خبر سياسة جديدة مع حماس -يديعوت

الساعة 07:54 ص|23 أغسطس 2011

سياسة جديدة مع حماس -يديعوت

بقلم: افرايم هليفي

قبل نحو من شهرين تكلم نبيل شعث، رئيس مكتب العلاقات الخارجية في م.ت.ف، في مؤتمر شارك فيه ناس من أكثر من 40 دولة. وقد وجد في مركز كلامه رسالتان مركزيتان: الاولى أن السلطة الفلسطينية مصممة عازمة على متابعة مبادرتها لاحراز تأييد شامل من الجمعية العامة للامم المتحدة لاستقلال الفلسطينيين في الحال، والثانية أن الاتفاق الذي أُحرز بين السلطة وحماس هو اجراء استراتيجي مهم لا عودة عنه. وقد كرر كلامه أنه لا عودة ثلاث مرات.

        ليس عجبا أن شعث لا غيره هو الذي سارع الى التنديد بشدة بعملية الاغتيال التي نفذها الجيش الاسرائيلي في قادة لجان المقاومة في غزة في حين كانوا ما يزالون يجلسون في غرفة العمليات التي تولت قيادة العملية الارهابية في يوم الخميس الماضي. وقد قطع قادة السلطة الفلسطينية صمتهم الهادر عن العمل الارهابي بعد يومين حينما أعلنوا بأنهم سيطرحون عمليات الجيش الاسرائيلي للنقاش في مؤسسات الامم المتحدة.

        مع انقضاء كلام شعث في المؤتمر تقدم منه سفير ايراني رفيع المستوى، شارك في الحفل وقبله قبلتين مجلجلتين وقال له بالانجليزية بصوت جهير: "أنا فخور بك!". قلت لشعث أنني لو كنت مكانه لحذرت القبلات المسمومة، فرد بابتسامة أشك أهي عن حرج أم عن استحياء.

        في ذلك المؤتمر ظهرت مفوضية ثائرة لقادة شباب حركة الاخوان المسلمين في مصر – وأكثرها نساء شابات ذوات تصميم وعلم. تكلمت اثنتان منهن كلاما أساسه التماثل والتأييد المتطرف لمطامح الفلسطينيين ولاخوتهن ولأخواتهن في قطاع غزة خاصة. وقد بينت أحاديث معهن أن أكثرهن زرن غزة بعد اسقاط النظام في بلدهن وكان انطباعي الواضح أن "القضية الفلسطينية" ستحتل منذ الآن مكانا سيزداد قُدما في الخطاب السياسي الداخلي في مصر ويؤجج الغرائز كلما اقترب موعد الانتخابات الجديدة هناك.

        ليست مشكلتنا الرئيسة "عدالة الطريق" – فمن الواضح أن من حقنا الكامل أن نحمي أنفسنا في ميدان القتال في الساحات السياسية – بيد ان الوسائل التي نملكها لم تفض الى أدنى قدر من النتائج المطلوبة لضمان نصرنا. وتوجد تناقضات داخلية صارخة بين تقديرات الوضع عندنا. ومن نتيجة ذلك أننا نصوغ طرق عمل لا تستطيع أن تؤدي بنا الى أي هدف مُراد.

        نحن نُقدر مثلا أن الحلف بين فتح وحماس غير ذي بقاء. ويبدو وهم هذا التقدير كل يوم، وحتى لو كان يوجد تعاون حقيقي بين السلطة الفلسطينية والجهات الامنية في يهودا والسامرة، فانه لا يُترجم الى عملة مشابهة في غزة في الصعيد السياسي. في نهاية الاسبوع استمر رئيس الحكومة وزعيم الاكثرية الجمهورية في مجلس النواب الامريكي في تهديد فتح بالمس بجيبها اذا لم تتخل عن الاتفاق اللعين مع حماس. وهذا لن يحدث، فكل محاولة للضغط لاحراز هذا الهدف حكمها الفشل.

        في وضع ليس التفريق فيه بين فتح وحماس واقعيا فان الاختيار أمام اسرائيل هو بين محاولة اجراء محادثة سياسية مع الفلسطينيين كما هم، أو أن تقرر عدم اجراء تفاوض معهم ألبتة. ستسأل الحكومة نفسها ما الفرق في الحقيقة بين فتح وحماس، وبين منفذي الارهاب ومن يردون عليه بصمت مشايع.

        والافتراض الثاني المخطوء هو أن القيادة العسكرية، في الوضع الذي نشأ في مصر، ستدير ظهرها للاخوان المسلمين، وستجري معهم معركة مكشوفة حاسمة وتجابه حليفتهم حماس. وهذا لن يحدث، لهذا يجب على اسرائيل ان تقرر هل مصلحتها العليا في اقامة معاهدة السلام مع مصر بصورة فعالة، تقتضي العودة الى صوغ سياسة جديدة مع حماس وألا تضائل جهودها لترتيب علاقاتها مع مصر. اذا اقتصرت الحكومة في مباحثاتها هذا الاسبوع على احتواء التوتر الحالي من غير تطرق الى القضايا الأساسية فان الجولة التالية قريبة جدا وكانت بقايا نهاية الاسبوع هدرا.

        إن من يدعو اليوم الى اسقاط سلطة حماس يقود اسرائيل الى معركة دامية نتائجها غير مضمونة. اذا حدثت عملية رصاص مصبوب اخرى فستكون كلفتها أكبر من أن تحتمل، وسيكون انجازها في أحسن الحالات قصير الأمد. إن الهدنة في الجنوب يجب أن تكون مدخلا لتغيير سياسة شاملة إزاء غزة. هذه مصلحة حماس الضعيفة التي تركتها ايران، ومصلحة قيادة مصر الحالية، التي توجه الدفة في مياه داخلية مائجة، ويجب أن يكون هذا مصلحة حقيقية لاسرائيل.