خبر حلف الطُغم .. هآرتس

الساعة 05:44 م|01 سبتمبر 2011

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: نحن أحببنا الطغم العسكرية، في الدول العربية أو في تشيلي، في الارجنتين أو في اثيوبيا. وذلك لأن الطغم العسكرية تتحدث بلغة مشابهة، وهي تفهم الواحدة الاخرى، مصالحها ضيقة ومحددة، وهي تحتقر المواطنين، واثقة بأن بدونهم ستنهار دولها نحو الفوضى - المصدر).

هرعنا. فجأة وقع علينا الالهام بأن مصر تديرها "طغمة عسكرية". فوجئنا ايضا في ان نكتشف، بعد 33 سنة من السلام، بأننا وقعنا على اتفاق السلام مع دكتاتور اغتيل وواصلنا فيه مع الدكتاتور الذي خلفه. والآن هذا السلام يوشك على التحطم، لان الدكتاتور ذهب والطغمة جاءت. الآن تقف اسرائيل، مرتعدة متحفزة تحصي الايام حتى انفجار اتفاق كامب ديفيد. إذ في اسرائيل يعتبر اتفاق السلام كمقدمة للحرب. حتى لو مرت 100 سنة اخرى على توقيعه – فهو تهديد.

اذا هاكم الحل: بدلا من الهرع كل صباح على سماع التصريحات المصرية عن "اعادة النظر" في اتفاقات كامب ديفيد، بدلا من الانتظار بقلق اللحظة التي تعلن فيها مصر عن طلبها تغيير الاتفاق، فلتبادر اسرائيل بنفسها الى الغاء اتفاقات السلام مع مصر ومع الاردن ايضا، الى ان تقوم فيهما ديمقراطية حقيقية أو دكتاتورية حقيقية، من النوع الذي تعرف اسرائيل العمل معه.

مع أننا كنا نريد حقا أن تواصل في مصر الطغمة العسكرية، برئاسة الجنرال طنطاوي، ادارة الامور وألا تدع ميدان التحرير يقرر من يقف على رأسها. إذ ان السلام مع المواطنين المصريين أغلى بكثير من السلام مع الطغمة أو مع الدكتاتور. الشعب يريد السلام مع الفلسطينيين، الانسحاب من المناطق، ترسيم الحدود وباقي المطالب التي لم يطالب بها الدكتاتوريون. ولكن كيف يمكن مواصلة العيش بسلام مع الطغم العسكرية التي تطيع صوت الشارع؟.

الحقيقة هي أننا بالذات نحب الطغم العسكرية. في تركيا أحببنا الطغمة التي اشترت منا الطائرات بدون طيار، رممت الدبابات وتعاونت في مجال الاستخبارات. ولكن الآن تقف على رأسها "طغمة مدنية"، "اسلامية" انتخبت بشكل ديمقراطي. ومرة اخرى المفاجأة. يتبين أن الديمقراطية ايضا لا تُحدث العجب. بل انها خطيرة للعلاقات بين الدول. في مصر أحببنا حسني مبارك لانه كان جزءا من المؤسسة العسكرية، وهكذا ايضا انور السادات قبله. الملك حسين اعتمد على الجيش عندما وقع على اتفاق السلام مع اسرائيل ولم يتشاور مع الجمهور الاردني.

نحن أحببنا الطغم العسكرية، في الدول العربية أو في تشيلي، في الارجنتين أو في اثيوبيا. وذلك لأن الطغم العسكرية تتحدث بلغة مشابهة، وهي تفهم الواحدة الاخرى، مصالحها ضيقة ومحددة، وهي تحتقر المواطنين، واثقة بأن بدونهم ستنهار دولها نحو الفوضى، وأن السياسة المدنية، الديمقراطية، هي وصفة للتحطم. الطغم تعمل باسم قيمة منشودة، أعلى من كل قيمة اخرى: الأمن. كل ما تبقى – التعليم، الصحة، خدمات الرفاه، حقوق المواطن – لا يمكنها ان تكون إلا اذا ضمنت الطغمة الأمن.

"الشعب والجيش يد واحدة"، هتف المتظاهرون في ميدان التحرير. طغمتنا كانت تتوق لأن تفقع جادة روتشيلد كالفقاعة. وأن يرفع المواطنون بنظاراتهم المدورة وبناطيلهم الثلاثة ارباع، بعضهم لم يخدم في الجيش، بعضهم يدخن حشائش ممنوعة، أيديهم عن صندوق الطغمة ويكفوا عن تفسير سجل الميزانية المقدس دون تخويل من أحد وبالأساس ما في هذا السجل من بنود أمنية. وهي تريد، مثلما في التحرير، أن يرفع الجمهور يافطات حمراء تقول "الشعب والجيش يد واحدة"، ولكن حسب تفسيرها. ألا يدس الشعب يده في جيب الجيش.

خلافا لمصر، في اسرائيل توجد طغمتان عسكريتان – تلك التي تُعين وهذه التي تنتخب. تلك التي تصمم السياسة الداخلية للدولة بفضل الميزانيات الهائلة التي تجبيها لنفسها وهذه التي تصادق لتوأمها على هذه الميزانيات. تلك التي تخرج الى الحرب دفاعا عن الوطن وهذه التي تقرر ما هي حدود الوطن التي على الجيش ان يدافع عنها. في مصر الطغمة العسكرية لا تموه نفسها، حتى عندما تنتقل الى الوزارات الحكومية. من يحمل رتبة عسكرية يواصل التباهي بها حتى في "الحياة المدنية". في اسرائيل ازدواجية الطغم، الاولى تلبس البزات والرتب والثانية – البدلات وربطات العنق. ولكن هؤلاء هم ذات الجنرالات.

وهاكم كشف آخر. ذات الطغمة التي تدير الآن مصر ما كانت لتأخذ الحكم لولا الثورة المدنية التي أطاحت بالنظام السابق. مصر لم تمر في انقلاب عسكري، بل مدني. الجيش هو الذي مد اليد للمواطنين. ولكن هذه مصر، وهي لم تشكل لنا نموذجا في أي وقت من الاوقات. فقد كانت دكتاتورية.