خبر شرق أوسط قديم- يديعوت

الساعة 09:22 ص|19 أغسطس 2011

شرق أوسط قديم- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

إن مجموعة العمليات التفجيرية أمس فاجأت جهاز الامن في منتصف مباحثات في الاستعدادات المطلوبة ازاء مصر بعد مبارك. المعضلة مركبة، فلها جوانب سياسية وأمنية ومالية. والعملية اعادة العمليات يحكم عليها قبل كل شيء بنتائجها. ولان النتائج صعبة جدا سيكون التأثير كبير ايضا. سيجري على برنامج العمل تغيير حاد، وسيؤثر في قرارات حاسمة الصلة بينها وبين الواقع على حدود مصر ضعيفة.

سيجري التعجل باستكمال الجدار. يوجد الان على أهمية الجدار اجماع واسع، بسبب ازدياد تهديد الارهاب من سيناء بسبب التدفق المستمر لمهاجري العمل. والسؤال ماذا يفعل وراء ذلك، هل تعزز قوات الجيش الاسرائيلي القائمة على الحدود المصرية تعزيزا كبيرا، هل تُنشأ من جديد قيادات، وهل ينعش الجهاز الاستخباري. بعبارة اخرى هل يعاد الوضع في الميدان الى ما كان عليه قبل توقيع اتفاق السلام مع مصر.

لكل قرار في هذه القضية معنى بعيد المدى. ان التصور العام الذي وجه قادة حكومات اسرائيل منذ 1978 كان أنه لا تتعرض اسرائيل لخطر عسكري من قبل مصر من غير صلة بما يحدث في ميادين اخرى ازاء لبنان أو ازاء الفلسطينيين. فظهر اسرائيل محمي. ويداها حرتان. وحتى حينما هاجم قادة مصر اسرائيل بشدة في الساحة الدولية، وحتى حينما مكنوا من التحريض والقطيعة، وحتى حينما اغمضوا عيونهم عن تهريب السلاح في الانفاق، تم الحفاظ على اتفاق السلام بحرفيته.

أعلن المجلس العسكري الذي يقود مصر اليوم صبح مساء أنه متمسك باتفاق السلام. إما الشارع المصري فتصدر عنه اصوات اخرى. والسؤال هو أ. ما هي قوة المجلس العسكري ازاء الشارع؛ وب. ما هي طاقته على مواجهة الشارع حينما يكون الحديث عن موضوع مشحون ومكروه كاتفاق السلام؛ وج. كم من الوقت سيصمد؛ ود. ما مبلغ أهمية قمع عناصر الارهاب في سيناء بالنسبة اليه؛ وهـ. هل هو قادر على فعل هذا.

ان قدرة اسرائيل على العمل محدودة. فتعزيز الوجود العسكري على الحدود قد يفسر بأنه تعبير عن عدم الثقة بصدق اتفاق السلام. ومن شبه المحقق ان تنضاف لذلك خطب وطنية حماسية بساسة يطمحون الى عناوين صحفية. وسينقض اعداء الاتفاق في مصر على الفرصة. فبدل ان ننقذ هذا الذخر الحيوي، سنتعجل هدمه.

يحسن بنا أن نستخلص درسا مما حدث في السنين الاخيرة بين اسرائيل وتركيا. يسهل أن نتهم اردوغان بالازمة – فهو في الاساس يتحمل المسؤولية. كان يمكن اصلاح المشكلة لك ليبرمان ومن ورائه نتنياهو فضلا ان ينفخا صدريهما في مواجهة الاتراك.

تستطيع اسرائيل، مع الاسف الشديد ان تسمح لنفسها بان تخسر تركيا، لكن الثمن ازاء مصر ابهظ كثيرا.

ولا يحل أن ننسى الجانب المالي. ان العملية التفجيرية أمس تمكن الجهاز السياسي من العدول عن برنامج العمل في موضوعين ساخنين هما: الاحتجاج الاجتماعي والجدل في ميزانية الامن. ان الثمن الممكن للخطوات المطلوبة عن الجبهة المصرية ليس مرتفعا جدا. لكن الضجيج يمكن جميع العناصر المهاجمة من نتنياهو وشتاينتس الى باراك وغانتس من تنفس الصعداء. هدوء، نطلق النار.

لا يوجد مكان يذهب اليه

من كل حركة احتجاج تحيا بفضل العنصرين المركبين فيها هما الحركة والاحتجاج، فاذا أخذت واحدا منهما يصعب عليها التنفس. الاحتجاج موجود. انه موجود في الخيام، وفي جولات فرق اساتذة الجامعات، وفي الانباء عن عمل لجنة تريختنبرغ، وفي اجتماعات مفتوحة وفي مظاهرات. يوجد احتجاج لكن لا توجد حركة. فالمحتجون يصعب عليهم ان يقرروا ماذا ستكون خطوتهم التالية. ربما بلغوا نهاية الطريق فلا مكان يتجهون اليه من القمة التي بلغوها.

ان المشكلة التي تثقل عليهم الان هي ادارة الدولة البديلة التي انشأوها من العدم. فمنذ الاسبوع الثاني ظهرت في الخيام أسئلة: من هؤلاء الناس المعروفون في الجمهور بانهم قادة الاحتجاج. ومن اختارهم. وما هي سلطتهم. أراد الناس ديمقراطية. وحصلوا عليها في الرزمة المعروفة – انتخبت ممثليات واقيمت جلسات.

