خبر لحظة قبل أيلول- إسرائيل اليوم

الساعة 09:39 ص|28 أغسطس 2011

 

لحظة قبل أيلول- إسرائيل اليوم

هذا ليس خريفا، بل ربيع

بقلم: يوسي بيلين

في وجبة الافطار لشهر رمضان التي عقدت في مقر الرئيس هذا الاسبوع، لم يشارك السفراء الجيران. سفير الاردن عُين قبل اشهر طويلة وزيرا في حكومة الرفاعي. هذه الحكومة استقالت، وهو لم يعد وزيرا، ولكن واحدا غيره لم يُعين وليس لأنه لا يمكن العثور على مرشحين لهذا المنصب في وزارة الخارجية الاردنية.

عن غياب السفير التركي خسارة أن نثقل الحديث. لا سفير تركي في اسرائيل، وحسب سلوك حكومة نتنياهو حيال سوريا، من الصعب التصديق بأننا سنرى هنا سفيرا كهذا قريبا.

السفير المصري هو الآخر لم يصل. بعد أحداث نهاية الاسبوع، البيان عن عودته للتشاور، الذي أُلغي في هذه الاثناء والمظاهرات بجانب السفارة في القاهرة، قرر، على ما يبدو، بأن من الافضل له ان يبقى في البيت.

الرئيس، الذي يتذكر جيدا الطابور الضخم لمصافحة السفير المصري في أحداث يوم الثورة، الاستقبالات في السفارة الاردنية، التحالف الوثيق مع تركيا وممثلي دول الخليج وشمال افريقيا الذين تجولوا بين ظهرانينا في التسعينيات – ما كان يمكنه ألا يشعر بخيبة الأمل العميقة من التدهور في السنوات الاخيرة.

يحتمل ألا تكون القضية الفلسطينية الموضوع الأهم لزعماء العالم العربي. يحتمل أن يكونوا وقفوا عليها لمعرفتهم بأنها تهم جموع مواطنيهم. أما نحن فيخيل لنا أن هذا مصطنع: غير قليل من العرب تحدثوا بكتمان في أن الموضوع الفلسطيني بعيد عن أن يكون على رأس سلم اولوياتهم، ولكنهم عندما تحدثوا على الملأ، وضعوا الموضوع على رأس اهتمامهم.

يحتمل ألا يكون مثوى الرئيس المصري الراحل، انور السادات، قد تقلب أبدا لمصير الفلسطينيين، ولكنه ما كان ليوقع مع رئيس وزرائنا الراحل مناحيم بيغن على أي اتفاق سلام دون اتفاق كامب ديفيد قبل 33 سنة. في الاتفاق يوجد تناول مفصل جدا لمسار يقود الى اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين دون ان يكون الفلسطينيون مشاركين في تفاصيله. هذا المسار كان الأساس لكتاب الدعوة الذي بعث به وزير الخارجية جيمس بيكر في العام 1991 للمشاركين في مؤتمر مدريد وكان أساسا لمسيرة اوسلو.

جهد السادات تركز على ربط الاتفاق بينه وبيننا بحل المشكلة الفلسطينية. وتناول الكثيرون ذلك على اعتباره مجرد ضريبة لفظية، أما هو فقد تعاطى معه بجدية. فشل محادثات الحكم الذاتي في عهد بيغن وتجميد مسيرة اوسلو مع انتخاب نتنياهو لرئاسة الوزراء في 1996 أثرا جدا على برود العلاقات مع مصر.

جهد أعلى لحل المشكلة

كنا على علم جيد للكراهية التي بين الملك حسين وياسر عرفات. وعلى الرغم من ذلك، ورغم كل المحادثات السرية مع الملك، وقع اتفاق المباديء بين اسرائيل والاردن في ايلول 1993 فقط، بعد يوم من توقيع اتفاق المباديء بين اسرائيل وم.ت.ف. الحسين انتظر عرفات، وقد تنازل عن كل مطلب في الضفة الغربية وقبل الزعم الفلسطيني بأنهم سيقيمون فيها دولتهم.

حتى اليوم يقول نتنياهو ان اسرائيل لا يمكنها ان تتنازل عن خط الاردن، ويعلل ذلك، ضمن امور اخرى، في ان الاردن لن يتحمس لأن يكون جارا للدولة الفلسطينية ويستوعب فلسطينيين ينتقلون بسهولة الى الاردن، ولكن في كل مؤتمر صحفي سيصر الاردنيون على اقامة دولة فلسطينية في كل اراضي الضفة.

