خبر إنتهت الارانب لدى بيبي..هآرتس

الساعة 08:18 ص|29 يوليو 2011

بقلم: يوئيل ماركوس

كان بيبي غارقا جدا في تحسين المعلومات الاستخبارية عن الاسطول الذي كان ينظم في موانىء البحر المتوسط، بحيث أنه لم يرَ ما يحصل له تحت الانف. هكذا بدأت الثورة في القاهرة. يوجد شبه شديد بين المبادرين: كلهم شباب، يستعينون بالفيس بوك، يلبسون الجينز وينتعلون الاحذية الرياضية. هنا مثلما هو الحال هناك في الايام الاولى لم يكن واضحا من هم الزعماء وماذا يريدون بالضبط.

        ما يميز انتفاضتنا هو أنه ليس لها مسؤول. ما بدأ كمظاهرة خيام عفوية في جادة روتشيلد، تحول قبل ان نتمكن من أن نقول جاك روبنزون الى مظاهرة عشرات الالاف التي تجتاح كل البلاد. هذا ليس الكوتج ولا السكن، بل الكثير من الامور التي ارتبطت معا. الطبقة الوسطى العاملة، التي تحمل الدولة على ظهرها، التي تدفع الضرائب، تخدم في الاحتياط، تجد نفسها في وضع لا يكفيها ما تحصل عليه بالمقابل لا في الاجر ولا في السكن.

        هذه الجملة المتنوعة هي التي جعلت هذه المظاهرة متعددة المستويات. ذوو القبعات الدينية أيضا، وكذا اليساريين، الشباب والاقل شبابا – المفتاح الحزبي التقليدي لليمين واليسار تحطم في جادة روتشيلد. مع مرور الزمن تبلور التقسيم الحقيقي، على أساس اقتصادي – اجتماعي. المظاهرات جمعت الناس الذين تشغل بالهم مشاكل وجودية في معسكر واحد.

        ليس لهذه الانتفاضة حل سحري. لا يمكن وضع حد لها لتوزيع حلويات ووعود عابثة. لا مائة مليون هنا ومائة مليون هناك ستهدئها. ليس صدفة أن تشارلي بيتون، الذي عنه وعن رفاقه قالت غولدا في حينه: "انهم غير لطفاء"، قال في زيارته لنطاق المتظاهرين بعد المؤتمر الصحفي لبيبي: "انه يخدعكم".

        وسرعان ما فهم نتنياهو جدا بان الحديث يدور هنا عن انتفاضة من نوع جديد، أزمة تتطلب علاجا جذريا. ليس هذا دليل ضعف ان يكون بيبي ينصت لصوت الشعب، رغم مشاكل الاخفاق في قدرته على الحكم. كما ليس فظيعا ايضا انه تباهى في أنه شخص المشكلة حتى قبل قيام حكومته. جميل. ولكن ماذا فعل كي يحلها قبل الاوان؟ بيبي واصل الربت على كتفه ذاته على انجازاته في السياسة الاقتصادية، ولكنه تجاهل تماما الوضع الاجتماعي الخطير السائد في الدولة.

        ما كان ينقص في المؤتمر الصحفي الفزع الذي عقده هو الالتزام الشجاع بتغيير سريع لسلم اولوياته: تقليص الفوارق الاجتماعية كموضوع مركزي تنطلق الحكومة لتحقيقه مثلما في الحرب. تقليص مثلا في ميزانية الدفاع، رغم أن من الصعب عليه ذلك بسبب تعلقه بايهود باراك الذي يهمه الموضوع الاجتماعي كما يهمه الثلج في العام الماضي. تقليص في النفقات على المستوطنات، رغم أنه يخشى فقدان السند السياسي في حزبه وفي أوساط حلفائه. والغاء الفوارق الاجتماعية التي خلقت وضعا بات فيه العبء الضريبي المنخفض على المائية العليا يصرخ الى السماء، مثلما كتبت ميراف ارلوزوروف في "ذي ماركر".

        بيبي كان ملزما بتغيير سلم الاولويات بشكل دراماتيكي، ولكن هذا الالحاح لم يكن بارزا في مؤتمره الصحفي. رغم مسرحيته على نمط نشيد الاطفال "ديغي – ديض ديغي – ديض، جاء الامير على حصان ابيض"، لم ينزل الى عمق المشكلة والتي هي مشكلة الفوارق الاجتماعية. وعليه فان الضائقة لم تتبدد رغم المؤتمر الصحفي. إذ نفدت له الارانب. فقد تحدث هناك كأحد المتظاهرين، مقتبسا شعاراتهم، وليس كزعيم يفهم خطورة اللحظة.

        لقد وعد بانبعاث يؤدي الى أن يكون للجميع شقق باسعار معقولة. سنقصقص أجنحة الاحتكار الذي يسمى مديرية اراضي اسرائيل، قال. لدينا بيروقراطية يجب معالجتها، قال. سنحرر الحواجز من وجه تسويق الشقق، قال. وسنحسن قدرة الوصول من البيت الى العمل او الى الجامعة. إذن قال بل وقال. اذا كان هذا بسيطا بهذا القدر، فاين كان حتى الان؟

        يبدو على بيبي أنه فوجيء من الضائقة الكبرى، وهو لا يعرف كيف يتصدى لثورة الطبقة الوسطى التي تتدهور الى الفقر لان كل شيء يرتفع سعره. هذه حكومة خنزيرية مع عيون كبيرة. فهل عندما يرتفع سعر الوقود مثلا ينبغي بالفعل رفع ضريبة القيمة المضافة ايضا؟

        اذا كان نتنياهو لا يستوعب بان رسالة استياء المتظاهرين موجهة ضده شخصيا وضد قيادته – فان الايام الفظيعة ستأتي قبل أيلول بكثير.