خبر الكمية والنوعية- يديعوت

الساعة 08:22 ص|31 يوليو 2011

الكمية والنوعية- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

إن أكبر انجاز لحركة الاحتجاج هو دوامها. ففي دولة فتيل صبرها قصير بصورة مؤلمة – نتوقع أن نرى نتائج في بث حي، في الحال بعد الدعايات – فإن قدرة هذه الحركة على أن تخرج الى الشارع جموعا بالسبت الثاني مدهشة جدا. ان النواة الصلبة من المتظاهرين لم تعد الى البيت بل عادت الى احياء الخيام التي اقيمت في مواقع مختلفة في البلاد، ومن هناك ستستمر على العمل والتثوير، وان تنشب مثل عظم في حلق الحكومة.

اذا جمعنا المظاهرات أمس فقد كانت من المظاهرات الكبرى في تاريخ الدولة. كانت مظاهرات جماعية في البلاد من أجل أرض اسرائيل أو السلام أو اخفاقات في الحرب. فمن كان يصدق ان مائة وخمسين الف اسرائيلي سيجهدون أنفسهم في الخروج الى الشواع من أجل اصلاحات اجتماعية. "الشعب يطلب عدالة اجتماعية"، صرخ المتظاهرون مرة بعد اخرى. يبدو أن هذا المصطلح وهو عام وغير ملزم كما هو، يمثل مشاعر اجزاء كبيرة جدا من الشعب.

في مظاهرة القدس أمس التقيت واحدا من قادة الفهود السود. فقال: "لو كان لنا 10 في المائة من هؤلاء المتظاهرين لقلبنا الدولة". توقع منظمو المظاهرة في القدس الفي متظاهر وأتى نحو من عشرة الاف. وكان جزء من الشعارات التي رفعوها متطرفا. فقد دعت الى ثورة اجتماعية، والى تغيير عميق في ترتيب أفضليات الحكومة والمجتمع. لكن النغمة كانت معتدلة ومنضبطة وبرجوازية. وعبرت عن شعور بالقوة اكثر مما عبرت عن الغضب. ولا شك في أن نجاح الاسبوعين الاولين جارف ومعدٍ.

ان المسار الذي رسمته الشرطة للسائرين في المسيرة مر بعدد من علامات الطريق المهمة في تاريخ المظاهرات في اسرائيل: فقد هبط الى رصيف بن يهودا الذي كان فيه متظاهرو السلام الان في 1982 في المظاهرة التي قتل في نهايتها اميل غرينسفايغ. وقد بصق اليمينيون آنذاك على متظاهري اليسار ورموهم بكل ما استطاعوا التقاطه. وتمهلت في ميدان تسيون حيث اجريت مظاهرات اليمين الكبيرة على رابين وفيها تلك التي رفعت فيها صورة النازي. لم يبصق أحد امس على المتظاهرين، ولا سبهم احد برغم أنهم قالوا كلاما فاحشا في نتنياهو وحكومته. منذ تلك المظاهرات أتى الهاتف الخلوي الى العالم. وقد استلّ الناس الهواتف المحمولة والتقطوا الصور.

ثمّ توقع مفهوم في الجهاز السياسي – وفي وسائل الاعلام ايضا- لبدء تفاوض. فسيستدعى قادة حركة الاحتجاج بعد التكريم الى واحد من المكاتب الحكومية. فيعرضون مطالبهم، وتبين المالية لماذا لا يمكن قبولها وتبدأ مساومة. وحتى لو اجريت اتصالات كهذه في وقت ما فاننا نشك ان تكون لها أهمية. فليست حركة الاحتجاج اتحادا مهنيا وليست جماعة ضغط وليس امتحانها في الانجازات المادية التي ستحصل عليها، اذا حصلت، من الحكومة.

ان امتحانها هو في تأثيرها في التيارات العميقة في المجتمع الاسرائيلي. ان جنود الاحتياط الذين عادوا من الحرب في 1973 وخرجوا للتظاهر على حكومة غولدا مائير لم يحصلوا على مطلوبهم من الفور. ومر وقت الى أن أخلت غولدا وديان مقعديهما. ومرت أربع سنين اخرى حتى خسر المعراخ السلطة. ولم يحرز جنود الاحتياط الذين عادوا من لبنان في 2006 وخرجوا للتظاهر على حكومة اولمرت، مطلوبهم من الفور بل اتى انهيار الحكومة بعد ذلك.

ان كل واحد من المائة وخمسين الف اسرائيلي الذين لامسوا حركة الاحتجاج الحالية سينقل هذه الجرثومة قدما. وهو مشارك اجتماعيا. وهو مشارك سياسيا. ان الاغتراب والشعور الساخر اللذين ميزا هذا الجمهور في السنين الاخيرة أخليا مكانيهما للمشاركة والاحتجاج وليس هذا أمرا يستهان به.

من المثير للعناية أن متحدثي المستوطنين خاصة، وهم جمهور يرفع بفخر مشاركته وتأثيره السياسيين، يستقبلون هذه الحركة بعداوة مكشوفة تكاد تكون ذعرا. ظننت في البدء ان متحدثيهم يصعب عليهم فهم مسارات تحدث خارج فقاعتهم او ربما يفهمون الامور فهما جيدا.