خبر لبنان في سيناء.. معاريف

الساعة 12:25 م|21 أغسطس 2011

لبنان في سيناء.. معاريف

بقلم: اسرائيل زيف

قائد فرقة غزة سابقا

(المضمون: حماس تبني معادلة جديدة: عمليات من سيناء لا يفترض أن تجر رد فعل اسرائيلي بالهجوم على القطاع الذي بدوره سيبرر رد حماس باطلاق النار على البلدات الاسرائيلية - المصدر).

العملية الدموية في الطريق الى ايلات تشكل تنبيها للتغيير الجوهري الذي يجري في الحدود الجنوبية. حقيقة أن قوة كبيرة من المخربين استعدت، تحركت وتمتعت بحرية عمل في سيناء على مدى زمن طويل لا تدل فقط على وهن سيطرة الجيش المصري في سيناء، بل على تغيير استراتيجي في الميل في المنطقة. حماس هي الرابح الاكبر من التفكك المصري، ولم تكن قبل نصف سنة  لتخاطر فتسمح لنفسها بالسماح بمثل هذا الهجوم.

أما بالنسبة لـ "اخذ المسؤولية" الشهيرة، فثمة حقيقة واحدة من المجدي لنا أن نعترف بها: لجان المقاومة هي مثابة شركة فرعية لحماس. اللجان الشعبية، مثل باقي المنظمات المفتعلة في القطاع، توجد، تنسق، ويشرف عليها في اطار سياسة حماس، وعمليا بمثل هذا الحجم هي بلا ريب تحت سيطرتها ومسؤوليتها. تنفيذ العملية واستخدام سيناء كقاعدة يشيران الى أن حماس تلاحظ الفراغ الناشيء هناك وتعتبره فرصة لتوسيع ساحة القتال حيال اسرائيل لتشمل شبه الجزيرة، في ظل الفهم بان القيادة العسكرية في مصر وتعزز المحافل المتطرفة هناك لن يشكلا عائقا امام خطوة تحويل سيناء الى لبنان ثانٍ. مثل هذا التغيير سيشكل انجازا استراتيجيا في تحطيم الطوق الخانق على القطاع وخلق مجال عمل جديد له.

الفوائد التي ستنتزعها حماس من مثل هذه الخطوة كثيرة. فسيناء تشكل جبهة داخلية لوجستية، محور تسلح وظهر استراتيجي لحماس في القطاع. اضافة الى ذلك، فان فتح جبهة على بطن طرية في دفاع الجيش الاسرائيلي في الجنوب – حدود طويلة وسائبة مع انتشار هزيل نسبيا للقوات – سيعيد لها بعد المفاجأة في الهجوم في مناطق واماكن غير مرتقبة. مثل هذه العمليات ستحرم الجيش الاسرائيلي من قدرة المطاردة لمنفذي العمليات في عمق سيناء، وذلك لان هذه ستكون خرقا لاتفاقات السلام بل ويمكنها أن تفسر كاستفزاز للحرب. هذه النقطة ذات صلة شديدة اساسا بعمليات الاختطاف. وأخيرا، بخروجها من القطاع تحاول حماس بناء معادلة جديدة: عملية من سيناء لا يفترض ان تجر رد فعل اسرائيلي في القطاع، ولهذا فهجوم الجيش الاسرائيلي على غزة "سيبرر" اطلاق الصواريخ من القطاع الى الاراضي الاسرائيلية.

من أين تنبع ثقة حماس بتنفيذ مثل هذه العملية التي كانت تؤدي ذات مرة "برب البيت" في اسرائيل لان يجن جنونه؟ في تقدير المخاطر، لا ترى المنظمة وضعا تعيد فيه اسرائيل احتلال القطاع. بل العكس. حسب فهمها، فان حملة رصاص مصبوب كانت اختبارا فحص كم بعيدا تبدي اسرائيل الاستعداد للسير. صحيح أن حماس تلقت ضربة شديدة ولكنها ليست قاضية، وبقدر كبير عزز بقاؤها مكانتها وصورتها بل وجعلها الجهة مساوية القيمة لحزب الله. منذ العملية واصلت حماس التسلح والتعزز، حتى النقطة التي كانت مستعدة فيها لان تأخذ المخاطرة.

ما هي المعاني بالنسبة لاسرائيل؟ أولا، عليها أن تستوعب بان الساحة الجنوبية تغيرت بشكل كبير. ضعف الجيش المصري وصعود قوة محافل متطرفة هناك الى جانب تطلع حماس لاستغلال الفرصة وتصعيد الاحتكاك بين اسرائيل ومصر قد يؤدي الى تدهور حقيقي بل وخطر على اتفاق السلام.

كونه في الوضع الحالي ادراج القطاع في الجانب المصري ليس قائما، فأمام اسرائيل توجد امكانيتان اساسيتان: الاولى هي اتخاذ نهج دفاعي، بمعنى تغيير كل انتشارها على حدود سيناء ليصبح انتشار الامن الجاري المعزز مثلما في الجبهة على لبنان. لهذه الامكانية، كما من المهم الاشارة، آثار كبيرة على ميزانية الدفاع. الامكانية الثانية هي التصدي لجذر المشكلة في غزة، أي استغلال التدهور الحالي والخروج الى عملية جذرية لتحطيم القوة العسكرية لحماس، بهدف الوصول الى تجريد القطاع من السلاح. مهما يكن من أمر، على اسرائيل ان تتخذ قرارات صعبة وفورية كي لا نجد أنفسنا ننجر وراء الواقع الجديد الذي بات هنا منذ الان.