خبر " الحقائق التي يخفيها نتنياهو بشأن صفقة شاليط../ الأسير وليد دقة

الساعة 01:22 م|30 أغسطس 2011

" الحقائق التي يخفيها نتنياهو بشأن صفقة شاليط الأسير وليد دقة

يواصل رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو الإصرار على موقفه الرافض قبول صفقة تبادل الأسرى كما تعرضها حركة المقاومة الإسلامية حماس، وذلك رغم ما تشير إليه استطلاعات الرأي المختلفة في إسرائيل التي تفيد بأن الجمهور الإسرائيلي غير معني بتفاصيل صفقة التبادل بقدر ما يهمه بالأساس إطلاق سراح الجندي شاليط مما يؤهل حكومة نتنياهو، ليس فقط تمرير الصفقة شعبياً وإنما الحصول على أغلبية برلمانية فيما لو تم عرضها على الكنيست الإسرائيلي.

 

إن مواصلة نتنياهو رفض الصفقة ليس مرده على الإطلاق الخشية من ردة فعل الشارع الإسرائيلي أو المعارضة البرلمانية، وإنما لسببين لا صلة لهما بتفاصيل الصفقة والأسباب التي يدعيها ويطلقها في وسائل الإعلام، والسببان يغذي الواحد منهما الآخر.

 

الأول.. المعارضة اليمينية داخل حكومته ومزاودات ليبرمان التي تخاطب أصوات ناخبي اليمين، حيث يخشى نتنياهو خسارتها لصالح حزب "إسرائيل بيتنا"، وهذه الأصوات ترفض عقد الصفقة لأسباب أيديولوجية ودواع عقائدية مهمة من وجهة نظرها.

 

الثاني.. إن نتنياهو الرافض لأي مفاوضات سياسية، أو دفع استحقاق من شأنه إعادة إحيائها، وهو الموقف الذي يبقيه في السلطة، ويبقي ائتلافه متماسكاً، يعتقد بأن إبقاء ملف شاليط دون حل يجعل مهمة الدعاية الإسرائيلية مهمة أسهل نسبياً في إظهار الطرف الفلسطيني كطرف معتد، أمام الرأي العام الدولي، الرسمي والشعبي، الذي أصبح أكثر تضامناً مع القضية الفلسطينية في ظل تعنت إسرائيل، وأكثر إدانة للاحتلال وانتصاراً لحملة فك الحصار عن غزة ورفع الشرعية عن إسرائيل. إن بقاء هذا الملف وملفات أخرى ﺗُﻣﻜ اليمين الصهيوني من مواجهة الاستحقاقات السياسية والإعلامية المترتبة على التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

 

إن شاليط وأسرته يدفعون ثمن أجندة اليمين الإسرائيلي السياسية، وليس كما يدّعي نتنياهو بأن ما يعطل الصفقة هو الثمن الأمني الباهظ التكلفة المترتب على قبولها كما هي معروضة عليه من قبل "حماس" اليوم، الأمر الذي ﻓﻧد على يد رجال أمن سابقين، أو بموقف ما يسمى "المهنيين" من المؤسسة الأمنية والجيش. لكن الحقيقة لا تهم نتنياهو ويواصل إثارة الذعر في الأوساط الشعبية عبر تغذية وسائل الإعلام وأهل شاليط بأكاذيب، بات الكثير من الإعلاميين الإسرائيليين، حتى من أولئك الداعمين لتوقيع صفقة التبادل، يتعامل معها كحقائق، حيث أصبح من الضروري كشفها وتعريتها من خلال بيان وموقف قيادي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يكشف ما تم الاتفاق بشأنه من تفاصيل الصفقة وما ترفضه حكومة نتنياهو، الأمر الذي باعتقادنا سيفضح جملة الأكاذيب الإسرائيلية ويبين الى أي مدى حكومة نتنياهو واليمين الإسرائيلي معنيان في إبقاء ملف شاليط قائماً.

 

هناك ثلاثة حقائق يخفيها نتنياهو بشأن الصفقة وتحتاج لتعرية وتفنيد: الحقيقة الأولى.. "نسبة عالية من الأسرى المحررين في إطار عمليات تبادل الأسرى أو خطوات (حسن النية) في إطار أوسلو تجاه السلطة الفلسطينية عادوا للعمل المسلح والقيام بعمليات ضد إسرائيل". هذا القول الذي يحمل معلومات جزئياً صحيحة هو كشف للتغطية وحقيقة لإخفاء الحقيقة. والحقيقة هي أن حكومات إسرائيل المتعاقبة بعد عملية تبادل عام 85 (عملية النورس) لم تطلق سراح أسير فلسطيني واحد لا في إطار عمليات التبادل مع حزب الله ولا في إطار خطوات "حسن النية" تجاه السلطة الفلسطينية، إلا وكانت إسرائيل هي من حدد إسم وهوية الأسير المفرج عنه. لقد حددت إسرائيل قوائم أسماء الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم حتى لا تتيح للطرف العربي (الخاطف) في إطار عملية تبادل، أو الفلسطيني في إطار العملية السياسية، أن يختار قائمة المفرج عنهم لتضمن استبعاد فئتين منهم من الإفراجات، الفئة الأولى أسرى قاموا بقتل إسرائيليين، والفئة الثانية الأسرى الفلسطينيين من أبناء الداخل – 48، والفئتان الوحيدتان اللتان تم تحديدهما بالإسم – الأسرى اللبنانيون من قبل حزب الله والأسرى الأردنيون من قبل الحكومة الأردنية – وفي كليهما لم نشهد أي عودة لأي أسير منهم ليشكل خطراً أمنياً فعلياً على إسرائيل، باستثناء ظهورهم الإعلامي من حين لآخر، وهم يدينون الاحتلال وممارساته، الأمر الذي لا يمكن اعتباره خطراً أمنياً.

