خبر غزة تودع القائد النيرب.. واستشهاده يكشف حجم جهاده

الساعة 12:56 م|19 أغسطس 2011

غزة تودع القائد النيرب.. واستشهاده يكشف حجم جهاده

فلسطين اليوم- وكالات

"رجعوا لي بابا...رجعوا لي بابا..." بهذه الكلمات التي فُجع بها قلب الطفلة هديل وهي تودع جثمان والدها الشهيد كمال النيرب "أبو عوض" كان صراخها أقوى لألمه وحزنه من صورايخ الاحتلال التي مزقت جسد والدها بدون رحمة لأطفاله الأربعة وزوجته التي لا زالت تعيش أجواء الصدمة والألم على قلبها في شهر رمضان المبارك، وهي ترسم بملامح وجهها الألم بنظرات أطفالها الذين سلب منهم الاحتلال الصهيوني والدهم قبل أن يتناول معهم بعد الآن وجبة الإفطار التي كان أطفاله يجدون فيها طعمًا مميزًا بوجود والدهم.

 

من مخيم الشابورة

 

كثيرة هي الكلمات التي سطرت بحروفها اسم النيرب الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الذي رحل مع رفاق دربه في الجهاد والكفاح المسلح في غارة جوية من قبل الطائرات الحربية الصهيونية يوم الخميس 18 رمضان المنصرم، القائد العام لذراعها العسكري "ألوية الناصر صلاح الدين" عماد حماد (40 عامًا)، وعضو مجلسها العسكري عماد نصر (46 عامًا)، وقائد وحدة التصنيع خالد شعت (32 عامًا)، ونجله مالك (عامان)، والقيادي خالد المصري (26 سنة). لترسم مدينة رفح خيوط الحزن في وداعهم على ملامح يومها الذي كان يوم يصعب على قلبها رحيل أبنائها.

 

ويرجع مولد النيرب للعام 1968 في مخيم الشابورة للاجئين لأبوين لاجئين يعود أصلهما لقرية برير المدمرة عام 1948، الواقعة ضمن قضاء غزة على بعد 18 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي منها.

 

وتلقى تعليمه في مخيم الشابورة ودرس في المدارس التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

 

مجاهــدٌ

 

وفي بداية شبابه كان له انتماء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي الوقت ذاته كان يتلقى تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، وذلك في فترة الثمانينايت.

 

ومع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، عمل مع رفاق دربه في الحياة والشهادة "نحتسبهم شهداء عن الله تعالى" عماد نصر وعماد حماد، في الذراع الجماهيري للشعبية التي كان يطلق عليها لجان المقاومة الشعبية، وفي عام 1989 انتقل مع بعض رفاقه إلى صفوف حركة "فتح".

 

الاستخبارات الفلسطينية

 

وبعد عمل النيرب ورفاقه في الكفاح المسلح ضد الصهاينة، اضطر النيرب وحماد وعدد آخر من رفاقهم "الفتحاويين" إلى مغادرة القطاع إلى مصر فاعتقلتهم السلطات المصرية ثم أطلقتهما ليغادروا إلى ليبيا، قبل أن يعودوا إلى القطاع في أعقاب توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وقيام السلطة الفلسطينية في العام الذي يليه.

 

ومع قدوم السلطة الفلسطينية عمل النيرب في جهاز الاستخبارات الفلسطيني حتى اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.

 

وبعد الانتفاضة الثانية كانت غزة على موعد ولادة الجناح العسكري أطلق عليه "لجان المقاومة الشعبية" التي أسسها مع رفيقه الذي تعرف إليه في الخارج جمال أبو سمهدانة (أبو عطايا)، وحماد وعدد آخر من رفاقهما القدامى.

 

قذائف الهاون

 

وبرز اسم لجان المقاومة الشعبية لتكون واحدة من أهم الأذرع العسكرية في القطاع، بعدما عمل "أبو عطايا" في تطوير قذائف الهاون لتصبح أكثر قوة وأبعد مدى. كما طورت لجان المقاومة عبوات ناسفة ذات قوة تدميرية كبيرة استطاعت بفضلها عام 2001 تدمير أول دبابة من دبابات الصهاينة من طراز «ميركفاه سيمان 3» التي كانت آنذاك تعتبر الأكثر تطورًا وتصفيحًا في العالم. وقد توالى تدمير الدبابات؛ إذ دمر مقاتلو لجان المقاومة دبابتين أخريين في السنوات التالية، ونفذوا عددًا من العمليات الفدائية النوعية، من بينها أول عملية اقتحام مستوطنة في القطاع وقتل جنود ومستوطنين.

 

اغتيال "أبو عطايا"

 

وفي عام 2006، كان يدور في عقول النيرب و"أبو عطايا" ورفاقهم تنفيذ عملية فدائية من نوع جديد غير معروف من قبل. وبينما كانت خطة العملية جاهزة للتنفيذ، اغتالت القوات الصهيوينة بتاريخ 9 حزيران 2006 "أبو عطايا".

 

بعدها، تولى نائبه النيرب القيادة، وأصبح أمينًا عامًا للجان المقاومة الشعبية، وحماد قائدًا لذراعها العسكرية.

 

عملية نوعية

 

وبعد ما يقارب أسبوعين من اغتيال "أبو عطايا" ، فاجأ ثمانية مسلحون من اللجان وحركة "حماس" وتنظيم غير معروف أطلق على نفسه «جيش الإسلام» في 25 من الشهر نفسه، قوات الاحتلال في معبر كرم أبو سالم الواقع عند نقطة تلاقي حدود غزة مع مصر وأراضي الخط الأخضر جنوب شرقي رفح، بهجوم غير مسبوق. وكانت ثمرته بعد أن خرج المسلحون الثمانية من فوهة نفق حفروه من المدينة وصولاً إلى خلف خطوط الصهاينة أطلق المسلحون النار فقتلوا ثلاثة جنود وأسروا الرابع (غلعاد شاليط).

 

كثيرة هي الكلمات التي التصقت بكفاحها المسلح مع النيرب ورفاقه في الجهاد والاستشهاد التي جعلت رفح تلبس ثوب الشهادة وتعلو بين أحيائها زغاريد ودّعت بها أبناءها بدموع الفراق.