خبر حكومة أردوغان « تنفض » الجيش التركي

الساعة 11:57 ص|04 أغسطس 2011

حكومة أردوغان "تنفض" الجيش التركي

فلسطين اليوم-الأخبار اللبنانية-أرنست خوري

مرّت الأيام الثلاثة التي بدأت يوم الاثنين لاجتماعات «المجلس العسكري الأعلى» في تركيا، من دون صدامات كبرى معلنة بين الجنرالات ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان الذي رأس وحده، للمرة الأولى في تاريخ «المجلس العسكري الأعلى»، الاجتماعات السنوية لأرفع هيئة عسكرية في البلاد، بما أنّ الجنرال نجدت أوزل لا يزال رئيساً بالوكالة لأركان الجيش التركي. وتنتهي اليوم دورة عام 2011 لـ«المجلس العسكري» مع توقُّع أن يعلن الرئيس عبد الله غول قرارات الترقيات والتعيينات والمحاسبات العسكرية التي اتُّفق عليها في الأيام الماضية، فوق الطاولة وتحتها، مع انتظار حلول أوزل مكان رئيس الأركان المستقيل (أو المتقاعد) عشق كوشانر، واحتمال إعلان الاتفاق على أسماء 3 جنرالات يتسلّمون مكان المستقيلين الثلاثة يوم الجمعة من قيادة القوات البرية والبحرية والجوية، وقادة الألوية الأخرى.

الجديد في الموضوع ما كشفته صحيفة «توداي زمان» المقربة من الحزب الحاكم، أمس، عن أنّ حكومة أردوغان تعدّ مشروعاً هو عبارة عن نفضة شاملة لهيكلية الجيش التركي، تحت شعار قديم سبق لها أن رفعته تحت عنوان «تحديثه»، هدفه الرئيسي تكريس انتهاء الدور السياسي التقليدي للجيش التركي، باعتباره المؤسّسة السياسية الأقوى في البلاد منذ تأسيس مصطفى كمال جمهوريته قبل 88 عاماً، والحؤول دون تكرار أزمات كالتي انفجرت عندما تقدم كوشانر والجنرالات الثلاثة الآخرون باستقالاتهم يوم الجمعة لإحراج الحكومة في قضية الإصرار على ترقية ضباط وجنرالات كبار موقوفين في قضايا جنائية كبيرة تتعلق بالتخطيط لإطاحة حكومة أنقرة.

وبحسب «توداي زمان»، فإنّ الحزب الحاكم شرع جدّياً بتحضير مشروعه «لإعادة هيكلة» الجيش التركي لتعزيز ديموقراطية هذه المؤسسة وتحسين شروط فعاليتها في مكافحة الإرهاب. هذا في العنوان العريض، لكن عملياً، تهدف خطة «تحديث الجيش» إلى «تفادي حصول أزمات جديدة من داخل المؤسسة العسكرية شبيهة بتلك التي حصلت يوم الجمعة»، بالإضافة إلى تحسين قدرات الجيش في محاربة «الإرهاب» الكردي طبعاً، بعد الخسارات المتتالية التي مني بها الجيش في الفترة الأخيرة على أيدي مقاتلي حزب العمال، وخصوصاً بعد مقتل الجنود الـ 13 قبل أيام في محافظة دياربكر.

وأبرز ما أكدته الصحيفة أنّ مشروع التحديث ستقوم به «على نحو أحادي» وزارة الدفاع التركية ورئاسة أركان الجيش، وستكون أبرز الخطوط العريضة للمشروع تعديل مدة الخدمة العسكرية الإلزامية لجعلها تمتد على ما بين 9 و12 شهراً في جميع القطاعات العسكرية، علماً بأن الفترة الحالية للخدمة العسكرية هي إما 6 أو 15 شهراً بحسب درجة التحصيل العلمي للمجنّدين. وفي هذه النقطة، بدأ فريق من الأشخاص، يتخذون من رئاسة الحكومة مقراً لهم، بالعمل على دراسة تقرير إصلاحي وتحديثي سبق لرئيس الأركان الأسبق حلمي أوزكوك أن قدمه عن هذا الموضوع في عام 2005 تحت عنوان: «2010 رؤية للجيش التركي». وفي السياق، فإنّ جزءاً من خطة الحكومة يهدف علناً إلى إدخال تعديلات بنيوية وهيكلية على الجيش التركي لجعله متلائماً مع شروط الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي، علماً بأن أبرز تلك الشروط تقوم على جعل الجيش خاضعاً مباشرة لوزارة الدفاع التركية. أما اليوم، فبحسب المادة 17 من الدستور، يخضع الجيش، ممثلاً برئيس الأركان حصراً، لمساءلة رئيس الوزراء، «وليس خاضعاً ولا مرتبطاً برئيس الحكومة ولا بمكتبه، إذ إنه مستقلّ في قراره وفي ممارسته لسلطته ونفوذه» الهائلين. وفي هذا الإطار، فإنّ الحكومة تدرس تعديل الدستور، المادة 17 تحديداً، لإلحاق الجيش بوزارة الدفاع أسوة بمعظم الدول «الديموقراطية».

وبالنسبة إلى التغييرات التحديثية، يطرح مشروع الحزب الحاكم وحكومته إجراء تعديلات كبيرة على هيكلية القوات البرية، أكبر الجيوش التركية وأهمها، والتي منها يأتي رئيس الأركان على نحو شبه دائم. اليوم، يتألف الجيش البري من أربعة ألوية (قيادة بحر إيجيه والقيادة الأولى في إسطنبول، والقيادة الثانية للجيش في مالاتيا والجيش الثالث في إرزنكان). ومن الجديد المتوقع، إلغاء قيادة بحر إيجيه (المتخصّصة بالاحتمال القديم للحرب مع اليونان). ومن ضمن التغييرات، تعديل مهمات وميادين عمل وأسماء ألوية إسطنبول ومالاتيا ليصبح اسمها قوة المنطقة الشرقية والغربية، مع تعزيز القوتين الجوية والبرية وتخصيصهما وحدهما للحرب على الإرهاب. أما قوات البر والجو والبحر، فسيستحدث منصب نائب رئيس للأركان لهم، مع إلغاء استقلالية هذه الجيوش الثلاثة وحصرها جميعها برئاسة الأركان، مع تعديل صلاحيات قادة هذه القوات من كل النواحي وحصر الموازنة المالية للجيش برئاسة الأركان تمهيداً لجعلها خاضعة لرقابة وزارة الدفاع والبرلمان. أما الأهم، وفقاً للصحيفة نفسها دائماً، فيتعلق بنظام الترقيات العسكرية، وهو مصدر المشكلة التي تعيشها تركيا اليوم، إذ سيجري استبدال معيار الترقية من مدة الخدمة العسكرية إلى النجاحات المحقَّقة والرصيد المهني والاحترافي للضباط خلال خدمتهم، وبالتالي فلن يترقى الضباط إلى رتبة جنرال لمجرد تمضيتهم 28 سنة في الخدمة كضباط. أيضاً، من المقرر ربط قيادة الشرطة بوزارة الداخلية بدلاً مما هو سارٍ حالياً من ناحية اعتبارها جزءاً من الجيش التركي، إضافة إلى جعل موازنة الجيش خاضعة لرقابة وتدقيق محكمة الحسابات. أيضاً، سيتم إلغاء كل من «المحكمة العسكرية الإدارية العليا» و«محكمة التمييز العسكرية العليا»، مع تعديل جذري لقانون المحاكم العسكرية من ناحية تصنيف الجرائم التي يجب إحالتها إلى القضاء العسكري.