خبر تاريخ الجنون: وداع طاغية- اسرائيل اليوم

الساعة 08:52 ص|24 أغسطس 2011

تاريخ الجنون: وداع طاغية- اسرائيل اليوم

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: اسقاط القذافي من الحكم الليبي بعد 42 سنة ليس فقط اسقاطا لطاغية سلب لجيبه وجيوب عائلته ثراء بلاده. هذا اسقاط لشخص كان ينبغي أن يتلقى علاجا ذهانيا وان يدخل المستشفى، على ما يبدو، في قسم مغلق - المصدر).

        سويسرا خرجت عن طورها. هذا حدث في 2008. رجلا أعمال سويسريان وصلا الى ليبيا للترويج لاعمالهما اعتقلا هناك كعملية رد على اعتقال هنيبال، نجل العقيد معمر القذافي في جنيف. الابن العاق اعتقلته الشرطة المحلية بعد أن وصلت شكاوى خطيرة عن أنه هو وزوجته الحامل ضربا بوحشية خادمين لهما.

        الشرطة السويسريون لا يعرفون التذاكي. لم يكن يهمهم ان يكون هذا معمر القذافي أو جنكيز خان. اذا كانت هناك شكوى – فانهم يفحصونها. واذا كان لها اساس – فانهم يعتقلون. هذا هو السبب الذي أدى الى اعتقال القذافي.

* * *

ولكن القذافي الاب نظر الى القضية بشكل مختلف وبشدة كبيرة. دون أن يتناول على الاطلاق جوهر الامر، رأى في الاعتقال مسا مباشرا ومقصودا بكبرياء ليبيا، وطلب الاعتذار الفوري من الحكومة السويسرية، اضافة الى دفع تعويضات بمبلغ 435 الف دولار وتقديم افراد الشرطة الذين شاركوا في اعتقال ابنه الى المحاكمة.

واحتل الامر فورا العناوين الرئيسة في بلاد الساعات والشيكولاته والهادئة بشكل عام. الحكومة هناك كانت مطالبة بان تعالج المشكلة واطلاق سراح رجلي الاعمال اللذين علقا، بغير صالحهما، في العاصمة الليبية، وهما بريئان من كل جرم، إذ لم يكن هما أي صلة باعتقال ابن الحاكم المجنون.

* * *

وسرعان ما تطورت القضية. وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كلمي – ريه وصلت الى طرابلس لاجراء حديث مع قادة الدولة الليبية. واستقبلت هناك بوجوه عابسة، ولم يشكرها أحد – ولا حتى في حديث جانبي – إذ يدور الحديث عمليا عن شيء محرج وسخيف قليلا.

اما هي من ناحيتها فكانت مستعدة لان تبحث عن صياغات للاعراب عن الاسف لما لحق بابن الزعيم عديم اللقب الرسمي، بل ودفع تعويضات على ذاك الحرج. فبعد كل شيء سويسرا ليست بالضبط الدولة الافقر في العالم، وما الذي لا يفعلونه لتحرير مواطنين أبرياء يذوون في السجن الليبي.

ولكن تقديم الشرطة الذين أدوا مهامهم الى المحاكمة؟ هل متعذر حقا! وزيرة الخارجية كلمي – ريه طلبت فحص امكانيات اخرى، بما فيها رفع التعويض المالي لليبيا، ولكن الامر لم يجدِ نفعا.

ومثل الاميرة التي طلبت القمر، أصر القذافي على مطلبه غير المهاود: الشرطة يحاكمون والا سيفهم وكأنهم لم يخطئوا بتجرؤهم على اعتقال ابنه! معمر القذافي توقف ايضا عن اصدار التأشيرات لسويسريين وأوقف ارسالية النفط الى سويسرا، وكان ينبغي أن تمر سنتان قبل ان تنتهي القضية. الى هذا الحد.

* * *

اسقاط القذافي من الحكم الليبي بعد 42 سنة ليس فقط اسقاطا لطاغية سلب لجيبه وجيوب عائلته ثراء بلاده. هذا اسقاط لشخص كان ينبغي أن يتلقى علاجا ذهانيا وان يدخل المستشفى، على ما يبدو، في قسم مغلق.

عندما تفكر بحقيقة أنه بعد انتهاء قضية لوكربي، اضطر العالم الى احتضانه، وعلى أن طوبي بلير، رئيس الوزراء البريطاني الاسبق، عانقه، ونتذكر بان نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، سمح لهذا المجنون بان يقيم خيمته في باريس، مع حارساته الشخصيات ومع ناقاته التي يشرب حليبها – فانك لا يمكنك الا تسمع تنفس الصعداء من أفواه كثيرة في العالم بأسره.

* * *

ولكن الى جانب ذلك، مع تنفس الصعداء تفهم أيضا مرة اخرى ضعف العالم، اللعبة ذات الوجهين وحقيقة انه طالما لا يظهر اناس شجعان مستعدون لارسال زعيمهم الى الجحيم – سيواصل العالم لعب اللعبة.