 

 الحالة الوحيدة التي شكل بها الأسير خطراً أمنياً على إسرائيل، لم يكن الأسير المحرر وإنما الأسير الذي تم التحفظ عليه في اللحظة الأخيرة من المفاوضات، وجر هذا التحفظ على إسرائيل ولبنان حرباً طاحنة، وكان المتحفظ هو نفسه بيبي نتنياهو الذي يرفض اليوم الإفراج عن عدد قليل من الأسرى القدماء لإتمام الصفقة، حيث اشترط في حينه على شارون تصويته لجانب صفقة التبادل ما قبل الأخيرة مع حزب الله بإبقاء القنطار في السجن، واشترط الإفراج عنه مقابل كشف مصير الطيار رون أراد، بأدلة حسية أو تقرير يقدمه حزب الله (أنظر إطار).

 

لقد حددت إسرائيل ودفعت بقوائم أسرى فلسطينيين في الإفراجات مع حزب الله والسلطة الفلسطينية من بين ثلاث فئات، الأولى أسرى سياسيون لم يتبق على محكوميتهم أكثر من شهر، الفئة الثانية عمال فلسطينيون اعتقلوا بحجة المكوث غير المشروع في إسرائيل، والفئة الثالثة سجناء جنائيون. وعندما يتحدث نتنياهو عن عودة أسرى محررين للعمل المسلح وتشكيلهم خطراً أمنياً على إسرائيل، فإنه لا يقول للإسرائيليين أن هؤلاء لم يطالب بهم حزب الله أو السلطة الفلسطينية، ولم يكونوا مدرجين على قوائمهم وأولوياتهم، وإنما حكومات إسرائيل هي التي أصرت على إطلاق سراحهم بدل الأسماء والقوائم التي قدمت للحكومات الإسرائيلية.

 

الحقيقة الثانية هي أن نتنياهو يخفي عن الإسرائيليين حقيقة أن جزءاً يسيراً من الأسرى ممن يرفض الإفراج عنهم هم من أقدم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وأن من بينهم 25 أسيراً من الداخل نصفهم أمضى أكثر من 25 عاماً والنصف الآخر أكثر من 20 عاماً، أعمارهم تتراوح ما بين 40 عاماً حتى الـ 83 عاماً، وغالبيتهم تجاوز الـ 50 عاماً.

 

والآن قدموا هذه المعطيات لأي ضابط في الشاباك الإسرائيلي من "المهنيين" واسألوه عن الخطورة الأمنية التي ينذر عبرها نتنياهو، سيقول لكم بأن أي أسير يحمل هذه المواصفات وأمضى كل هذه المدة الطويلة ليس لديه لا الدافع ولا الاستعدادية النفسية والجسدية للعودة للعمل والنشاط بحيث يشكل خطراً وتهديداً للأمن!

 

الحقيقة الثالثة التي يخفيها نتنياهو عن الجمهور الإسرائيلي وأسرة شاليط هي أنه رفض عرضاً قدمته حماس بشأن الـ 25 أسيراً من أسرى الداخل والقاضي بأن يتم إطلاق سراحهم عبر آليات يجيزها القانون الإسرائيلي، وذلك بتحديد أحكامهم المؤبدة ومن ثم الإفراج عنهم، الأمر الذي فعلته الحكومات الإسرائيلية عندما أفرجت عن سجناء يهود قاموا بقتل عرب على خلفية أيديولوجية عنصرية. لكن نتنياهو يصر على رفضه ولا يقول بأن شاليط باق في الأسر بسبب عدم الإفراج عن أسرى مثل سامي يونس الذي بلغ عمره الـ 83 عاماً، مدعياً خطورته على الأمن الإسرائيلي!! ليبقى السؤال هل موت سامي يونس وأقرانه من الأسرى في السجن سيخدم الأمن؟ فالرجل على حافة الموت.. أم ترى نتنياهو سيفاوض حينها على جثة أو أجزاء منها؟ وهل سيكون ذلك لاستعادة الأمن أو لاستعادة شاليط؟

 

في اللحظات الأخيرة وقبل أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية تحفظها على الأسير سمير القنطار، كنت شاهداً على اتصال جرى بينه وبين قيادة المقاومة في حزب الله والذي من خلاله تلقى القنطار وعداً شخصياً من السيد حسن نصر الله بأنه في حال رفضت إسرائيل الإفراج عنه مقابل التقرير بشأن مصير الطيار رون أراد، فستعمل المقاومة على خطف جنود إسرائيليين لإطلاق سراحه، ولهذا وكما هو معروف للجميع، أسميت عملية الخطف "الوعد الصادق". ومن المؤكد أن مثل هذه الإتصالات مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالرغم من كونها تتم بأجهزة مهربة الى السجن، وبالتالي فإن الإسرائيليين كانوا وقبل إتمام الصفقة بيوم واحد، على علم مسبق بالنية والوعد ومن المرجح أن نتنياهو كسائر أعضاء "الكبينت" إطلع على تقرير الأجهزة الأمنية ومع ذلك أصر على تحفظه على القنطار وأنشأ عملياً السبب الرئيسي لنشوب الحرب على لبنان عام 2006