خبر عودة « العملية الشعبية ».. هآرتس

الساعة 05:46 م|01 سبتمبر 2011

بقلم: آفي يسسخروف وعاموس هرئيل

(المضمون: عملية الدهس والطعن في تل ابيب تُظهر كم محدودة قدرة عباس على التحكم تماما بما من شأنه أن يقع في ايلول - المصدر).

عملية الدهس والطعن في تل ابيب، هي نوع من الأحداث التي درج رجال الاستخبارات على تصنيفها بشكل عام كـ "عملية شعبية": مبادرة مستقلة لا علاقة لها بأي منظمة ارهابية. في معظم الحالات، هذه تكون فعلة من فلسطيني فرد يسعى الى قتل اسرائيليين في ظل استخدام الوسائل المتوفرة تحت تصرفه، في هذه الحالة – السكين والسيارة العمومية التي سرقها مستخدما سكينه. أمر حظر النشر الجارف الذي فرضته القاضية عنات رون (في الماضي المدعية العسكرية العامة)، على تفاصيل المخرب الذي اعتقل كفيل بأن يشهد على واحد من أمرين: إما ان تكون المخابرات والشرطة تعتقد بأن مع ذلك قد يكون له شركاء في التخطيط أو في العلم، أو (وهذا كفيل بأن يكون تفسيرا أكثر معقولية) أن أذرع الامن مرة اخرى تستخدم الغموض المقصود، ببساطة لانها تستطيع ذلك.

على أي حال، يخيل أن العملية في تل ابيب يجب النظر اليها على خلفية الأجواء العامة في المناطق، خليط من نهاية شهر رمضان والتصعيد التدريجي في التوتر نحو الخطوات السياسية للسلطة الفلسطينية في ايلول. مؤخرا فقط تعهد رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) قائلا "طالما كنت الرئيس، لن أوافق على اندلاع انتفاضة مسلحة".

وتظهر العملية كم محدودة قدرة عباس على التحكم تماما بما من شأنه أن يقع في ايلول. اعمال مستقلة مثل هذه العملية في تل ابيب من شأنها ان تكون أكثر تواترا مع حلول التصويت في الامم المتحدة، أو في الاسابيع التي تليه، حين يكتشف الجمهور الفلسطيني مرة اخرى بأنه حتى بعد الاعتراف بالدولة القليل جدا من الامور على الارض تغيرت عمليا.

عباس ورجاله على علم بالخطر الكامن في التوجه الى الجمعية العمومية ولحقيقة ان الطلب من الامم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية قد يظهر كمغامرة نهايتها تصعيد عنيف يكلف حياة الكثيرين في الطرف الفلسطيني والطرف الاسرائيلي. ولكن مسؤولي السلطة اختاروا الرهان على هذا المسار خشية أن يثور الميدان ضدهم اذا ما تراجعوا.

حاليا، الجمهور في الضفة الغربية لا يزال يبدو غافيا، غير مكترث بعض الشيء لتحذيرات الخبراء بشأن الانتفاضة الثالثة. وللتحكم برد الفعل الجماهيري والتأكد من ان يبقى الاحتجاج في نطاق المدن الفلسطينية وألا ينتقل الى ما وراء حواجز الجيش الاسرائيلي، بادرت قيادة م.ت.ف بمظاهرات خاصة بها تبدأ في 20 ايلول. الهدف غير المعلن هو التأكد من ان الجمهور في الضفة سينفس بشكل منضبط، دون الاصطدام باسرائيل. والسبب الثاني، الذي لا يتحدثون عنه ايضا علانية، هو تعزيز مكانة عباس وفتح في الرأي العام الفلسطيني في ظل استخدام الأحداث في ايلول. ولكن اذا ما قرر الشباب في رام الله أو في نابلس في مرحلة ما عدم الاكتفاء بمراكز المدن وخوض مسيرات نحو المواجهة مع قوات الجيش الاسرائيلي، مشكوك جدا ان تتمكن اجهزة الامن الفلسطينية من ايقافهم.

في الخلفية يبقى متغير آخر لم يتم ايضاحه بعد: موقف حماس والخطوات التي ستتخذ ردا على مبادرة السلطة. المنظمة غير متحمسة، على أقل تقدير، للتوجه الى الامم المتحدة، ومن شأنها أن تحاول سرقة العرض من فتح من خلال القيام بعمليات. ومع ان حماس ترغب في الهدوء في قطاع غزة، إلا أنها في الضفة الغربية تواصل مساعيها لاقامة شبكات الارهاب من جديد بحيث تتمكن من أن تطلق في اللحظة التي تختار فيها ذلك مخربين انتحاريين الى اسرائيل.

في هذه الاثناء تدق مرة اخرى أجراس الحذر في الجبهة الجنوبية. في خطوة شاذة أعلن الجيش الاسرائيلي لوسائل الاعلام بأن حالة تأهب خاصة تقررت في الحدود المصرية، عند ملتقى الحدود مع القطاع. والخلفية هي معلومات استخبارية عن خلية من الجهاد الاسلامي من القطاع تسعى الى استعادة النجاح من هجوم لجان المقاومة الشعبية عبر سيناء، قبل قرابة اسبوعين. في وقت لاحق أضاف وزير الدفاع اهود باراك تفاصيل من جانبه عن خطط العملية.

اختيار البيان العلني في مثل هذه الحالات ينطوي دوما على التخوف من ان النشر المسبق "يحرق" لاسرائيل مصادر معلومات استخبارية. بالمقابل، مجرد النشر يوضح للمخربين بأن نواياهم انكشفت وقد يقنعهم ذلك بالتراجع، على الأقل حاليا، خشية أن تُحبط خططهم. هذا نهج اتخذه الجيش الاسرائيلي في الماضي بنجاح في عدة مناسبات ضد حزب الله على الحدود اللبنانية قبل الحرب الاخيرة. ومن غير المستبعد ان يكون في خلفية النشر اعتبار آخر: في أعقاب الانتقاد الذي وجه للجيش الاسرائيلي على المعالجة للعملية الاخيرة، بُذلت جهود للايضاح المسبق بأن هذه المرة أُجريت استعدادات مناسبة، مع كل الخطوات اللازمة.