خبر الاحتجاج والدولة المجاورة -هآرتس

الساعة 07:52 ص|14 أغسطس 2011

الاحتجاج والدولة المجاورة -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: يدعو الكاتب الى توجيه الغضب الشعبي على مؤسسة الجيش الاسرائيلي التي تملك أكبر ميزانية في الدولة وهي الميزانية التي تكبر على الدوام وإلا فانه لن يمكن الحديث عن ثورة اجتماعية حقيقية - المصدر).

        سُجل توتر طفيف في الاسابيع الاخيرة بعلاقاتنا بالدولة المجاورة، لكن العلاقات ما تزال ممتازة، وشكرا لكم أن سألتم. ربما يشعر قادتها الآن بضربة طفيفة في جناحهم لكن لا أكثر.

        إن دولة الجيش الاسرائيلي تحيا منذ أُسست في جوار ممتاز مع دولة اسرائيل. فالحدود بين الدولتين معترف بها وقابلة للدفاع عنها، وسفراء الدولة الاخرى يشغلون مناصبهم بنجاح داخل دولة اسرائيل، فيضغطون ويُنقرون، وكما يحسن في العلاقات بين قوة اقليمية ومن تخضع لها، تجري الحياة في القوة الاقليمية بلا تشويش. وحتى عندما احتشد مع خروج السبت الماضي مئات الآلاف على حدود الجارة لم تُسجل أية أحداث حدودية. فالمتظاهرون طوقوا أسوار عاصمتها، الكرياه، لكنهم لم يتجهوا اليها. وقد رأوا الأبراج الفخمة وعلموا انه تجري عليها قوانين تختلف عن تلك التي في دولتهم، على حسابهم، لكن لا أحد منهم وجه غضبه أو أزمته نحو عاصمة الدولة المجاورة التي سيأتي خلاصهم منها فقط.

        صحيح انه بين الفينة والاخرى يتجرأ شخص ما على أن يقرقر بشيء ما عن ميزانية الامن التي لا أمل من غير اقتطاع حقيقي منها في حل مشكلات اسرائيل الاجتماعية، لكن اتكلوا على قادة القوة المجاورة وأنهم يعرفون نفس جارتهم وأنهم خُولوا بعلاج أصوات شاذة كهذه. سيكون نشر عدد من التهديدات والتخويفات، وزيادة التوتر الامني وتصريحات عن عدد من النيات الخيرة – ومن يعلم فربما حتى يُخلون باعتبار ذلك تفضلا خاصا، مناطق محتلة داخل دولة اسرائيل ليعود كل شيء الى رتابته. وسيقررون بأنفسهم بالطبع اخلاء المناطق، أي قواعد الجيش الاسرائيلي في مناطق آهلة ومنها قواعد مهجورة، دون تدخل اجنبي من حكومة اسرائيل لان الحال كذلك في قوة كبيرة.

        صحيح أن ممثلي الدولة المجاورة قد بقوا في المدة الاخيرة بلا عمل تقريبا. ان الجنرالات (في الخدمة الاحتياطية) غيورا آيلند ويعقوب عميدرور واسحق بن اسرائيل وأشباههم غائبون على نحو شاذ عن ستوديوهات التلفاز منذ عدة اسابيع. وعُطل عمل المحللين العسكريين مؤقتا ايضا. وخُزنت المعاطف الجلدية وسكتت الاصوات الجشّاء، بل انه يوجد من يتنبؤون بأن برنامج عمل اسرائيل يوشك أن يتغير وأن دين الامن سيخلي مكانه لانشغال علماني بالمجتمع، لكن ايلول العقيم على الباب وسيعودون معه.

        في اثناء ذلك ينشغل قادة القوة المجاورة بالحرب التالية، وهذا عمل يمتازون به: فهم يطلبون زيادة ميزانية الامن التي كانت الكبرى هذا العام في تاريخ الدولة. فلا تكفي 54 مليار شاقل نمت لتصبح 65 مليارا بل يحتاج الى اكثر – ولتنتظر الثورة أو تنفجر. فلماذا يحتاج الى أكثر؟ لأن قادة القوة العظمى يرددون (ويخلقون ايضا) التهديدات. والامور الملحة هذا العام هي: "تحديات جديدة"، وهذا شيء يقولونه دائما وايضا: "الاخطار التي نشأت مع التغييرات الاقليمية". فالشعب المصري يناضل عن حريته ومثله ايضا الشعب السوري، والفلسطينيون متجهون الى اجراء سياسي يشمل العالم بعد أن تخلوا عن الارهاب. وهذا يترجم عندهم فورا الى اخطار جديدة، وبلغة دولتهم الى طلب ميزانية اخرى.

        ليس لسكان جارتنا القوية مشكلات رفاهة، وهم لم يسمعوا عن مشكلات اجتماعية. إن نحوا من ثلثي ميزانيتها يمضي الى دفع الرواتب وهي غير منخفضة ألبتة، ولديها ايضا تشريع اجتماعي من الاكثر تقدما في العالم وهو: التقاعد مع ملك كبير في اربعينيات حياة عمالها، وهو شيء يمكن أن يُحلَم به فقط في اسرائيل المجاورة. وهناك مشتريات ضخمة وتسلح ضخم بلا تقييد تقريبا، من صالون جوي الى صالون آخر، ومن طائرات الغد وغوصات ما بعد غد، عندما يحتاج اليها وعندما لا يحتاج اليها ايضا. والاعدادات لانقضاض على قافلة بحرية ساذجة وغبية الى غزة مثلا تمتد شهورا وتكلف ملايين. والضجيج الذي يتصاعد الآن ايضا من الدولة المجاورة، وازمة السكن وصعوبات جهاز الصحة ومظاهرات الاحتجاج وسكان الخيام لا تدخل من خلال النوافذ المغلقة للقوة الاقليمية، فكل شيء عندها على ما يرام.

        اسرائيل محتاجة الى جيش بل الى جيش كبير وقوي، لكن لا الى جيش شره بلا حدود. في اليوم الذي يوجه فيه الاحتجاج فقط نحو الكرياه ايضا، وفي اليوم الذي تصبح فيه دولة الجيش الاسرائيلي جزءا غير مستقل عن دولة اسرائيل فقط، سنعلم انه قد حدثت هنا حقا ثورة اجتماعية حقيقية. وحتى ذلك الحين دعوا الجيش الاسرائيلي ينتصر.