خبر مزارعو المناطق الحدودية بغزة يهجرون أراضيهم جراء « سخونة » الوضع الأمني

الساعة 07:19 ص|24 أغسطس 2011

مزارعو المناطق الحدودية بغزة يهجرون أراضيهم جراء "سخونة" الوضع الأمني

فلسطين اليوم-رام الله

"بالرغم من أن جنود الاحتلال يعرفوننا جيداً بالاسم والشكل وأننا مزارعون مسالمون، بسبب مراقبتهم الدائمة لنا عبر المناظير الضخمة، وبالرغم من معرفتهم أننا لا نشكل أي خطر على حياتهم وأن كل همنا زراعة وري أراضينا، فإننا لا نسلم من استهدافهم لنا بقذائف الدبابات ورصاص الرشاشات".

وأضافت المزارعة سالمة أبو مصطفى "أم حسام" إنها وغيرها من المزارعين اضطروا منذ يوم الخميس الماضي إلى هجر أراضيهم والبقاء في منازلهم غير الآمنة بدورها، حفاظاً على حياتهم وحياة أبنائهم من الرصاص الإسرائيلي المتطاير في كل الاتجاهات، إن لم يكن موجهاً لصدورهم مباشرة.

وقالت "أم حسام" التي تملك أرضاً مساحتها 4 دونمات شرق خان يونس على بعد نحو كيلومترين عن الحدود لـ "الأيام": "كلما أصبح الوضع على الحدود أكثر سخونة بسبب الأحداث نلجأ إلى هجر أراضينا حتى ونحن نعلم أن المحاصيل الزراعية فيها بحاجة إلى الري، لأن حياة الإنسان أهم بكثير لدينا من حياة الشجر".

ووصفت الوضع على الحدود، يوم أمس وأول من أمس، بأنه أكثر هدوءاً من ذي قبل، وإن كان هذا الهدوء مشوبا بالحذر والترقب، موضحة أنه بالرغم من الهدوء يبقى التصعيد في كل لحظة سيد الموقف، لأن الاحتلال الإسرائيلي ليس له أمان، فسرعان ما يطلق حمم قذائفه المدفعية ويفتح نيران رشاشاته الثقيلة في كل الاتجاهات لإسقاط أكبر عدد من الضحايا بين شهيد ومصاب، خاصة عندما تكون هناك عملية للمقاومة يقتل فيها جنود أو مواطنون إسرائيليون.

وبيّنت أم حسام أن قذيفة مدفعية سقطت أول من أمس في منزل عائلة أبو دقة رغم ما أعلن عن هدوء في المنطقة، ما أدى إلى نفوق أحد الأحصنة.

من جهته، قال المزارع خالد قرموط الذي يملك وأسرته أرضاً زراعية مساحتها نحو 100 دونم شمال شرقي بلدة بيت حانون إنه منذ وقوع الأحداث في ايلات لم يصل إلى أرضه مطلقا، حتى أنه وذويه لم يجرؤوا على الاقتراب منها والنظر إليها، لأن الوضع هناك كان خطيراً جداً وكانت حركة الدبابات والآليات العسكرية والطائرات من مختلف الأنواع حركة محمومة، ومن يقترب من هناك يكون قد حكم على نفسه بالموت.

وأضاف قرموط لـ"الأيام" أنه منذ استشهاد والده شعبان قرموط وهو في أرضه الذي يعرفه جميع جنود الاحتلال وضباطه على الحدود جيداً كمسن مسالم أصبح لديهم يقين بأن الاحتلال ليس لها أمان على الإطلاق، وأنه لا يفرق بين مزارع ومقاوم، مشيرا إلى أنهم اضطروا خلال الأيام السابقة إلى هجر أرضهم والابتعاد عنها خوفاً على حياتهم رغم معرفتهم أن الأرض والأشجار بحاجة إلى الرعاية.

ووصف الأوضاع على الحدود خلال الأيام التي أعقبت عملية إيلات بأنها كانت صعبة للغاية، موضحا أن جنود الاحتلال لم يتورعوا لحظة عن إطلاق النار في جميع الاتجاهات على كل شيء متحرك، حتى أن الأشجار لم تسلم من شظايا قذائفهم المدفعية.

المزارعة فتحية السميري "أم محمد" وتملك أرضاً مساحتها 5ر2 دونم في منطقة وادي السلقا شرق مدينة دير البلح قالت إنها بسبب أن معظم أرضها مزروعة بالخضراوات مثل الباذنجان والملوخية والخيار والبندورة كانت تضطر إلى التسلل خفية للوصول إلى أرضها وريها خوفاً من تلف المزروعات التي كلفتهم مبالغ طائلة.

وأضافت السميري أن سخونة الوضع على الحدود والرصاص المتطاير فوق رؤوسهم ودوي الانفجارات الذي لم يتوقف لحظة جعلتهم يمكثون في منازلهم وهجر أراضيهم خوفاً على حياتهم، موضحة أن الوضع خلال اليومين الماضيين أهدأ بكثير من الأيام التي سبقتها، وإن كانوا يسمعون بين الحين والآخر أصوات طلقات نارية ويشاهدون حركة محمومة للدبابات.

وذكرت أن حياتهم معرضة دائماً للخطر أكثر من أي شخص غيرهم، لأنهم يعيشون على الخط الأمامي الأول للقطاع ما يجعلهم دائمي الحذر ويتابعون الأخبار أولاً بأول، لافتا إلى أنه شاهد يوم الخميس الماضي أي يوم وقوع الأحداث المزارعين يهرعون إلى منازلهم تاركين وراءهم أمتعتهم وأدوات الزراعة من أجل النجاة بأنفسهم قبل تصاعد سخونة الوضع أكثر من اللازم.

وقالت السميري إن سلامة الإنسان أهم من الأرض، وإنهم يهجرون أراضيهم في مثل هذا الوضع وكذلك منازلهم، لأن قذائف الاحتلال لا تفرق بين مزارع ومقاوم، خاصة والدبابات تتحرك على الحدود، التي تشخص إليها عيونهم.

المزارع عزمي أبو هداف الذي يملك أرضاً مساحتها 25 دونماً في منطقة وادي السلقا شرق دير البلح يقول إنه بالرغم من الخطر الشديد الذي كان يحدق به وأسرته لم ينقطع لحظة عن الذهاب إلى أرضه التي أنشأ على مساحة كبيرة منها دفيئات مزروعة بمختلف أنواع الخضراوات، التي تحتاج إلى ري دائم.

وقال أبو هداف لـ"الأيام" إنني أعلم تمام العلم أن الخطر يحدق بي من كل جانب، ولكن كما يقول المثل "المال يعادل الروح" وهذه الخضراوات وضعنا فيها كل مالنا وبذلنا فيها الجهد والوقت من أجل الاستفادة منها، وأي إهمال لها سيكبدنا خسائر فادحة.

وأشار إلى أنهم كانوا خلال الأيام الأربعة الأكثر سخونة يتسللون خلسة بين الأشجار، رغم تساقط الرصاص والقذائف حولهم وتحليق طائرات الاستطلاع فوقهم.