خبر أيلول أصبح هنا- إسرائيل اليوم

الساعة 11:05 ص|02 سبتمبر 2011

أيلول أصبح هنا- إسرائيل اليوم

بقلم: شلومو تسيزنا

جاء أيلول. الساعة لا تقف وكذلك ايضا أبو مازن الذي يجري الى الجمعية العامة للامم المتحدة ليعترفوا بدولة فلسطينية بعد عشرين يوما. تحدث كثيرون في هذا الشأن في الاشهر الاخيرة. وخلف فريق منهم مصكوكات لغوية لا تنسى. فقد قدر وزير الدفاع اهود باراك انه سيكون "تسونامي سياسي"، واضاف وزير الخارجية افيغدور ليبرمان قائلا "يخطط الفلسطينيون لعنف منظم لم نر مثله"

جلس رئيس الحكومة ليالي طويلة مع مستشاريه ومع حلقة وزراء الثمانية، ومع وزراء المجلس الوزاري المصغر السياسي الامني، ومع رؤساء اذرع الامن ومع ناسه. وكان القرار الذي اتخذه في نهاية الامر ان يعمل في اطار "الاحداث والردود". فلن يستقر الرأي على شيء قبل ان تحدث الامور في الوقت الحق في الميدان إما في نيويورك وإما في رام الله، او اذا شئتم "اذا فعلوا فسيتلقون".

في المباحثات الطويلة التي اجراها بنيامين نتنياهو تباحثوا في السؤال المبدئي هل يتوجه الفلسطينيون الى الامم المتحدة عن قرار استراتيجي أم عن شعور بأنه لا مناص. احد الامكانات ان الفلسطينيين معنيون جدا بمفاوضة اسرائيل لكنهم لانهم لم يحصلوا على العروض المناسبة توجهوا مضطرين الى الامم المتحدة. ورفض هذا الامكان لانه يبدو ضعيفا في ضوء مقترحات اهود اولمرت التي رفضها أبو مازن.

والامكان الثاني وهو الذي يسود في ديوان رئيس الحكومة وتقبله جهات التقدير المختلفة، يقضي بأن الفلسطينيين استقر رأيهم على ان التفاوض ليس خيارا. فبدل ان يدفعوا ثمنا للتفاوض وجدوا طريقا لوصول مكان لا يجب عليهم فيه ان يدفعوا شيئا وللحصول على الكثير جدا: فبالتوجه الى الامم المتحدة يستطيعون الحصول على اعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967 عاصمتها القدس. وينبع تمسك أبو مازن بهذا القرار ايضا من رغبته الشخصية في ان يستعيد بقرار الامم المتحدة التراث الذي خلفه. فهو معني ان يتم تذكره بأنه قاد الى انجاز قياسي والى اعتراف دولي واسع بدل ان يسجل بأنه زعيم انشقت في زمنه السلطة الفلسطينية الى دولتين.

بين دان مريدور عضو الثمانية الامور على النحو الآتي: "تلقى أبو مازن قبل ثلاث سنين اقتراحا هو في واقع الامر دولة فلسطينية كاملة المساحة كما طلب لكنه قال مهلا، أريد التفكير في هذا واختفى. ومنذ ذلك الحين غير الفلسطينيون الاستراتيجية فلم يعودوا يريدون تفاوضا بل ضغطا دوليا على اسرائيل. ويبلغ هذا الاجراء الاستنفاد في ايلول. وبعد ان تقرر الامم المتحدة الحدود لا أرى أي زعيم فلسطيني يوافق على ان يجيء شعبه بعد ذلك ويتخلى عما قد حصل عليه".

مستعدون لكل سيناريو

بعد ان تبين الموقف الاستراتيجي الفلسطيني، بدأوا يحللون المستويات المختلفة: الساحة الميدانية والساحة السياسية.

من الواضح انه في اليوم الذي يلي اعتراف الامم المتحدة سيستيقظون على الارض ولن يكون أي تغيير. والسؤال الكبير هو كيف سيرد الشارع الفلسطيني. أهذه صيغة اخرى يقود خلالها الزعماء شعبا الى شارع متوهم بلا مخرج وتنتهي اللعبة بلا شيء؟ أم ان التنظيم في الميدان سيكون بحيث يستغل جو ربيع الشعوب في الدول العربية وتحدث مظاهرات جماعية تقود الى مواجهات، وتلقي على اسرائيل أضواء وسائل الاعلام وتبدأ معركة جديدة طويلة؟ في المرحلة الاولى، اذرع الامن جميعها مستعدة للاسوأ. وكل تنظيم يتدرب في داخله – الجيش الاسرائيلي والشرطة و"الشباك" وقوات الانقاذ والمتحدثات الرسميات وغيرهم. وتنسق التنظيمات بينها العمل واسرائيل بحسب ما يقول مسؤول كبير في جهاز الامن مستعدة لكل سيناريو.

