خبر نهاية موسم الاحتجاج -يديعوت

الساعة 09:09 ص|04 سبتمبر 2011

نهاية موسم الاحتجاج -يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

الرقم السحري – 400 الف متظاهر – تحطم أمس، بعد 29 سنة من المظاهرة التي نالت هذا العنوان. مشكوك أنه كان في تلك المظاهرة 400 الف حقا، مشكوك انه كان في مظاهرة أمس 430 الفا بالتراكم، مثلما قدرت الشرطة. لندع لعبة الاعداد جانبا. ما رأيناه امس كان، بيقين، حدث الاحتجاج الاكبر الذي شهدته الدولة.

ميدان الدولة هو مساحة هائلة. وكمن سار أمس في طوله وفي عرضه يمكنني أن اشهد انه كان في داخله بقع فارغة. ولكن الشوارع التي تصب في الميدان كانت مليئة بالناس. واستمر التدفق اليه حتى بعد ان بدأ المهرجان. وفهمت أن تدفقا مماثلا في كان ميدان باريس في القدس، بجوار منزل رئيس الوزراء، وفي مدن اخرى.

موجة الاحتجاج بدأت في 14 تموز، مع الخيمة الاولى التي نصبت في جادة روتشيد واستمرت نحو خمسين يوما. الفرضية العامة هي أن مظاهرات أمس كانت احتفال النهاية للاحتجاج، الركض النهائي. هذا الصباح ستفكك الخيام. لن يكون أمر بالتفكيك، لن يكون قرار مرتب، ولكن مثل الكثير من الامور التي حصلت في أثناء هذا الصيف فان التفكيك سيحصل من تلقاء نفسه ايضا، وذلك لاننا جميعا نفهم، والجميع قد سبق ان فهموا، بان مرحلة الخيام انتهت.

نتنياهو لم يفهم مصادر الاحتجاج ومعانيه. وهو واثق انه لم يكن سوى مؤامرة ذكية من خصومه، تلاعب من محافل سياسية في اليسار او في الاوساط الاكاديمية. وقد افترض بان الناس الذين نزلوا في الخيام وخرجوا الى الشوارع لم يصوتوا لليكود ولن يصوتوا لليكود في المستقبل. ما أقلقه كان الملايين الذين بقوا في البيت، شاهدوا المتظاهرين وقالوا لحظة واحدة، هذا الاحتجاج يمثلني انا ايضا ويمثل ابنائي. هؤلاء هم المقترعون الذين كفيل نتنياهو بان يفقدهم. 

يخيل ان مصاعب الفهم تمتد على عرض كل الساحة السياسية، من شتاينتس وباراك وليبرمان ولفني والمتنافسين على رئاسة العمل وحتى الاحزاب الاصولية، مجلس يشع للمستوطنين والنواب العرب.

في الساحة السياسية فككوا الاحتجاج الى معايير مالية. بحثوا عن تعديلات سريعة في الميزانية بحيث لا تكلف الكثير من المال. استندوا الى لجنة البروفيسور تريختنبرغ التي ستعرف كيف ستفعل فعلا سحريا، فتستجيب للاحتجاج دون ان تغير أي شيء جوهري في السياسة الاجتماعية والاقتصادية للحكومة ودون أن تمس باطار الميزانية.

لم يفهموا لانهم لا يريدون أن يفهموا. فموجة الاحتجاج هي قيمية بقدر لا يقل عما هي اقتصادية. الشباب، ابناء الطبقة الوسطى، رأوا ما يحصل في المجتمع الاسرائيلي في السنوات الاخيرة وملوا ما رآوه. من جهة، اختنقوا تحت عبء غلاء المعيشة، تحت المصاعب الاقتصادية في العيش وفقا لتوقعاتهم. ومن جهة اخرى، رأوا نزعة الاستمتاع، النزعة الخنزيرية، تدفق اموال الضرائب التي يدفعونها نحو قطاعات طفيلية، سلم الاولويات المشوه، الذي يفضل بناء المستوطنات على اصلاح المجتمع والغنى السريع للمقربين من الصحن. اسرائيلهم اخذت تندحر جانبا وتقلصت، واسرائيل الاخرى احتلتها.

رئيس اتحاد الطلبة ايتسيك شمولي، تحدث في خطابه في تل أبيب عن الاسرائيليين الجدد الذين انكشفوا في الاحتجاج. وقد كان محقا ومخطئا: هؤلاء هم الاسرائيليون القدامى الذين ملوا من أن يحملوا على ظهورهم الاسرائيليين الاخرين. وهذا تجديد مبارك.

لقد احتقروا كل السياسيين، وذلك لانه حسب فهمهم كلهم يخونون الثقة التي اعطيت لهم، كلهم يركزون على مصلحتهم الخاصة وليس على مصلحة الدولة، ظاهرا، مثل هذا المزاج خطير على الديمقراطية، ولكن كل من زار الخيام وغطى المظاهرات اعلاميا يعرف بان مثل هذا الخطر لم يكن. هذا كان الاحتجاج الاكثر مصالحة الذي شهدته الدولة.

ولكن التغيير القيمي لم يكن ولن يكون. ليس في الكنيست الحالية وزعيم قادر على أن يقود نحو التضامن الاجتماعي، الذي يتجاوز القطاعات، لن يكون: ليس في الحكومة الحالية. الاسعار ستنخفض هنا وهناك. وهي تنخفض منذ الان بفضل الاحتجاج. ارباب المال استخلصوا الدروس، وتعلموا الحذر. التظاهر خرج عن الموضة، والتواضع عاد الى هناك. وعندما سيبلور تريختنبرغ توصياته فانها ستوفر اساسا للاصلاحات في سياسة الضرائب وتغييرات هامشية في سلم الاولويات. وهذا أكثر بكثير مما يمكن أن نتوقع.

اما الباقي فينتمي الى التيارات العميقة في المجتمع الاسرائيلي. الاحساس بالقوة الذي برز من الخيام والمظاهرات لن يختفي. وهو سيعود بصيغ اخرى، بأدوات اخرى. يمكن لنا أن نكون متفائلين: الخيام ستنطوي، ولكن هذا الصيف لم يضع هباءاً.