خبر المصالحة الفلسطينية تتحول إلى عملية من دون مصالحة

الساعة 01:40 ص|18 أغسطس 2011

المصالحة الفلسطينية تتحول إلى عملية من دون مصالحة

فلسطين اليوم: غزة

أصدر نواب حركة «حماس» في الضفة الغربية أمس، بياناً قالوا فيه إن السلطة الفلسطينية اعتقلت نجل النائب عن منطقة رام الله محمود مصلح، معتبرين ذلك «خطوة أخرى من السلطة الفلسطينية تتناقض مع المصالحة وتهددها».

 

وهذا البيان واحد من بيانات شبه يومية تصدرها «حماس» في الضفة عما يتعرض له اعضاؤها على أيدي السلطة. وفي الوقت ذاته، تصدر حركة «فتح» بيانات مماثلة عما يتعرض له أعضاؤها في قطاع غزة بصورة شبه يومية على أيدي أجهزة «حماس»، مثل مصادرة جوازات السفر ومنع السفر والاعتقال وخلافه.

 

وفي مفارقة تصوِّر حجم الأزمة بين الطرفين ومستواها، تناولت إحدى البيانات قيام أجهزة الامن التابعة لـ «حماس» أخيراً بمنع محافظ خان يونس الدكتور أسامة الفرا من السفر الى الخارج للمشاركة في لقاء غير رسمي لعدد من قيادات الحركتين والمجتمع المدني والناشطين الشباب في تركيا لبحث المصالحة ومعوِّقاتها. وشمل منع السفر أيضاً اثنين من الناشطين الشباب المؤيدين لـ «فتح» هما سماح الرواغ وإياد الكرنز.

 

وكانت الحركتان توصلتا الى اتفاق للمصالحة الوطنية برعاية مصرية في 27 نيسان (إبريل) الماضي بعد أربع سنوات من الانقسام الجغرافي والسياسي. لكن بعد مرور أربعة اشهر على الاتفاق، ما زال الطرفان بعيدين عن تطبيق الاتفاق، بل أيضاً يمارسان كثيراً من الممارسات التي دأبا عليها قبل الاتفاق، مثل الاعتقالات ومنع السفر وغيرها.

 

ويرى مراقبون أن الحركتين ليستا جاهزتين بعد لشراكة سياسية حقيقية تنهي سنوات الانقسام الطويلة، رغم توصلهما الى اتفاق بذلك. في هذا الصدد، قال مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في رام الله هاني المصري لـ «الحياة»: «من الواضح أن حماس ليست مستعدة لمشاركة فتح حكم قطاع غزة من دون ثمن في ملفات أخرى، مثل منظمة التحرير، وأن فتح ليست على استعداد لمشاركة حماس في المنظمة وفي الضفة من دون ثمن كبير في غزة». وأضاف: «كما أن ازمة الثقة بين الطرفين مازالت عميقة وتعيق التقدم في المصالحة».

 

وجاء توقيع «فتح» و«حماس» على اتفاق المصالحة بعد تنامي الضغط الشعبي المطالب بإنهاء الانقسام في كل من قطاع غزة والضفة، كما شكّل الاتفاق مصلحة مشتركة لتطلعات الطرفين: فمن جهة، شكّل مصلحة لتطلعات «حماس» في الخروج من الحصار الجغرافي والسياسي في قطاع غزة والعودة للعمل في الضفة ولعب دور قيادي في منظمة التحرير. وفي الجهة المقابلة، شكّل مصلحة لتطلعات حركة «فتح» بالعودة الى قطاع غزة والتوجه الى الأمم المتحدة باسم الشعب الفلسطيني موحداً غير منقسم للمطالبة بالاعتراف بدولة فلسطين ومنحها حق العضوية في المنظمة الدولية.

 

غير أن كلا الطرفين عمل على تطبيق الاتفاق بما يخدم رؤيته ومصلحته، ما أعاق تحقيق ذلك، فحركة «فتح» أرادت تطبيقاً للاتفاق يبقي لها اليد العليا في الحكم والسياسة، فيما ارادت «حماس» تطبيقاً ينقلها من قطاع غزة الضيق الى الساحة السياسية الارحب، خصوصاً منظمة التحرير الفلسطينية.

 

وشكّل الخلاف على تشكيل الحكومة الامتحان الاول الذي لم ينجح الطرفان في تجاوزه، ما أدى الى تعطل تطبيق الاتفاق. وقال عضو وفد «فتح» الى الحوار مع «حماس» أمين مقبول لـ «الحياة»: «العقبة الاولى والاساسية هي رئاسة الحكومة، فنحن نريد حكومة قادرة على ضمان مواصلة الدعم الدولي، خصوصاً اننا على أعتاب التوجه الى الأمم المتحدة. أما حماس فلم تكترث بذلك، ما أدى الى حدوث خلاف».

 

وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ «الحياة»، إن «حماس» انتظرت أن تقدم لها «فتح» ثمناً في منظمة التحرير كي تقدم لها تنازلاً في الحكومة، الامر الذي لم يتحقق، ما أدى الى تعطل تطبيق الاتفاق.

 

وأمام تزايد الانتقادات الموجهة الى الطرفين لعدم تطبيق الاتفاق، قرر وفدان من الحركتين التقيا في القاهرة أخيراً، القيام بإجراءات هي أقرب الى «إجراءات حسن النية» منها الى تطبيق الاتفاق، كتشكيل لجان لبحث الملفات الاكثر سهولة في المصالحة، مثل ملف المعتقلين وملف جوازات السفر.

 

ورغم تعهد قادة الوفدين العمل على حل هذه الملفات سريعاً، الا أن أياً من هذه اللجان لم يجتمع بعد، في وقت شهدت وسائل إعلام الطرفين في الأيام الاخيرة تراشقاً للاتهامات في شأن المسؤولية عن عدم عقد اجتماعات اللجان. ويرى كثيرون في ذلك تحويلاً للمصالحة من تطبيق فعلي للاتفاق الى عملية جارية، على غرار عملية السلام التي تتواصل بأشكال مختلفة من دون أن تنجح في تحقيق السلام.

المصدر: الحياة اللندنية