نقول بالمناسبة ان السيناريوهات التي أخذت في الحسبان تشتمل على مظاهرات ضخمة على الحدود وفي غزة ولبنان وسوريا. واستقر الرأي على ان يعالج الجيش الاسرائيلي الاحداث ويجند اذا اقتضت الحاجة قوات الاحتياط، في ضوء التطورات الميدانية. وتوجد في واقع الامر تقديرات الى هنا وهناك. وثمة كثيرون يعتقدون أننا لن نبلغ الى مواجهة عنيفة وان المظاهرات في المناطق لن تكون جماعية. "ان الخط الذي يوجهنا هو ان السيناريوهات لن توجد في النهاية. فالمواجهة آخر الامر هي مع سيناريو جديد غير متوقع لم يفكروا فيه. وهم يواجهونه بالفعل بأنهم يطبقون مواجهة مع عدد من السيناريوهات أخذت في الحسبان"، قال عنصر امني هذا الاسبوع. وتؤمن جهات تقدير بأن مظاهرات الشارع الفلسطيني متحكم فيها وبهذا يؤمنون في القدس ايضا. والسلطة الفلسطينية هي التي تستطيع اشعال الشارع وهي التي تستطيع ايضا وقف العنف.

يستطيع الفلسطينيون في ايلول ان يتوجهوا الى مجلس الامن ويطلبوا ان يقبلوا باعتبارهم دولة من النصاب، أو ان يتوجهوا الى الجمعية العامة للامم المتحدة فيتم الاعتراف بأنهم دولة ليست من النصاب. والفاتيكان اليوم هو بهذه المكانة وكانت سويسرا في الماضي بهذه المكانة. ولما كان من غير الواضح في مجلس الامن انه سيكون للفلسطينيين أكثرية ولان من الواضح ان الولايات المتحدة ستستعمل النقض، فمن الواضح انهم سيتوجهون الى الجمعية العامة للامم المتحدة. ان نحوا من 140 دولة ستؤيد فلسطين. ولبنان هذا الشهر هو الرئيس الدوري لمجلس الامن، وقطر هي رئيسة الجمعية العامة. وهاتان العضوان الصديقتان ستحركان العمل الاجرائي المطلوب من اجل أبو مازن.

دلت المباحثات في هذا الشأن في الميدان السياسي التي اجراها رئيس الحكومة على ان الفلسطينيين سيمضون قرارهم في الامم المتحدة بأكثرية كبيرة واضحة. فأكثر العالم سيؤيده ما عدا الولايات المتحدة وكندا واستراليا التي ستعارض تأييد مقترح الفلسطينيين. والقارة الاوروبية هي الوحيدة التي التصويت فيها منقسم فثمة ثلاث مجموعات: مجموعة كبيرة من دول تؤيد الخطوة الفلسطينية. ومجموعة صغيرة برئاسة المانيا ستعارض الاجراء الفلسطيني ومجموعة من دول ستمتنع عن التصويت. ولم تقرر بريطانيا وفرنسا وتريدان استغلال التردد كأداة للتأثير في الفلسطينيين ليغيروا صيغة القرار. ان هاتين الدولتين الودودتين لاسرائيل جدا تطلبان الى ابو مازن ان يضيف الى التصريح انه يعترف بدولة اسرائيل فاذا فعل فلن تعارضا اعتراف الامم المتحدة بفلسطين. بيد أن أبو مازن غير مستعد لهذا.

بين وزير الخارجية ليبرمان هذا الاسبوع لكاترين آشتون المسؤولة عن العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي، ان اسرائيل لن توافق على أية صفقة ولن تجري حوارا في اي صيغة تقدم للامم المتحدة، فانه يجب بالنسبة لاسرائيل وقف الاجراء الفلسطيني اليوم وإلا فان التأثيرات ستكون شديدة وبخاصة التأثيرات في المسيرة السلمية وفي امكانية ان يتم احراز تسوية ما في المستقبل.

لن نكون اول من يطلق النار

يؤمن رئيس الحكومة ووزراؤه الكبار بأن قرار الامم المتحدة لن يؤثر في عزلة اسرائيل في الساحة السياسية. ولن تغير أية دولة ايضا مكانة العلاقات باسرائيل على أثر تغيير مكانة الفلسطينيين في الامم المتحدة.