يجدر بنا أن نفهم: اذا كنا لا نريد ان نكون غرسة غريبة ومهددة في المنطقة التي اخترنا ان نعيش فيها، فعلينا ان نبذل جهدا أعلى لحل المشكلة الفلسطينية والوصول الى السلام مع الشعب الجار. ماذا اذا، فهل اذا صنعنا سلاما مع م.ت.ف سيهديء هذا احمدي نجاد؟ يسألون دوما، والجواب هو ان هذا سينزع منه ذريعة مركزية لسلوكه. حتى لو كانت المشكلة الفلسطينية هي آخر أمر يهمه. الربيع العربي، الذي عظّم جدا المواطنين ومنحهم احساسا بالقدرة على التغيير، يجعل الموضوع الفلسطيني مركزيا أكثر فأكثر.

الجمهور العربي يطالب زعماءه أن يسعوا الى التقدم على الصعيد الاسرائيلي – الفلسطيني. هذا يحصل في مصر، وهذا سيحصل غدا في ليبيا وفي كل مكان يمنح فيه الجمهور فرصة لفتح فمه.

بعد أن أغلقت أبواب هامة في دول الخليج وفي شمال افريقيا، بعد أن تقرر، حاليا، عدم ارسال سفيرين جديدين من تركيا والاردن، وبعد ان اصبحت العلاقات مع مصر هشة – تصبح مشكلتنا الحقيقية هي التصدي مع الربيع العربي أكثر مما هي مسألة كيف سننجو من "تسونامي" ايلول.

العودة وحدها الى المفاوضات مع م.ت.ف يمكنها ان تسمح بذلك. هذا أسهل شيء من ناحية ائتلاف نتنياهو. بيان عن وقف البناء في المستوطنات لثلاثة اشهر واستعداد لبدء المفاوضات مع محمود عباس على اتفاق سلام يبدأ ببحث في موضوعي الحدود والترتيبات الامنية أو على خطوة انتقالية، على نمط المرحلة الثانية من خريطة الطريق، في الطريق الى التسوية الدائمة – يمكنه ان يحقق التغيير الفوري.

في هذا الوضع من المعقول الافتراض بأن الفلسطينيين سيتنازلون عن فكرة رفع طلب الى الامم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية، وسيكون ممكنا الفحص اذا كان بوسع المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية، بمرافقة امريكية معينة، أن تؤدي الى تقدم حقيقي.

شخصيا، أنا متشائم من امكانية الوصول في أقرب وقت ممكن الى تسوية دائمة، حين أرى النفوس العاملة، ولكني لست متشائما من امكانية الوصول الى مرحلة انتقالية انطلاقا من التزام بالوصول، في وقت لاحق، الى اتفاق سلام كامل.

المفتاح للاستقرار

صحيح. المشكلة الفلسطينية ليست مشكلة استراتيجية. التهديد الفلسطيني هو تهديد مقلق ينطوي على ثمن دموي. ولكنه لا يعرض للخطر مستقبل دولة اسرائيل مثلما يمكن لخطر الجيوش الكبرى ان يفعله.

ولكن آثار المشكلة الفلسطينية ذات مغزى كبيرة جدا، وحلها هو المفتاح لاستقرار المنطقة ومستقبل علاقاتنا مع جيراننا. الخطر في ايلول ليس بالذات بوجود المظاهرات الجماهيرية للفلسطينيين بل بالقضاء على الفرصة لمواصلة المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين وحاجة الزعماء العرب لأن يشرحوا لمواطنيهم بأنهم، رغم ذلك، يواصلون اقامة العلاقات معنا.

السير مع الرأس الى الحائط، ومع ما يبدو لنا كمحق ونزيه، حين ينظم غالن باك اجتماعات تأييد والمسيحيون الافنجيليون ورجال "حفلة الشاي" يشجعونه على التمسك بحقيقتنا – من شأنه أن يدفعنا الى درك أسفل لم نشهد له مثيل منذ سنوات عديدة في مكانتنا في الشرق الاوسط.

الربيع العربي يخلق وضعا جديدا في منطقتنا، حتى لو لم يؤدِ بسرعة الى بناء ديمقراطيات جيفرسونية. من لا يفهم ما يجري لنا أمام ناظرينا وكل ما يفعله هو أن يحتوي التأييد الدولي الكبير لكل مشروع قرار يتقدم به الفلسطينيون للامم المتحدة الاسبوع القادم، سيرتكب خطأ مريرا.