خبر غرور وليس اعتبارا -هآرتس

الساعة 07:45 ص|22 أغسطس 2011

غرور وليس اعتبارا -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: اسرائيل بصلفها وغرورها تدفع الشارع العربي الثائر الى ردود فعل عنيفة على سياستها وأفعالها في المناطق المحتلة - المصدر).

        يجب أن نأمل ألا يطلب رئيس الحكومة الى الوزير موشيه يعلون أن يُسوي الاختلاف مع مصر في أعقاب الحادثة في الجنوب. فعلى حسب نظرية العلاقات الدولية للقائم بأعمال رئيس الحكومة ومؤداها أن "جلالة الشأن ذخر استراتيجي"، ينبغي أن تمضي القاهرة الى الجحيم. وكما في مسألة رفض الاعتذار للاتراك، فان السير بانتصاب في الطريق الى خفض مستوى العلاقات بالدولة العربية الكبرى سيرفع بالتأكيد جلالة شأن اسرائيل في واشنطن وباريس ويردع دمشق وطهران. وحينما يعمل الجيران عن دوافع جلالة الشأن بخلاف مصالحهم نُسمي ذلك بصلف اسرائيلي "كرامة عربية".

        إن اللقاء بين جلالة شأن المصريين وصلف القيادة الاسرائيلية قد أشعل الحريق الكبير في تشرين الاول 1973. فشعور مصر بالكرامة أراد أن يغطي على عار خسارتها لشبه جزيرة سيناء، وصلف غولدا مئير سد أذنيها عن استماع علامات السلام من أنور السادات. ولم تنجح آلاف الضحايا التي جبتها الحرب في شفاء الاسرائيليين من دُمل الصلف الخبيث. فهو يرفع أنفه حتى يسد المنظر الطبيعي وراء الركن وحتى الصدام العنيف التالي.

        لم يولد احتجاج مئات المصريين الذين يحدقون بسفارة اسرائيل في القاهرة في الاسبوع الاخير. فهم منذ عشرات السنين يشاهدون مستوطنين يهودا يسلبون العرب اراضيهم باذن من حكومة اسرائيل ومباركتها. وطوال تلك السنين كلها والمحللون العرب يُذكرون قراء الصحف في الدول العربية بأن الاسرائيليين ضللوا مصر في كامب ديفيد بتجاهلهم الفصل الفلسطيني في الاتفاق. ويهدد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بالغاء اتفاق اوسلو ومن العجب أنه لا يهدد بالغاء معاهدة السلام مع مصر. قبل اسبوعين رأى مشاهدو "الجزيرة" نائب رئيس الكنيست، داني دنون، وهو من رجال الحزب الحاكم في اسرائيل، يعلن بحق الشعب اليهودي في ارض اسرائيل كلها وفي يهودا والسامرة خاصة. وقد أعلن دنون الذي عُرض بصفة رئيس الليكود العالمي، أن فكرة الدولتين غربي الاردن فكرة سخيفة.

        عرف العرب في نهاية الاسبوع أن دنون وليبرمان وشركاءهما ليسوا وحدهم. فبعمل صلف منحت عضوة الكنيست شيلي يحيموفيتش التي تطلب التاج في حزب العمل المستوطنات وانتاجها شهادة حِل اشتراكية – ديمقراطية. ولا يُبدي الزملاء الشباب من ناس ثورة ميدان التحرير في جادة روتشيلد الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية، لا يُبدون اهماما بعدم العدالة الآثم مع الجيران الفلسطينيين.

        وليس هذا كل شيء. فبعد غد سيشارك ناس من الحياة العامة الاسرائيلية في مظاهرة تأييد لاسرائيل بتوجيه من غالن باك، المذيع – الواعظ الامريكي الذي أعلن مؤخرا أن الاردن هو فلسطين. والحادثة، وكيف لا، ستجري على الملأ مع فرق تلفاز في شرقي القدس عند أسفل جبل الهيكل/ المسجد الاقصى. وقد وقف وزراء ومنهم القائم بأعمال رئيس الحكومة، يعلون، واعضاء كنيست وفيهم عنات وولف من حزب "الاستقلال"، الذي كان من العمل الى وقت قريب، الى جانب الكاهاني ميخائيل بن آري، في الصف لتلتقط لهم الصور بصحبة المذيع اليميني المتطرف الذي يُعد في كبار مُبغضي الرئيس اوباما.

        عندهم من يتعلمون منه؛ فقبل زمن قصير فقط عرض بنيامين نتنياهو من فوق منصة الكونغرس عرض صلف موجها الى ساكن البيت الابيض (الذي لن تطول مدته في رأيه). إن اللقاء بين الصلف الاسرائيلي وسياسة الرئيس حسني مبارك ذات الوجهين في شأن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، مكّن من اجراء العلاقات بمصر وكأنه لا احتلال في المناطق، ومن اجراء الاحتلال وكأنه لا اتفاق كامب ديفيد. بقيت القناة بين القاهرة والقدس مفتوحة حتى بعد أن عيّن نتنياهو بصلفه لوزارة الخارجية سياسيا سُجل باسمه اقتراح قصف سد أسوان. وإن خوف السلطة المصرية الجديدة من رد الولايات المتحدة أبقى السفير المصري في تل ابيب حتى الآن.

        هذه المرة يُلاقي الصلف الاسرائيلي الشعور بجلالة الشأن عند شارع عربي يسعى الى تقويض النظام القديم. حينما سيشاهدون في التلفاز جنودا يهودا يصارعون اولادا عربا، من غد الاعلان في الامم المتحدة عن دولة فلسطينية، فان الثائرين في مصر وتونس والاردن وسوريا وليبيا لن يُفصصوا المكسرات قبالة التلفاز، وليتني أكون متوهما.