خبر الأمل الابيض الصغير- يديعوت

الساعة 10:13 ص|29 أغسطس 2011

الأمل الابيض الصغير- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

حبكة سياسية لامعة تقع هذه الايام أمام ناظرينا، حبكة بسبب الانشغال بمواضيع اخرى، أكثر الحاحا، لم تنل مكانا مناسبا في جدول الاعمال الجماهيري. في 12 ايلول سيدعى منتسبو حزب العمل الى انتخاب رئيس لحزبهم. خمسة متنافسين على المنصب. وسأذكرهم بالاسم حسب نظام الابجدية: اسحق (بوجي) هرتسوغ، راحيل (شيلي) يحيموفيتش، عميرام متسناع، أرال مرغليت وعمير بيرتس.

        وقدر المحللون السياسيون بأن بيرتس سيتصدر في الجولة الاولى، ولكن سيحصل على أقل من 40 في المائة اللازمة للفوز. وستعقد جولة ثانية، بين الأولين. ولما كان كل المتنافسين سيتجمعون حول رقم 2، فهو سينتصر على بيرتس ويحظى برئاسة العمل.

        مع كل الاحترام، هذه ليست القصة. القصة هي عن حزبين في الائتلاف الحالي، الليكود والاستقلال، اللذين يؤيدان عمليا، مرشحا من جانبهما في الانتخابات في حزب العمل. مثل هذه الحبكات كانت في الاحزاب في الماضي، ولكن هذه المرة يدور الحديث عن حبكة أكثر تعقيدا بكثير: الليكود والاستقلال يؤيدان مرشحا في حزب ثالث كي يضربا حزبا رابعا. لهذه الدرجة هم اذكياء.

        اليونانيون أسموا هذه الحبكة حصان طروادة: في الليكود يسمونها شيلي يحيموفيتش.

        للخطة ثلاث مراحل. في المرحلة الاولى ينبغي ليحيموفيتش ان تفوز في الانتخابات التمهيدية في العمل. مؤيدو باراك في العمل، اذا كان ثمة مثل هؤلاء، سيساعدون في صناديق الاقتراع، وكذا العاملون في الصناعة الجوية، رجال النائب (من الليكود) حاييم كاتس. المستشار الذي سيوجهها في الطريق سيكون الوزير (من الليكود) جدعون ساعر: هذا ما يفعله منذ بداية ولايتها في الكنيست.

        في المرحلة الثانية سيتنافس العمل برئاسة يحيموفيتش رأسا برأس مع كديما برئاسة تسيبي لفني. الأمل الابيض الصغير ضد الأمل الابيض الكبير. فرضية رجال الليكود هي ان يحيموفيتش، باللباس الجديد، الرسمي، قادرة على أن تدخل في نزال مع لفني في بعض القطاعات من كديما.

        المرحلة الثالثة هي الأساس. تسيبي لفني تعول على كتلة حاسمة تمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة القادمة. وهي مقتنعة بأن كل الاحزاب على يسار كديما ستوصي بها أمام الرئيس. ليس مع يحيموفيتش لرئاسة العمل: فهي كفيلة بأن تتصرف مثلما تصرف باراك قبلها، تفتت الكتلة وتفضل نتنياهو على لفني.

        بتعبير آخر، من ينتخب يحيموفيتش كفيل بأن يجد نفسه ينتخب نتنياهو بصفقة دائرية. هذه ليست جريمة، بالطبع. من حق منتسبي العمل أن يروا في نتنياهو زعيمهم المستقبلي. المشكلة الوحيدة أن أحدا لم يرو لهم عن ذلك.

        يحيموفيتش منحت قبل عشرة ايام مقابلة صحفية واسعة اليراع لغيدي فايتس من ملحق "هآرتس". مضمون حديثها أغضب جدا كتابا من اليسار. فقد احتجوا على تسليمها بالمستوطنات في المناطق على عدم اكتراثها بحقوق الانسان ومظالم الاحتلال وعدم اهتمامها بالسلام.

        يُخيل لي أنهم من شدة الغضب فوتوا الامر الأساس: يتبين أن للنائبة يحيموفيتش يوجد فهم هزيل للغاية لتاريخ الحركة التي تسعى الى قيادتها. فهي تخطب بمستوى عال عن الاشتراكية الديمقراطية، عن الصهيونية وعن ما بعد الصهيونية، ولكنها لا تكلف نفسها عناء فهم ما الذي يختبيء خلف هذه الكلمات. على حد قولها يبدو أنها مقتنعة بأن غاية الصهيونية هي انشاد هتكفا وخلاصة الاشتراكية هي ركوب الدراجة. الغرور هائل. الضحالة مهينة. "سيئة"، قال لها راني راهف. هي ليست سيئة: بل فارغة.

        لا معنى للغضب من التحول الذي طرأ على مذهبها الفكري، إذ لم يكن لها مذهب فكري، لا عندما صوتت لحداش (اليوم تقول انها لا تتذكر لماذا) ولا عندما جند عمير بيرتس من اجلها انتساب الصناديق خاصته وأدخلها الى الكنيست. مذهبها الفكري يتلخص في كلمتين: شيلي يحيموفيتش.

        هزال مادتها يمكن أن يكون اشارة تحذير لرجال اعلام آخرين يسعون الى الحياة السياسية. لا يكفي الانكشاف الجماهيري الواسع، لا تكفي طلاقة اللسان أمام الميكروفون. فمن رجل التلفزيون لا يتوقع الناس الانسجام الفكري: كلماته تتناثر في الأثير. أما ممن يدعي بأنه سيكون زعيما فالناس يتوقعون أكثر من ذلك بقليل.