خبر ثمن « الردع »- يديعوت

الساعة 07:48 ص|22 أغسطس 2011

ثمن "الردع"- يديعوت

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

(المضمون: مصلحة اسرائيل القومية الآن أن تُسكن النفوس الهائجة لا أن تثيرها لئلا يفضي عمل متسرع منها الى اشعال المنطقة - المصدر).

        في الثامن والعشرين من حزيران 1914 اغتال القومي البوسني غبريلو برنتسيب ولي العهد النمساوي – الهنغاري الأرشيدوق برانتس فرننادز، وما بقي فهو تاريخ. وقد أفضى القتل الى إنذار نمساوي للصرب. وقبل الصرب أكثر المطالب لكن ذلك لم يكن كافيا، فأعلنت النمسا حربا وبعد ذلك بزمن قصير جُرت اليها كل القوى الاوروبية المهمة، مؤدية باوروبا الى ما سمي بعد ذلك "الحرب العالمية الاولى".

        إن المدهش في جميع هذه الأحداث (التي أفضت فيما أفضت اليه الى انهيار الدولة النمساوية – الهنغارية وحكم القياصرة في روسيا والقياصرة في المانيا وموت ملايين العسكريين والمدنيين) هو قدرة عمل ارهابي واحد على أن يتدهور الى اشتعال شامل لم يتوقع أحد نتائجه. إن متطرفا شابا في التاسعة عشرة من عمره يعمل صادرا عن غريزته، قد أملى بعمل وحيد مصير كثير من الناس، وجر امبراطوريات كبيرة الى سلسلة من اعمال الحماقة القصيرة النظر التي جلبت كارثة لا على متخذي القرارات فحسب بل على الكثيرين الذين نفذوا قراراتهم بالفعل.

        يُبين التاريخ على أن الارهاب الفعال يمكن أن يستعمل ضغطا نفسيا عظيما على زعماء وأمم. فللوهلة الاولى تبدو الوقاحة الفاضحة في العمل الارهابي غير محتملة. ويُخيل اليهم لاول وهلة أن اصابة الأبرياء، وأكثر من ذلك اصابة الكرامة القومية، تُسوغ اعمال عنف أكثر كثيرا من الاصابة الاولى. ويبدو، حتى يبدأ الدم يُسفك، وحتى تبدأ مبانٍ سياسية ودبلوماسية أُنشئت بعمل كبير في الانهيار، يبدو أن التصعيد هو الرد الوحيد المقبول في الرأي، وبعد ذلك، على نحو عام، تصعب العودة الى الوراء. فردود المجازاة توجب على الطرف الآخر – الناشب في شركه السياسي – النفسي – أن يزيد القوى ويصبح التصعيد غير ممتنع في الحقيقة.

        يختلف الوضع في الشرق الاوسط في بداية القرن الواحد والعشرين عن الوضع في اوروبا في بداية القرن العشرين، لكن توجد ايضا خطوط تشابه خطرة. فالحديث في الحالتين عن نظم سياسية مضعضعة، وعن توترات داخلية وخارجية شديدة، لا يُحتاج الى الكثير لجعلها تنفجر. وفي الحالتين كان يجب على متخذي القرارات أن يحذروا رؤية متفائلة جدا لقدرتهم على السيطرة على تسلسل الأحداث. وفي الحالتين لا يجوز أن يكون مصير الكثيرين الذين كل ارادتهم أن يعيشوا بسلام أداة رهينة بيد القلة الذين يرون حياتهم وحياة الآخرين مثل قشرة الثوم.

        إن السؤال الذي يجب أن يرشد تقديرات متخذي القرارات هو ما الذي سيحدث في اسوأ سيناريو حيث لا يوجد لنا أي سيطرة على ردود العدو، لا في السيناريو المثالي الذي يرد فيه العدو بحسب المعايير التي تريحنا. إن المسألة الملحة اليوم في الشرق الاوسط هي امكانية انهيار السلام مع مصر، تدخل يائس – لاسباب داخلية في الأساس – من السلطة السورية وخُدامها اللبنانيين، وقطيعة ظاهرة مع تركيا، وعنف ايراني هدفه تثبيت مكانة ايران باعتبارها زعيمة الشارع الاسلامي.

        صحيح، ربما لا ينفجر ايضا برميل البارود هذا في الشرق الاوسط الجديد. وربما نُعلم جهة ما درسا لكن ربما لا يحدث ذلك. والسؤال هل نحن قادرون على هذه المخاطرة. وماذا سنخسر اذا تحقق اسوأ سيناريو، وماذا سنكسب اذا تحقق الأفضل. اذا حدث كل شيء بحسب الخطة فسيتم الحفاظ على "الردع" والكرامة القومية وإلا فليحفظنا الله.

        إن المصلحة القومية الاسرائيلية في هذه الايام هي تسكين النفوس. فالرأي العام في اسرائيل مستعد لقبول ضبط النفس. والجمهور في اسرائيل يطلب أن يُبحث ترتيب الأفضليات الوطني بحثا جديا ضروريا وألا نتورط في جولة عنف اخرى لن تأتينا بأي ميزة حقيقية سوى الشعور بأننا لم نتخلى عن أي مبدأ. المباديء اشياء مهمة ما لم تكن انعكاسا شرطيا. فلا تدعوا المبدأ يفجر برميل البارود الذي نجلس عليه.