اقيمت الخيام على نحو عفوي. لم يكن ثمّ تسجيل منظم ولا لجنة اسكان. وليس هذا بالضبط ضامنا لنظام تمثيلي. من الناخبون؟ وكم هم؟ ولماذا؟ قالت لي واحدة من قائدات الاحتجاج هذه الاسبوع انه نشأت بيروقراطية مكان الديمقراطية. واصبح اتخاذ القرارات صعبا وغير منظم. وانضافت توترات جغرافية الى التوتر الاساسي بين طلبة الجامعات الذين يقصدون الى انجازات حقيقية، والعنصر المتطرف الذي يقصد الى تغيير بعيد المدى في برنامج العمل الوطني.

يبدو أن ما يتفق عليه المحتجون الان يتلخص بثلاثة امور: طلب خرق اطار الميزانية، ورفض دخول التفاوض مع اللجنة التي عينتها الحكومة والاصرار على جميع مطالب جميع القطاعات. والخوف من الشقاق وتضاؤل الامر الى نضال من أجل قطاع واحد، مسوغ. والمشكلة انه يفضي الى طريق مسدود.

في النهاية ستنقض الخيام. ولا يعني ذلك ان انجازاتها ستكون كأنها لم توجد. أشعر باعتباري أنظر الى هذه الموجة ناحية، لا في حرارة الخيمة اشعر نحوها بود كبير. فقد أعطت كثيرا من الناس، في الخيام وفي البيوت صيفا من السعادة. وعبرت عن  تضامن عمَ القطاعات. وحررت الشباب من الشعور بالاغتراب، ومن الشعور بالاشمئزاز والنفور من كل شأن عام. ستصحب نتائج هذه الموجة المجتمع الاسرائيلي والجهاز السياسي سنين طويلة.

لا يشعر قادة الاحتجاج هذا الشعور. "اقمنا خياما لاننا لم نستطع الثبات لاجور الشقق"، يقول واحد منهم، "حينما تنقض الخيام، سنعود الى نفس الوضع بالضبط: فقد جئنا بلا سكن وسنخرج بلا سكن".

لا يوجد غاز

في الخامس من أيلول ستعقد حكومة اسرائيل مؤتمرا من أجل التعاون الاقتصادي بين اسرائيل والفلسطينيين. سيفتتح وزير التطوير الاقليمي سلفان شالوم ويستضيف. وسيحصل ممثل الرباعية طوني بلير على شهادة تقدير ويخطب. وستفصل الانجازات وتعرض الاهداف. ولن يتوه الفلسطينيون هناك. فالمؤتمر في نظرهم سخرية كبيرة.

بعيدا من هناك ستستعد وحدات الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود للانتفاضة الثالثة. وستستعد في مواجهتها الوحدات الفلسطينية. وسيشعر الضباط في الجانبين بانهم على شفا مأساة كبيرة. لو أن الساسة في الجانبين كانوا أشجع، ولو أنهم فكروا بأمد بعيد ولو أنهم أبدوا ارادة خيرة أكثر لامكن منعها.

إن احد الموضوعات الاقتصادية الذي لن يبحث في المؤتمر هو حقل الغاز "غزة مارين" قبالة سواحل غزة. في 1999 منح رئيس حكومة اسرائيل ايهود باراك الحقل للسلطة الفلسطينية. وكان الوسيط يوسي غينوسار الراحل. والى اليوم يدور جدل في الاسباب التي دفعت باراك الى منح حقل. ومهما يكن الامر فان القرار قد تم.

اعطى الفلسطينيون الحق في تطوير الحقل واستغلاله لبريتش غاز. ولم يسارع البريطانيون الى العمل لانهم لم يكونوا على ثقة بالجدوى الاقتصادية. وفي اثناء ذلك نشبت الانتفاضة. ووقفت اسرائيل التي لم تشأ ان تمنح عرفات مصدر دخل، وقفت التطوير.

ليس ابو مازن عرفات. وتعلن حكومة اسرائيل بفخر أنها تفعل كل شيء لتعزيزه اقتصاديا وقد توجه متسلحا بهذه الارادة الخيرة الى بريتش غاز. فكان الجواب الرفض. قال البريطانيون يوجد مانع سياسي، فاسرائيل لا توافق.

في بدء السنة توجه ابو مازن الى نتنياهو من طريق طوني بلير وقنوات اخرى. وطلب ان تصدر اسرائيل له وثيقة تقول انها لا تعارض تطوير الحقل. وسيضطر البريطانيون الى اتخاذ قرار: فإما ان يطوروا الحقل وإما ان يتخلوا عن الحق. والتزم ابو مازن ان يمضي انتاج الغاز كله الى اسرائيل، وهذا التزام مهم في فترة يتعطل فيها مرة بعد اخرى انبوب الغاز المصري، ويرتفع سعر الكهرباء بحسب ذلك. وافق نتنياهو بشرط ان تشرك اسرائيل في الانتاج، وخشي ابو مان من أن اسرائيل تحاول العودة للسيطرة على الحقل فأجاب بالرفض.

ونخلص الان الى الردود: يقول مكتب التطوير الاقليمي ان المكتب يؤيد لكن توجد مشكلة أمنية: فجهاز الامن لا يوافق على تطوير الحقل. ستكون حركة خطرة للفلسطينيين في البحر ازاء غزة. وقد تطلق حماس صاروخا على الحقل. وهذا خطر.

ويقول ايهود باراك انه لا توجد مشكلة أمنية: فهو يؤيد تشغيل الحقل. ويقول ديوان رئيس الحكومة ان الخطر هو ان تصل اموال الغاز الى حماس والمنظمات الارهابية في غزة.

يقول ديوان رئيس الحكومة: "مهما يكن الامر فانه لا يمكن التوصل تقنيا الى انتاج غاز الا بعد اجراء يستغرق سنتين وأكثر، فزعم ان هذا الغاز سيخفض اسعار الكهرباء غير واقعي".