أين يستطيع الاعتراف في الامم المتحدة ان يغير ميزان القوى بما يسوء اسرائيل؟ في ساحتين: الاولى، حينما تأخذ منظمات معادية لاسرائيل تعمل أصلا على اسرائيل في تقديم عقوبات ومقاطعات، حينما تأخذ هذا القرار وتحاول التأثير به. "هناك الخطر الرئيس"، كما قدر هذا الاسبوع يعقوب عميدرور، رئيس مجلس الامن القومي، في حديث مغلق. فنشاط تلك المنظمات قد يفضي الى اعمال (مثل الدفع قدما بقطيعة اكاديمية مع اسرائيل، أو رفض منظمة مختصة حط بضاعة اسرائيلية في هذا الميناء أو ذاك)، لكنه يستطيع في الاساس ان يحدث دافعا قد يبعث "محبي صهيون" آخرين على العمل المضاد لاسرائيل، على نحو خلاق. ويزعمون في القدس أننا اصبحنا على العموم أكياس ملاكمة لمنظمات ليبرالية يسارية ليست عندها أية مشكلة في تأييد نظامي القذافي والاسد لكن لها بابا مفتوحا في انحاء العالم حينما يتحدثون حديثا عارضا لاسرائيل.

والساحة الثانية هي مؤسسات ومنظمات دولية. فثم يعطون من يعترف بهم انهم دولة أدوات خاصة، وهي أدوات كانت حتى ذلك الحين محدودة بالنسبة اليهم. هناك سيوجد صراع غير سهل، كما يقدرون في ديوان رئيس الحكومة. ولا يتحدث هناك ايضا عن قرارات اسود ابيض بل عن موضوعات بعضها قضائي ويتعلق بالمنطقة الرمادية. هذا الامكان الذي سيملكه الفلسطينيون لن يعرض اسرائيل للخطر لكنه سيكون بالتأكيد مشكلة شديدة. والفلسطينيون في هذه الساحة يستطيعون ارساء مراسي ومضايقة اسرائيل في المستويين الدولي والقضائي.

استقر رأي نتنياهو على ألا يطلق النار اولا. معه جعبة سهام مملوءة بعقوبات للسلطة الفلسطينية. من سهم سلب كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية شهادات كونهم شخصيات مهمة، الى تقييد الحركة في المناطق، ثم الى خطوات ذات شأن هي ضم الكتل الاستيطانية وغور الاردن، أو وقف تحويل الاموال الى السلطة الفلسطينية. "سيكون من غير الصحيح ان نستل الآن سهما من الجعبة ونحن لا نعلم ما هي صورة العدو الذي يقيمه الفلسطينيون في الامم المتحدة أو في الميدان"، قال هذا الاسبوع مسؤول كبير في ديوان رئيس الحكومة. "لم نتخذ قرارا. ونحن مستعدون لكل تطور، عسكري أو سياسي، ونعلم أي أدوات توجد في أيدينا. أي أداة سنستعمل؟ سنتخذ هذا القرار في الوقت المناسب"، قال المسؤول الكبير.

في مباحثات في كيفية الرد كانت اكثرية تؤيد ردودا شديدة. فوزير الخارجية ليبرمان مثلا يقول ان على الفلسطينيين ان يدفعوا ثمنا عن اعلان دولة. وقد قال هذا علنا. وأوضح الوزير عوزي لنداو ايضا هذا الاسبوع انه يرى ان التوجه الى الامم المتحدة يجب ان يفضي الى ضم كتل الاستيطان والغور. وعلى نحو عام ثم قرار مبدئي لاسرائيل على عدم تنفيذ اعمال توقف امكانية اجراء تفاوض بعد ذلك، والضم في المناطق يمكن ان يعتبر خطوة كهذه.

ويعتقد وزير المالية يوفال شتاينيتس انه ينبغي ان يوزن بجدية اسقاط السلطة الفلسطينية عن طريق جيبها. والامريكيون في هذه المرحلة يعارضون الاجراء برغم ان من الواضح لهم ان الولايات المتحدة ايضا قد توقف اموال مساعدتها للسلطة بسبب اعمالها الاحادية الجانب في المسيرة. تجند السلطة بنفسها 10 في المائة فقط من ضرائبها ويأتي باقي المال من اسرائيل (45 في المائة) ويأتي مبلغ مساو من جميع الدول المانحة.

"اذا اتجه الفلسطينيون الى اجراء من طرف واحد فسيخونون المسيرة السلمية ويحاولون احراز دولة من غير سلام ومن غير أمن ومن غير تخلي عن حق العودة، واومن بأنه يجب ان نزن عقوبات. لا يمكن ان يجتاز هذا الشيء من غير رد صهيوني ملائم"، يبين شتاينيتس. وقد التقى هذا الاسبوع مع السفير الامريكي دان شابيرو الذي طلب اليه الا يتعجل امضاء المبادرة. وفي هذا الاسبوع طفت مبادرة امريكية من قبل رئيس لجنة الخارجية في مجلس النواب، عضو الكونغرس الجمهورية ايلانا روس – لاتينين، التي تدعو مع 57 عضوا آخرين من مجلس النواب الامريكي الى وقف التمويل الامريكي لمؤسسات الامم المتحدة اذا رفعت منزلة الفلسطينيين. وقد لخص الامور الوزير متان فلنائي بقوله ان المؤكد ان كرة الثلج في الجمعية العامة ستبدأ في التدحرج. "آنئذ ستسمع الخبطة"، كما عرّف ذلك. واستمرار الامر سيمتد على طول السنة كلها ويحاول مضايقة اسرائيل بوجبات صغيرة.

