خبر الاستعداد للعهد العربي الجديد.. اسرائيل اليوم

الساعة 05:47 م|01 سبتمبر 2011

بقلم: عوزي برعام

(المضمون: تنفيذ حقنا التاريخي في بلاد اسرائيل على المستوى البعيد يرتبط أيضا بفهمنا العميق بان مستقبلنا متعلق بعلاقاتنا مع العالم العربي المجاور وليس مع العالم البعيد الذي تتغير مصالحه بين الحين والاخر - المصدر).

روج الرئيس بوش غير مرة للتحول الديمقراطي للعالم العربي. ووبخ الرئيس اوباما غير مرة الرئيس المصري كي يفتح نوافذ التهوية على الجمهور المصري المقموع. معمر القذافي لم يطلب اليه أن يغير نظامه لان العالم تعامل معه بانه "مجنون القرية" ضرره سيء على أي حال. وقبل سنتين فقط استسلمت سويسرا لانذاره بانه سيخرج كل أمواله من الدولة اذا اعتقلت السلطات السويسرية ابنه الذي كان ضالعا باعمال جنائية. وها هو، فجأة، في غضون نصف سنة يثور المخلوق على خالقه. الشعوب أخذت مصيرها في ايديها. هكذا في مصر، هكذا في تونس، هكذا في ليبيا وهكذا ايضا سيكون في سوريا. ويفرك الغرب والولايات المتحدة ايديهم برضى. فأمام ناظريهم تتشكل عملية تحطم الطغيان والتطلع الجماهيري الاصيل للتحول الديمقراطي ينطوي ايضا على خيار بانظمة ديمقراطية حقيقية.

من زاوية نظر اسرائيلية، ثمة مجال للقلق. الحلف الذي عقدته اسرائيل مع ملوك وطغاة لم يصبح حلفا بين النخب وبالتأكيد ليس بين الشعوب. ليس لدينا بنية جماهيرية تؤيد اسرائيل والولايات المتحدة. في هذه المسألة علينا أن نأخذ بالحسبان ايضا دور التطرف الديني، العقليات والتقاليد المناهضة لاسرائيل، ولكن ايدينا ايضا ليست نظيفة في الوضع الناشيء. فانخراط اسرائيل في العالم العربي ليس أمرا مسلما به. وتنفيذ حقنا التاريخي في بلاد اسرائيل على المستوى البعيد يرتبط أيضا بفهمنا العميق بان مستقبلنا متعلق بعلاقاتنا مع العالم العربي المجاور وليس مع العالم البعيد الذي تتغير مصالحه بين الحين والاخر.

إذا ما ابتعدنا قليلا وتجاهلنا زاوية النظر الاسرائيلية، يمكن الافتراض بان الغرب الذي صفى حكم القذافي كفيل هو ايضا في أن يرى الصداقة التي اقامها مع زعماء الثورة متعلقة بشعرة وذلك لان الديمقراطية تستند الى الانتخابات، والانتخابات متعلقة ايضا برجال الدين ولا يمكن تخمين الى أين تتجه الامور.

لا ينبغي أن ننسى ما حصل في الجزائر. قبل بضع سنوات جرت هناك انتخابات حرة. وعمليا فاز الاصوليون المتطرفون. بعد يوم من نشر النتائج "اخرج" الجيش الحركة التي فازت في انتخابات ديمقراطية عن القانون، والعالم العربي لم يبكِ الديمقراطية التي انهارت وهي في مهدها.

وعليه، فان الموقف مما يحصل يستدعي نظرة ثنائية. من جهة، التحول الديمقراطي في العالم العربي كفيل بان يؤدي الى عهد جديد وايجابي في الشرق الاوسط. من جهة اخرى، على المدى القصير تكثر التهديدات علينا ايضا. حصانة السلام مع مصر ليست واضحة، وكذا مكانة حماس وحزب الله ليست أمرا مسلما به. الديمقراطية في العالم العربي، التي يتوقعها الناس في العالم العربي كفيلة بان تنهار تحت عبء التوقعات. ومع ذلك، في الوضع الناشيء من الصعب التصديق بان طاغية فرد أو عائلة طاغية سيواصلون الحكم في العالم العربي الجديد الذي يتشكل امام ناظرينا، وعلينا أن نستعد لذلك.

مستقبل العالم العربي لا يرتبط بنا فقط، بالطبع. فهو يرتبط أيضا بمستقبل السلام والاستقرار في العالم بأسره، ولكنه يطالبنا نحن ايضا بالتغيير في انماط سلوكنا تجاه العالم العربي. المؤكد هو أن من يؤمن ويعمل من اجل "تفكيك السلطة الفلسطينية" ويتآمر على امكانية التحسين الحقيقي لعلاقاتنا مع العالم العربي، ومن يؤمن في استمرار خلق حقائق من طرف واحد من جانبنا، لا يساهم بدوره في مستقبل أفضل في علاقاتنا مع الدول العربية.