خبر رحل القائد الإنسان .. مصطفى إبراهيم

الساعة 07:26 ص|22 أغسطس 2011

رحل القائد الإنسان .. مصطفى إبراهيم

وإذا ما اجتمع الفلسطينيون جميعاً وكتبوا سيرة حياة كمال النيرب "أبو عوض" ورفاقه الذين سبقوه فلابد أن لا ينسوا أن أبناء جيلهم الذين عاشوا حتى وارى أحلامهم التراب، و كفنوا بأيديهم فرحهم وفرحنا وساروا جميعا على أقدامهم في جنازات حبهم، وامتد بهم الأجل حتى رأوا الغابة تخلو من زئير الأسود، وهديل الحمام، ومن السنابل والحنون، لتنبثق في خرائبها الغربان ولا ينبت في أرضها سوى الأشواك والصبار. 

 

رحل "أبو عوض" قبل أن يتحقق حلمه بالعودة وإقامة الدولة وتحرير الوطن الذي يراه من النهر إلى البحر، رحل مع صديقه ورفيق عمره عماد حماد، وقادة لجان المقاومة الشعبية، رحل بعد ان ودع العشرات من رفاقه على رأسهم القائد الشهيد جمال أبو سمهدانة.

 

رحل القائد الإنسان سند الفقراء والمساكين، عفيف اليد واللسان والجريء في مواجهة السلطات كما يصفه صديقه خالد، رحل وهو يشعر بالغضب والحزن على حال الناس البائس من استمرار الانقسام والفقر والبطالة، والتعدي على الحريات العامة واعتقال الناس بدون سبب إلا أن لهم رؤية مختلفة عن حماس في النضال من اجل تحرير فلسطين.

 

رحل فارس معارك الحرية والوحدة الوطنية والوطن، رحل ودفن بجوار رفاقه، رحل المناضل من اجل المقهورين، والفقراء، والمحرومين، وبقي المهرجون و طبالوا السلاطين، رحل ولم يحقق كل أحلامه، تعلم كثير منه النضال والصبر، والعناد، ومن تعلموا منه سيبقوا أوفياء له، ونضاله وحكمته، سيظلون على العهد كما تعلموا منه ان الاختلاف مع الأخر حق ويبقى داخل البيت.

 

كان يوم رحيله عرسا وطنيا للفلسطينيين جميعاً وتكريماً له، وكان يجب ان يكون تاريخا للمصالحة والوحدة الوطنية، والتعالي على الجراح من قبل طرفي الصراع، بدلاً من الرفض ووضع الشروط، كان من الممكن فعل أشياء كثيرة لكن سنظل نقول كان من الممكن، ووضع الشروط على أنفسنا، ونقبل الاملاءات من الاحتلال.

 

رحل أبو عوض وبقي الانقسام والتعنت، وبقيت الفتنة مشتعلة، وبقي القتل اليومي للفلسطينيين، بقي الحصار مفروضاً وسيبقى طالما لا يزال طرفا الصراع منقسمين ويرفضوا توسلات ودعوات الفلسطينيين بالعودة للحوار وجسر الهوة والتوحد أمام عدو مستمر في تعزيز انقسامهم ويطرب على آهات وأنين المرضى والجرحى، وعذابات الأسرى المغيبين قسراً.

 

رحل أبو عوض الإنسان،  ولم يوف حقه وطنياً، رحل ولم يٌنصف، ولم يسأل عن راتبه المقطوع من قبل السلطة الوطنية، رحل أبو عوض ولم يكتف طرفا الصراع بقسمة الوطن بين غزة وضفة والتهميش ونفي الآخر، بل يعززون و يأكدون كل يوم انهم يدفعون باتجاه الفصل واستمرار القسمة، بين شطري الوطن الذي لا يقبل القسمة. 

 

غاب جسد أبو عوض القائد والإنسان حيث لا يزال حلمه قائما بتحرير فلسطين، وسيظل العالم يصم النضال الفلسطيني ب"الإرهاب"، مصطلح ليس جديداً على الفلسطينيين، هم من ناضلوا وقاوموا من اجل الحرية والاستقلال، وهم من يطلقون الصواريخ محلية الصنع لأنهم إرهابيين.

 

فطالما بقي الاحتلال سيبقى الفلسطينيون "إرهابيين" من أجل الحصول على حقوقهم في العودة وإقامة دولتهم المستقلة وتحقيق حلم أبو عوض وباقي الشهداء، ولن يقتنع المجتمع الدولي بأن الفلسطينيين أصحاب حق وهم يتمسكون بالفرقة والانقسام.

 

رحل والوطن على حاله والزمان هو الزمان، رحل وكانت أخر كلماته سيسيل دم كثير في غزة طالما بقي الاحتلال، رحل وهو غاضب من استمرار الانقسام والاعتقالات وفرض تهدئة غير مكتوبة وغير معلنة تستغل لإغراض سياسية فئوية، رحل أبو عوض وإذا ما حوكم الشعب الفلسطيني ورفاقه في يوم على تهمة الحزن الدائم، فعليهم أن يذكروا أنهم فقدوا قائدا وطنياً إنساناً، انحاز للوطن والفقراء والمقهورين.

 

فليذكر كل الفلسطينيين أنهم دفنوا رجالا لولاهم ما كان لهم عقل، ولا كان لهم قلب ولا تعلموا النضال والصبر والجلد والتفكير والإبداع في وسائل القتال، والصمود في وجه الاحتلال الغاصب للوصول للتحرير، فليذكر الفلسطينيون أنهم بعد كل جنازة يعودون فيلتفتون حولهم للبحث عن القائد الإنسان ورفاقه فلا يجدوا إلا الأشواك، فأعذروهم على حزنهم العميق والدفين.