خبر بين إدارة النجاح والقضاء الفلسطيني ..د. عبد الستار قاسم

الساعة 02:52 م|25 أغسطس 2011

بين إدارة النجاح والقضاء الفلسطيني ..د. عبد الستار قاسم

أرسل أستاذ أمريكي من جامعة شيكاغو يسألني عن قصة أربعة طلاب فلسطينيين طردتهم إدارة جامعة النجاح الوطنية. وقال إنه قد سمع أن المحكمة العليا الفلسطينية قد قضت بعودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة مؤقتا حتى الانتهاء من النظر بالقضية. لكن إدارة الجامعة لم تنفذ القرار، والمدرسون لم تكن لهم كلمة، والطلبة صمتوا. وأضاف بأن من يفعل ذلك لا يستحق الدولة.

 

كنت أعمل حينها في جامعة القدس، لكنني جمعت معلومات حول هذه المسألة، وهنا أوردها باختصار. طردت إدارة جامعة النجاح الوطنية بتاريخ 4/نيسان/2010 عددا من الطلاب طردا نهائيا بسبب أعمال شغب حصلت في الجامعة.

 

نفى الطلاب التهمة، وقرروا اللجوء إلى القضاء الفلسطيني لإلغاء قرار إدارة الجامعة والتي هي وفق لائحة الدعوى الأستاذ رئيس الجامعة ومجلس العمداء. والعودة إلى مقاعد الدراسة. لجأ الطلاب إلى محكمة العدل العليا بناء على نصيحة القانونيين لأن المحكمة العليا هي صاحبة الاختصاص. هذا علما أن الطلاب لم يتوجهوا معا إلى المحكمة، بل متفرقين. طلبوا من المحكمة إصدار أمر بوقف تنفيذ القرار.

 

أصدرت المحكمة قرارات مؤقتة بالأغلبية في أواخر شهر أيار وأوائل شهر حزيران/2010 قضت بعودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة مؤقتا وذلك بسبب أضرار لا يمكن تلافيها قد تلحق بهم.  وتلي علنا باسم الشعب بحضور الوكيل الأستاذ شكري النشاشيبي. تكونت هيئة المحكمة من السيدة القاضي إيمان ناصر الدين رئيسا، وعضوية السيدين القاضيين رفيق زهد وصلاح مناع.

 

كما تقرر وعملا بأحكام المواد (286، 278، 288) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 دعوة الجهة المستدعى ضدها لبيان الأسباب الموجبة للقرار المطعون فيه أو ... من إصدار القرار موضوع الطلب. حتى إذا كانت تعارض في إصدار قانون قطعي التقدم بلائحة جوابية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ وتعيين جلسة إلى يوم الأربعاء 7/7/2010 موعدا لنظر الدعوى وتبليغهما لائحة الدعوى ومرفقاتها والقرار المؤقت الصادر فيها وموعد الجلسة.

 

رفضت إدارة الجامعة تنفيذ القرار على الرغم من أن الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة  عضو لجنة انتخابات مركزية ويعي تماما أهمية احترام القضاء. في هذا الرفض ما يسيء للجامعة وسمعتها، ويسيء لهيئتها التدريسية التي تصر على أداء علمي جيد وتقول دائما للطلاب بأن الأمم التي لا تحترم القضاء مصيرها إلى الهلاك.من خلال بحثي، وجدت أن السيدة القاضية إيمان ناصر الدين لم تُكمل القضية، وأصبحت هيئة المحكمة برئاسة السيد القاضي محمود حماد. ومما سمعته، هناك احتمال كبير أن السيدة إيمان ناصر الدين قد تعرضت لضغوط لتغيير مواقفها، ولكنها رفضت فاستبدلت. وهذه مسألة بحاجة إلى توضيح من السيدة القاضية، وفيما إذا كان ذلك صحيحا أم لا. والمهم هنا أن هيئة المحكمة قد قررت أن محكمة العدل العليا ليست صاحبة اختصاص.

 

أين يذهب الطلاب بعد ذلك؟ إذا كانت محكمة العدل العليا التي أصدرت قرارا مؤقتا غير مختصة بالنظر في هذه القضية، فمن هي الجهة المختصة؟ هذا أمر عجيب.

 

توجه بعد ذلك الطالبان أحمد عطا أحمد يوسف أبو سلطح ونمر محمد سامي عبد ربه وكلاهما من مخيم بلاطة إلى النائب العام بشكوى ضد الأستاذ رئيس الجامعة وضد أعضاء مجلس العمداء، كل واحد باسمه، وذلك بتاريخ 5/حزيران/2010. بقيت الشكوى في أدراج النائب العام عدة أشهر. وهنا أذكر كيف حرك النائب العام شكوى ضدي فورا، وقد خسرها، بينما ينتظر حوالي سنة أو أقل حتى يحرك هذه القضية. أما موضوع الشكوى فهو مخالفة التدابير الصادرة عن المحاكم خلافا لأحكام المادة 473 ع60؛ وإساءة استعمال السلطة وإعاقة تنفيذ قرار قضائي وأوامر المحكمة خلافا لأحكام المادة 182/2 ع60. ما زالت القضية في المحكمة حتى الآن.

 

يتسلح الطالبان بكتاب من مدير أمن الجامعة يقول فيها بأن الطالبين لا علاقة لهما بالشغب الذي حصل، وبكتاب من المخابرات الفلسطينية يفيد ذات الشيء. لكن المشكلة أن هذين الطالبين، كما يبدو من أولاد "المقاطيع"، وليسا من أولاد السادة. وبما أن القضية لها علاقة بمتنفذين وأصحاب سلطان، فإن العدالة تجد نفسها في ضيق. هذا وقد تواصل الطالبان مع مكتبي السيد محمود عباس والدكتور سلام فياض. وقد علمت أن الدكتور فياض قد أبدى استغرابه من الأمر، لكنه لم يفعل شيئا ظاهرا للعيان.

 

هنا أنا لست صاحب قرار بالتبرئة أو الإدانة لأن هذا من شأن القضاء، لكنني أقول إن الأمة التي لا تحترم قوانينها ومواثيقها تضعف ويتسلط عليها أعداؤها، وإن الذين لا يحترمون القضاء يهددون مصير الأمة.

 

المشكلة

المشكلة ليست في هذه الحالة فقط لأن الأمر يتكرر، وإنما في الشعب الذي يرى الظلم والفساد والاستهتار بالوطن ولا يتحرك. كثيرون من المسؤولين يرون بأنفسهم فوق القضاء وفوق العدالة، وربما يرغبون بتنصيب أنفسهم آلهة أو أباطرة، وهم يرون أن المثقفين لا يتحركون، والحركة الشبابية الفلسطينية غير موجودة إلى حد كبير. يرون الناس ينافقون لهم فيظنون في أنفسهم ما يبرر لهم الفوقية واستعباد الناس.

 

جميع الوثائق الخاصة بالقضية متوفرة لدي، ولن أبخل بها على أحد