ص|04 سبتمبر 2011

 

الجيش الاسرائيلي اخطأ- معاريف

الدولة تدفع الثمن

بقلم: عوفر شيلح

 (المضمون: ما ينبغي أن يقلقنا بقدر لا يقل هو كيف وصلنا الى هذا الوضع. واليكم جواب لا يتجرأ احد على قوله: بسبب الكبرياء – ليس كبرياء اسرائيل، بل كبرياء جيشها - المصدر).

تدهور العلاقات مع تركيا هو ضرر استراتيجي لاسرائيل. فتركيا هي حليف طبيعي، بصفتها الديمقراطية المرتبطة باوروبا. كما أنها حيوية، لكونها الضلع الثاني في مثلث القوى العظمى غير العربية في المنطقة، الى جانب اسرائيل وايران، القطبين المعاديين الواحد للاخر في الشرق الاوسط. في القيادة السياسية والامنية لاسرائيل يعرفون جيدا كم من الامور الهامة والسرية مرت في المحور مع أنقرة في السنوات الماضية. صحيح ان اسرائيل ليست المذنبة الحصرية، وربما حتى ليست الاساسية، في هذا التدهور. كما أن التعليلات ضد الاعتذار تبدو لي بالتأكيد مقنعة. ولكن هذا لا يحل المشكلة. لعبة الاتهام والتبرير اصبحت السياسة الخارجية الوحيدة لاسرائيل في عصر ليبرمان – نتنياهو. والثمن الذي ندفعه اذا ما استمر هذا التدهور سيكون أكبر بكثير مما سيدفعه الاتراك، مع كل الاحترام للاعتقاد بان منظم الصفقات الاسرائيلي هو الذي يعيل اقتصاد دولة مع اكثر من 70 مليون نسمة.

        ما ينبغي أن يقلقنا بقدر لا يقل هو كيف وصلنا الى هذا الوضع. واليكم جواب لا يتجرأ احد على قوله: بسبب الكبرياء – ليس كبرياء اسرائيل، بل كبرياء جيشها. دوما من المريح الهجوم على السياسيين، ولكن الجيش الاسرائيلي بكل منظوماته، بالتعليمات وبالتخطيط وبالاقرار وبالقيادة هو الذي فكر ونفذ الخطة السيئة للسيطرة على مرمرة. هو الذي لم يفهم بان امامه ليست سفينة ينبغي ايقافها، بل مظاهرة مع امكانيات كامنة للعنف وان الامر الاهم هو احتوائها وتفريقها دون الوصول الى اصابات في الارواح، ضررها على اسرائيل اكبر بكثير من كل ما يمكن لمسافري مرمرة ان يفعلوه.

        الجيش الاسرائيلي هو الذي امتنع عن ان يجلب الى المكان وسائل غير قاتلة مناسبة، لم يجرِ مفاوضات حقيقية قبل محاولة السيطرة، والذي خطته البديلة في حالة عدم السماح لجنود الوحدة البحرية بالصعود الى الدكة من البحر، كانت انزال بعض المقاتلين على الحبال اليها. الجيش الاسرائيلي هو الذي قتل اشخاصا بشكل جعل لجنة بالمر، التي حتى في الساحة الاسرائيلية يعترفون بان تقريرها متوازن بل وايجابي لنا، وصفته بانه "غير مفسر وغير مبرر". الجيش، بالمناسبة، لم يعترف باي من هذه الاخطاء علنا، ولكنه يعرف جيدا بانه اخطأ. والدليل هو التخطيط بشكل معاكس تماما للاسطول الثاني، ذاك الذي احبط دون عنف منذ وقت غير بعيد.

        ولكن عندما يرتكب الجيش الاسرائيلي الاخطاء، فان الايغو الاسرائيلي يتحفز على ساقيه الخلفيتين. هذا يبدأ بانطواء التباكي حول المقاتلين، ابنائنا جميعا في أن من ينتقد الخطة والتنفيذ لا يحبهم، في ظل استخدام متهكم لمحبة الجنود للاختفاء خلفهم، ويتواصل هذا في التحقيقات المخلولة التي لا تستهدف الى اصلاح الاخطاء بل الى اخفاء العار، في ظل الادعاء بان كل شيء آخر هو ترك للمقاتلين لمصيرهم. لجنة بالمر تحدثت عن اناس اطلقت النار في ظهورهم؛ في الساحة السياسية لم يسمعوا أحدا تناول هذا الادعاء الذي يستدعي استيضاحا بسبب فكرة الجيش الاسرائيلي، وليس بسبب ما يعتقده العالم.

        ولما كان الجيش لا يخطىء ابدا، فانه يأتي البديل الثابت: توجيه اصبع الاتهام تجاه الاعلام الرسمي. نحن نفضل دوما التفكير بان عمليتنا على ما يرام، وبالتأكيد اذا كان ينفذها عصفور الروح العسكرية، وتكون المشكلة فقط في من شرحها. وهذا ينتهي بالاستبعاد التام للخيارات الدبلوماسية المناسبة، وذلك لانه في المكان الذي يحمى فيه كبرياء الجيش، لا توجد دبلوماسية.

        لن يخرج أي سياسي عن هذا الفهم بأي ثمن، لانه يوجد دوما في موقف دون حيال جهاز الامن المقدس. لن يتجرأ أي سياسي على أن يقول حتى ان الجيش قد اخفق، وبالتأكيد لن يطالب بان تشارك في المرة التالية منظومات اخرى في خطوة كهذه وليس الجيش وحده. بدلا من ذلك تتمترس اسرائيل على الفور في مواقع الدفاع، وليكن الضرر ما يكون. هكذا تتحول اخفاقات تكتيكية الى حروب عديمة الغاية، مثلما في لبنان الثانية، والاخطاء في التفكير والتخطيط الى أزمة دبلوماسية شديدة الضرر مع صديقة حيوية، حيث ليس واضحا حقا كيف يمكن اصلاحه.