خبر دور الاعتبار المصري.. هآرتس

الساعة 12:24 م|21 أغسطس 2011

دور الاعتبار المصري.. هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: اسرائيل، التي ترى في الاعتبار ذخرا استراتيجيا، مثلما شرح الوزير موشيه يعلون معارضته لاعتذار اسرائيل لتركيا، يتعين عليها أن تعترف بان مصر ايضا تتبنى ذات الفهم عندما تطالب بالاعتذار من اسرائيل - المصدر).

"على اسرائيل أن تعرف بان الايام التي كان يُقتل فيها ابناؤنا دون رد حاد من جانبنا انقضت بلا عودة"، صرح عمرو موسى، هذه المرة كمن يتنافس على منصب الرئاسة في مصر. د. محمد البرادعي هو الاخر، الذي يتنافس ايضا على الرئاسة، سارع الى التقدم برد فعل طالب فيه بتشكيل لجنة تحقيق ونشر نتائجه في أقرب وقت ممكن.

قضية العملية على طريق ايلات لا تتعلق فقط بالتعاون الامني بين اسرائيل ومصر، فقد علقت مباشرة في قلب الحياة السياسية الداخلية في مصر. واذا كان في اسرائيل يدرس رد الفعل المصري المشوش بعض الشيء – حين تلقت وسائل الاعلام قبل فجر يوم السبت بيانا مفصلا يتضمن بندا جاء فيه صراحة ان المصريين قرروا اعادة السفير من اسرائيل، وبعد ساعات من ذلك افادت الحكومة بان البيان السابق مضلل – ففي مصر يختبر النظام الجديد بالمقارنة مع نظام مبارك.

إحدى الشكاوى العامة التي وجهت لمبارك بعد الثورة تتهمه بالوهن تجاه اسرائيل، بالتعاون معها ضد الفلسطينيين وبالمس باعتبار ومكانة مصر. والان نجد ان الحكومة المصرية والمجلس العسكري الاعلى مطالبان باظهار "موقف وطني" حيال ما يعتبر كهجوم اسرائيلي على جنود مصريين. ضارة بقدر لا يقل من ناحية سياسية هي المعادلة التي ضربها مسؤولون اسرائيليون، بمن فيهم ايهود باراك، بين قدرة مبارك على السيطرة في سيناء وبين ما وصفوه كاهمال من النظام الجديد. في مصر لا ينسون ان يذكروا بان في عهد مبارك ايضا عانت سيناء من عمليات شديدة في سنوات 2004 – 2006 على شواطىء سيناء، وان في عهده ايضا اعيد السفير المصري في اسرائيل مرتين: في اثناء حرب لبنان الاولى وفي فترة الانتفاضة الثانية.

وتبدي الحكومة المصرية حساسية شديدة تجاه مطالب الجمهور وهي تجتهد لان تصور نفسها بخلاف تام عن النظام السابق، ولكنها ملتزمة ايضا باتفاقات السلام وبالتعاون الامني مع اسرائيل. وهكذا، عندما تطلب مصر وتحصل من اسرائيل على الاذن لان تدخل نحو الف جندي آخر ترافقهم دبابات ومجنزرات الى سيناء لغرض القتال ضد المنظمات الراديكالية، وعندما يكون الصراع ضد التسلل من والى القطاع هو معركة مشتركة للدولتين، تحظر مصر من قطع الخيط الدقيق الذي يربط بين الدولتين.

هذه علاقة تلزم اسرائيل بالتصرف بحذر زائد كي لا تغذي الاصوات العالية التي تتظاهر امام السفارة الاسرائيلية او قنصليتها في الاسكندرية. فاذا كان يمكن لاسرائيل في الماضي ان تعتمد على مبارك في أن يقرر جدول الاعمال بنفسه ويقمع المشككين به، فقد تقلص الان جدا مجال مناورة الحكومة المصرية. كما أن سيطرة الحكومة على وسائل الاعلام تقلصت جدا كجزء من الثورة التي تمر على الدولة ولم تعد السيطرة على تصميم الرأي العام في ايديها بشكل حصري.

في نفس الوقت، تبنت حكومة مصر سياسة جديدة بالنسبة للبدو في سيناء، والذين في عهد مبارك كانوا يعتبرون سكانا مشبوهين، مصادر رزقهم تقلصت وحقوقهم ظلمت. حكومة عصام شرف، بتوجيه من الجنرال طنطاوي، اتخذت أول أمس قرارا بموجبه منذ يوم الاثنين ستقام سلطة خاصة لمعالجة مشاكل البدو. هذا قرار هام في الجانب الامني وذلك لان البدو في سيناء أصبحوا متعاونين هامين مع المنظمات الراديكالية ولا سيما في مجال تهريب السلاح، وليس بسبب اتفاق ايديولوجي بل كمصدر للرزق.

اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بنهج ضيق يتجاهل ما يجري في مصر، الصراع السياسي حامي الوطيس الجاري فيها وبأنها جزءا لا يتجزأ من السياسة الداخلية المصرية. اسرائيل، التي ترى في الاعتبار ذخرا استراتيجيا، مثلما شرح الوزير موشيه يعلون معارضته لاعتذار اسرائيل لتركيا، يتعين عليها أن تعترف بان مصر ايضا تتبنى ذات الفهم عندما تطالب بالاعتذار من اسرائيل. الاعتذار هو احيانا سلم مستقر للنزول عليه عن شجرة الاعتبار العالية التي يمكن لها أن تسمم العلاقات بين الدول وتلحق ضررا استراتيجيا جسيما. العلاقات الهشة مع مصر قد لا تصمد في "اختبار الاعتذار" اذا قررت اسرائيل تبني "النموذج التركي".