مصير اللاجئين

اذا تم الاعتراف بالفلسطينيين في الامم المتحدة بأنهم دولة، فلن يكون بعد ذلك مكان لممثل م.ت.ف في الامم المتحدة. فلم تعد الوكالة اليهودية جهة دولية بعد انشاء اسرائيل مثلا. ان ممثل م.ت.ف في الامم المتحدة اليوم هو الذي يمثل الجاليات الفلسطينية في العالم كله. ومن جهة قانونية فان الفلسطينيين ما ظلوا غير مستعدين لاجراء تفاوض مع اسرائيل، يفقدون في واقع الامر انجاز ممثل اللاجئين في كل مكان في العالم ويوافقون على ان الدولة الفلسطينية هي مكان اللاجئين. ويفهم الفلسطينيون ان في اقتراحهم مشكلات صعبة جدا عليهم، وفي اسرائيل ينوون أخذ نقاط الضعف هذه واستغلالها حينما يحين الوقت. ويفهم سلام فياض هذا في السلطة الفلسطينية ويصدر عنه صوت مختلف لكن صوته وحيد وضعيف.

قدر البنك الدولي ان الفلسطينيين مستعدون من جهة بناء قوة مؤسساتهم لان يؤدوا دورهم كدولة. وفي القدس يشكون في هذا كثيرا. في الوقت الذي يفحصون فيه عن العمودين الرئيسين لبناء الدولة وهما الاقتصاد والامن يرون ان الفلسطينيين متعلقون باسرائيل تماما. فبغير الاموال الاسرائيلية والصلة بالاقتصاد الاسرائيلي، وبغير عملة أو قدرة حقيقية على جباية ضرائب لا يستطيع الفلسطينيون اقامة اقتصاد دولة. ومن جهة امنية كانت ستجد السلطة الفلسطينية نفسها في يهودا والسامرة كحالها في غزة في سنة 2005 لولا الجيش الاسرائيلي و"الشباك" اللذان يعملان على نحو يومي في مواجهة حماس. والعمودان الآخران وهما الصحة والتعليم لا يقلان اشكالية.

يدرك الامريكيون كم يمكن ان يكون توجه الفلسطينيين الى الامم المتحدة مضر بمستقبل التفاوض. سيفضي التوجه الى الامم المتحدة، بحسب ما يرى ديوان رئيس الحكومة الى ألا يوجد اتفاق سلام في السنين القريبة. وسبب ذلك ان الفلسطينيين سيحصلون على عرض جيد من الامم المتحدة، مع حدود تحدد دولة مع كل الارض ولن يشاؤوا دخول تفاوض مع من يعطيهم أقل من ذلك. وفي الجانب الاسرائيلي لا يوجد أي زعيم يستطيع ان يعرض عليهم ما سيستقر رأي الامم المتحدة عليه وهكذا سيثبت الجمود. وستنشأ فجوة لا يمكن عقد جسر عليها. كيف لا يدرك العالم هذا؟ يسألون في ديوان رئيس الحكومة. انهم يأخذون أبو مازن ويضعونه على شجرة في حين لا يوجد أحد يستطيع انزاله من هناك.

بل انهم في القدس فحصوا عن امكانية اعتراف بدولة فلسطينية عن فرض انه اسهل اجراء تفاوض مع كيان مشابه من اجرائه مع شعب ذي مطامح من جهة مفاهيم العدل. ولما كانت اسرائيل تسيطر على جميع مساحة الدولة الفلسطينية المستقبلية ولاسباب اخرى، فليس نقاش هذه القضية جديا برغم انها أُثيرت.

في اثناء ذلك لا يخطط رئيس الحكومة للشخوص الى الامم المتحدة. فقد نصح قادة يهود في الولايات المتحدة هم في اتصال بممثلين اسرائيليين، بعدم ارسال مستوى رفيع ألبتة. فهم يرون ان زيادة عناية دولة اسرائيل لا تثير سوى انتباه لا حاجة له بل قد توحي بالذعر. وهذا هو السبب الذي جعل نتنياهو لا يتوجه الى الرئيس شمعون بيرس ليحل محله. اذا حدث توجه كهذا فسيشخص بيرس بحسب التقدير وكالعادة ايضا سيلقي خطابا غير منسي ومقنع.