خبر الثورة الاصطلاحية -هآرتس

الساعة 08:15 ص|11 أغسطس 2011

الثورة الاصطلاحية -هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: أعاد الاحتجاج الاسرائيلي الجديد تعريف ثلاثة مصطلحات أساسية في الحياة السياسية والاجتماعية وهي الشعب والدولة والعدالة الاجتماعية - المصدر).

        ظهرت ثلاثة مصطلحات من بطن الارض في صيف 2011 هي: الشعب والدولة والعدالة الاجتماعية.

        إن قوة مصطلح "الشعب" في انه يمكن ان نقرأه من اليسار ومن اليمين ايضا. فهو من اليسار الهجوم على الباستيل، والثورة الحمراء وانتظام طبقة العمال. والشعب هو تمرد المضطهدين على المستبدين والطغاة. والشعب من اليمين هو شعب اسرائيل. والشعب هو صيرورة قومية عامة.

        وعلى ذلك فان ما حدث هنا في الشهر الاخير أمر لم يسبق له مثيل. فقد استيقظ الاسرائيلي فجأة في الصباح وشعر بأنه شعب وبدأ السير. وظهرت فجأة هنا قوة سياسية ليست حزبا ولا طائفة ولا وسطا. لم يعد يوجد مجتمع اسرائيلي بارد وعقيم واجتماعي – اكاديمي، بل شعب اسرائيلي ساخن ومحسوس وذكي. وهو شعب واسع ومركز وذو قدرة ايضا. وهو شعب هو اسرائيل كاملة وهو كل انسان في اسرائيل ايضا، شعب هو الاسرائيليون جميعا الذين يخرجون لنضال من يظلمونهم.

        وإن قوة مصطلح الدولة في انه يقترح دولة جديدة، لا دولة من أعلى الى أسفل بل دولة من أسفل الى أعلى. ولا دولة خارجية وأمن وبيروقراطية بل دولة مواطنين وبشر. ولا دولة يهودية في مقابل الفلسطينيين والعرب والأغيار بل دولة اسرائيلية في مقابل النخب الحاكمة والبارونات وملوك المال التركيزيين. ان المطالبة بدولة رفاه الآن هي جزء من الامر فقط. ولب الامر هو التوق العميق الى دولة اخلاقية تكف جماح السوق وتقضي على الظلم وتضائل الغبن. دولة عادلة عقلانية تعبر عن أشواق الجماعة الاسرائيلية وتنظم الحياة الاسرائيلية بنزاهة. دولة لا تخدم أقليات مختارة بل جميع الاسرائيليين. دولة الشعب.

        وحُسْن مصطلح العدالة الاجتماعية في كونه استرجاعيا على نحو مطلق. كانت العدالة الاجتماعية شيئا قد عفى عليه الزمن. لكن فجأة وبواسطة الفيس بوك رجعت لتصبح أخاذة، وراجعت روح "هشومير هتسعير". وليس هتاف الحرب على هذا الرجوع عبارة عامية من مكتب نشر بل هو شوق شعب يطلب الشيء الاكثر أساسية: العدالة. العدالة لا الصدقة. العدالة للفرد والعدالة للمجتمع. وعدالة يهودية وعدالة اسرائيلية وعدالة كونية. عدالة اجتماعية.

        إن 300 ألف متظاهر مع خروج السبت الماضي قد تفرقوا. وقد يعودون مع خروج سبت آخر وقد لا يعودون. لكن المصطلحات الثلاثة لثلاثمئة الألف لن تُمحى بل نقشت. وقد أحدثت هذه المصطلحات الثلاثة حتى قبل ان تحدث هنا ثورة سياسية أو اقتصادية، أحدثت ثورة اصطلاحية. ثورة تقول اننا لن ندع الرأسمالية الفاسدة تتحكم بنا بواسطة خصخصة فاسدة. ولن ندع للمال سلطة بلا قيود. ولن نسلم للفروق الاجتماعية الداروينية. فالشعب يطلب انشاء دولة من جديد تضمن العدالة الاجتماعية.

        الانجاز نادر. وهو أكبر من اليسار ومن اليمين ومن الحكومة ومن قادة الاحتجاج. فلا يجوز أن يُستغل استغلالا سيئا ولا يجوز أن يضيع. وهذه هي مهمة البروفيسور مناويل ريختنبرغ. وعمله يشبه في أحد معانيه عمل الدكتور اسرائيل كاتس الذي عرّف من جديد سياسة اسرائيل الاجتماعية بعد تمرد الفهود السود في 1971. ويشبه عمله بمعنى ثان عمل مخائيل برونو وايتان بيرغلس وستانلي فيشر الذين صاغوا الخطة للقضاء على التضخم، التي أنقذت اسرائيل في 1985.

        لكن عمل تريختنبرغ بمعنى ثالث لم يسبق له مثيل. فكل ما حدث هنا في الشهر الاخير ينصب الآن على مائدة خبير الاقتصاد الحكيم والقيمي هذا. وهو الشخص الذي يجب عليه ان يترجم الثورة الاصطلاحية الى خطة عمل حقيقية ومنطقية. وهو الشخص الذي يجب عليه ان يصوغ بالفعل الـ "نيو ديل" الاسرائيلية. وهو الثوري الحقيقي. فاذا أدى تريختنبرغ عمله على ما ينبغي فلن ينجح محافظو بنيامين نتنياهو ولا متطرفو دفني ليف في صده. وسيخرج مليون اسرائيلي الى الشوارع بسبب وثيقة مناسبة لتريختنبرغ. سيقف من وراء وثيقة تأسيسية لتريختنبرغ شعب استيقظ الآن.