خبر فرصة ليبيا: التحطم أو دولة ديمقراطية- هآرتس

الساعة 08:47 ص|24 أغسطس 2011

فرصة ليبيا: التحطم أو دولة ديمقراطية- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: اذا ما تفتتت ليبيا الى أجزائها بعد النصر الكبير على القذافي، يمكن للاسد أن يكسب "زمنا نوعيا" على متظاهريه، دون خوف من تدخل دولي - المصدر).

الخطاب الشعري لمعمر القذافي الذي دعا فيه مواطني ليبيا "لتطهير الدولة من الخونة، بيت بيت، دار دار، زنغة زنغة" قد يكون الارث للخطاب الأكثر شعبية الذي خلفه وراءه. فقد اصبح هذا الخطاب شهيرا يتم تناقله في مواقع الفيس بوك واليو تيوب. مطاعم ومنتجو مشروبات خفيفة سارعوا الى تسمية وجباتهم ومنتجاتهم "زنغة زنغة" وخلدها الهريمكس الاسرائيلي في قصر المجد.

ولكن "زنغة زنغة" إياها ستعرف الان الواقع السياسي والعسكري في ليبيا بعد سقوطها النهائي. ليبيا هي فسيفساء قبلية، عرقية، ثقافية وسياسية، حتى القذافي اضطر الى التساوم معها، رشوة زعمائها والتعويل على تقاسم القوة مع قبيلته كي يقيم "جماهيريته" – ذاك المخلوق السياسي من اختراع القذافي الذي لا مثيل له في دول اخرى. "الثوار"، هذا التعبير الشامل الذي يقدمه معارضو القذافي كهيئة منسجمة ظاهرا، نجحت بمعونة الدول الغربية في اسقاط نظام القذافي – حتى وان كان هو لا يزال حيا – أظهرت هذا الاسبوع انقساماتها. فضد زعيم "الحكومة الانتقالية الوطنية"، مصطفى عبدالجليل، الذي القى أمس خطابا مطولا عن الحاجة الى الوحدة، الديمقراطية والشفافية، ثارت منذ الان شكاوى شديدة، ضمن امور اخرى بسبب دوره في المس بالمواطنين عندما كان وزير العدل تحت القذافي.

قوات الثوار الذين هاجموا طرابلس من الغرب، والذين كانوا اكثر تنظيما وانضباطا من القوات التي جاءت من الشرق، بدأوا بالمطالبة بنصيبهم في الحكم الجديد الذي لم ينشأ بعد، ومن شأنهم أن يعارضوا صلاحيات "الثوار من بنغازي". الصراع السياسي بدأ فقط والخصوم فيه يملكون جيوشا خاصة، مزودة بسلاح ثقيل، ووحدوا القوى على شرف الثورة. ولكن هذه ايضا هي قوى من شأنها فورا أن تتفجر الواحدة ضد الاخرى في الصراع على الحكم. رغم أن هؤلاء الخصوم لا يمثلون بالضرورة ايديولوجيات مختلفة – مع أن هذه موجودة ايضا – بل سكانا متميزين، لكل مجموعة منها يوجد حساب خاص بها، سواء مع نظام القذافي أم مع جماعات الخصوم الاخرى. وحسب التقديرات، نحو 5 مليون من أصل نحو 6.5 مليون من سكان ليبيا (بينهم نحو 1.5 مليون مهاجر) يوحدون نحو 140 قبيلة، منها نحو 30 ذات قوة ونفوذ سياسي. الامتناع القبيلي هو موضوع تقليدي، ولكنه يقرر مصير ومكانة ابن القبيلة والقبيلة بشكل عام. القبائل الكبرى المعروفة أكثر الى جانب قبيلة القذافي هي: قبيلة مسراطة التي تسيطر في القسم الشرقي من الدولة؛ قبائل كرغالة، تواجير ورملة في الوسط، وابناء قبائل ابو هلال في الغرب. ولكن هذه القبائل ايضا لا تتشكل من مادة واحدة. بعضها هجرت نمط الحياة التقليدية وبعضها لا يزال يتمسك به في ظل الخصومة مع الاخرين، ولم نقل بعد شيئا عن الخصومة بين البربر والعرب.

"توزيع الغنائم" السياسية في ليبيا سيتعين عليه ان يراعي المبنى الديمغرافي للدولة كي يمنع حربا أهلية طويلة، مثلما حصل في العراق. ولكن هذا التطلع يحتاج الى زعيم كريزماتي وذي صلاحية، تكون في يده ايضا قوة مناسبة لفرض الموقف. زعيم كهذا لم يولد بعد في الثورة الشعبية الليبية وكذا "قوة الفرص" هي تعبير نظري: عن الهيئة السياسية التي ستدير ليبيا في الفترة القريبة القادمة أن تقرر موقفا بالنسبة للجيش والشرطة اللذين كانا يخضعان للقذافي ويوجد معهما حساب دموي طويل، سواء على عدد القتلى في الثورة، الذي يقدر بنحو 15 – 20 ألف شخص أم على 42 سنة حكم فيها القذافي بيد من حديد.

هذا جيش صغير، نحو 50 الف جندي، بين نظامي واحتياط، معظم قادته ينتمون الى قبيلة القذافي او القبائل التي أيدته. سفير ليبيا في واشنطن، علي سليمان العجيلي، وان كان واثقا من أن الحكومة الانتقالية الوطنية ستنجح في ادارة الشؤون العسكرية – لديها وزير دفاع ومجلس عسكري – ولكن في هذه الاثناء لا يوجد يقين في أن وزير الظل الحالي سيواصل مهامه بعد النصر.

وللشكل الذي ستدار فيه عملية نقل السلطة في ليبيا سيكون أيضا تأثير كبير على الطريقة التي سيتصرف فيها رئيسا سوريا واليمن، وعلى قرارات دول الغرب في مسألة التدخل العسكري الممكن في سوريا. سبعة اشهر الثورة في الشرق الاوسط تفيد بان استقالة الزعماء ليست مرضا معديا. في تونس الزعيم فر، في مصر – استقال، في ليبيا قاتل حتى آخر زنغة له وفي سوريا لا يعتزم على الاطلاق التنازل. اذا ما تفتتت ليبيا الى أجزائها بعد النصر الكبير على القذافي، يمكن للاسد أن يكسب "زمنا نوعيا" على متظاهريه، دون خوف من تدخل دولي. ولكن هذا لم يعد بمسؤولية الليبيين.