خبر تحرك يا بيبي، هيا تحرك- هآرتس

الساعة 08:04 ص|05 أغسطس 2011

تحرك يا بيبي، هيا تحرك- هآرتس

بقلم: يوئيل ماركوس

في نهاية المظاهرة المثيرة للانطباع في منتهى السبت الماضي، كانت العودة الى القاعدة في جادة روتشيلد صعبة على المتظاهرين. فقد كان واضحا أن النجاح أدار رؤوسهم فأرادوا استنفاده حتى النهاية. للحظة رأيت في التلفزيون أفراد شرطة طلبوا من المتظاهرين ألا يزعجوا حركة السير. وأنا أعترف أن قلبي نقصته دقة. فمواجهة عنيفة فقط تنقصنا، قلت لنفسي.

        ولكن كان هناك أمل في ألا يحصل هذا، للسبب البسيط في أن متظاهري الخيام لم يرغبوا في فقدان جمهور عاطفيهم الغفير. فهم لم يطرحوا أنفسهم كفوضويين بل كملح الارض، يمثلون ازمات معظم الجمهور. وكشف المتظاهرون النقاب عن الاحساس بالظلم في توزيع العبء الامني والاقتصادي، ومن هنا الضغط لاحداث تغيير في سلم الاولويات.

        كلما ازداد عدد المتظاهرين، يتبين أن الهدف ليس العصيان بل الصرخة من القلب باسم كل الشعب. تخفيض الضرائب غير المباشرة يمكن القيام به بين ليلة وضحاها، ولكن في عالم العولمة لا يوجد للدول مرونة كاملة تسمح لها باقرار أجندتها الخاصة. حكمة سكرتير الهستدروت كانت في أنه عرف دوما حدود كفاحه في اطار الممكن.

        مظاهرة جادة روتشيلد أصيلة. 3.5 مليون شخص مسجلون في الفيس بوك في اسرائيل – نسبيا، المكان الاول في العالم. وكل آيفون هو زعيم. مع كل الاحترام، نحن مع ذلك مرتبطون بنهج العولمة القائم ومتعلقون بالاستثمارات العالمية. نحن لسنا قوة عظمى يمكنها أن تفعل كل ما يطرأ على بالها. علينا أن نحذر ألا نلقي بماء الحمام وبالوليد ايضا، يقول رجل اعمال.

        التخوف من أن تتحول مظاهرة الخيام الى انتفاضة عنيفة على نمط ميدان التحرير ليس معقولا. ليس من جانب زعمائها ولا من جانب الحكومة. ولكن الفكرة هي أن الحكومة لا يمكنها أن تنتظر بصفر فعل، الى أن تمر هذه الموجة والاكتفاء بخطوات تصريحية فقط. حاجز الظلم العام يخلق، على نحو مختلف، وضعا تتميز به تحقيقات جرائم الجنس، حين يزحف التحقيق الى الماضي السحيق للاثبات بأنه كان هناك نهج في منظومة الظلم الاجتماعي والاقتصادي. وليست هذه صدفة في أنه في كل بضعة ايام ينضم المزيد فالمزيد من الاشخاص من قطاعات مظلومة اخرى. وحتى ممثلي المستوطنات جاءوا الى جادة روتشيلد وقربوا الانفجار الذي يلوح في الأفق.

        هل يوجد فقدان ثقة بنتنياهو؟ اذا كان كذلك، فهذا أساسا لأن هذه المظاهرة اندلعت في ورديته. ولكنها تعتمل منذ سنوات عديدة تحت الارض. ليس لدى بيبي بدأ هذا، وليس لديه سينتهي. النائب نحمان شاي يقول ان العالم اليوم مسطح، ليس مراتبيا، بينما الحكومات تعرف كيف تعالج العالم الذي هو أناني – مراتبي وممركز. جراء ذلك نشأ هنا حوار طرشان. الوسائل التي اتبعتها الحكومة مع الفلسطينيين لن تتبع في جادة روتشيلد. التفريق بالقوة للمتظاهرين العنيفين ليس خيارا لا لدى المتظاهرين ولا لدى الحكومة، في اسوأ أحلامها.

        لن تجدي بيبي أي حيلة، وهو سيضطر الى توديع الكثير من المال بل وربما قول وداعا لشتاينيتس. ولكن ثورة روتشيلد لن تسقط بيبي. حتى لو سقط، ليس مؤكدا ألا يُنتخب للمرة الثالثة. التقدير في هذه اللحظة هو أن معظم مطالب متظاهري روتشيلد لن تستجاب. قانون تعليم مجاني من عمر صفر لن يكون. "قلب الموضوع"، كما شرحت كيرن مرتسيانو في القناة الثانية، هو أن "بيبي غير مستعد لتغيير فكره الاجتماعي والرأسمالي". معظم المطالب، حسب تقريرها، لن تستجاب، رغم أنه من يوم الى يوم ينضم الى الاحتجاج أناس من قطاعات مختلفة.

        ولكن سذاجة المتظاهرين تلاحقهم. فبمطالبهم يُذكروننا بمريض يشكو أمام الطبيب من جوانب لا ترتبط معا لتصل الى تحديد المرض وعلاجه. سذاجة مبادري الثورة وجدت تعبيرها ايضا في مطلبهم في أن تُصور المفاوضات مع رئيس الوزراء في الزمن الحقيقي. ومع ذلك، فالمتظاهرين الأغرار بدأوا يتبلورون، فهم يطالبون بتخفيض الضرائب، ولا سيما ضريبة القيمة المضافة، يطالبون بالرقابة على ايجار الشقة بالتشريع، يطالبون باحلال قانون التعليم الالزامي المجاني من عمر ثلاثة اشهر.

        بيبي، الذي يقترب من المواجهة في ايلول مع الفلسطينيين وحلفائهم في العالم، ملزم أولا وقبل كل شيء في أن يحصل على الثقة والاسناد من أبناء شعبه قبل أن يصدقه العالم.

        ليس لك كل الزمن الذي في العالم. تحرك يا بيبي، هيا تحرك.