خبر الغزي الوديع / مصطفى إبراهيم

الساعة 12:09 م|26 يوليو 2011

الغزي الوديع / مصطفى إبراهيم

لم تشفع مناشدة الصحافي ايمن سلامة للرئيس محمود عباس، ولم تنجح شخصيات وطنية فتحاوية في مساعدته الحصول على جواز سفر جديد لابن شقيه محمود سلامة، ايمن سلامة المريض بالفشل الكلوي وبحاجة ماسة وسريعة لزراعة كلية جديدة، والعلاج في الخارج، محمود يبلغ من العمر 27 عاماً، ولا يملك جواز سفر للسفر مع عمه للتبرع له بكليته في محاولة منه لإنقاذ حياته، هذه المرة الأولى في حياته الذي يتقدم فيها للحصول على جواز سفر، محمود موظف في الدفاع المدني في حكومة غزة منذ عامين، وهو ليس بحاجة لجواز السفر لتلقي دورات تدريبه عسكرية على المدفعية ومضادات الطيران في إيران أو سورية لاكتساب خبرات قتالية جديدة أو لزيادة قدرات حماس العسكرية والقتالية.

أيمن يتلقى الوعود في السفر وينتظر منذ أسبوعين موافقة الأجهزة الأمنية على منح ابن شقيه محمود جواز سفر جديد، لا اعرف من هو محمود ومنذ متى يعمل في حكومة غزة، والذي ما زالت وزارة الداخلية في رام الله والأجهزة الأمنية تقوم بالمسح الأمني لمنحه الموافقة لجواز سفر جديد، وحرمان الآلاف من الغزيين من الحصول على جوازات سفر.

 

ما يجري مع الصحافي ايمن سلامة ليس غريبا على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، فنحن تعودنا منها الكثير، فهي من تمنح الرزق وتقطعه، وهي المسؤولة عن إطالة أعمار الغزيين وتقصير أجلهم، وهي من تمنح الناس الرواتب ولا تقطعها، وهي من تسدد ثمن فواتير الكهرباء المشتراة من إسرائيل، وهي تمد محطة توليد الكهرباء بالوقود الذي لا ينقطع أبداً، وتسهر على راحة الناس وتنفذ جميع متطلباتهم!

 

إلى متى ستظل السلطة لا تحترم مواطنيها وتحدد من هو الفلسطيني وتميز بين الفلسطينيين حسب الانتماء السياسي، ماذا تتوقع قيادة السلطة والرئيس؟ هل سيستمر الناس في صمتهم وانتظارهم؟ وهل مطلوب من الغزي الفلسطيني أن يبقى وديعا وملاحقاً من سلطته في وطنه وداخل تنظيمه، وممنوع من السفر عبر كل المعابر من قبل الأجهزة الأمنية.

 

مطلوب من الغزيين أن يمشوا على الصراط المستقيم، كي يحصلوا على حقوقهم، ولا يحرموا من حقهم في العلاج والحق في الحصول على جوازات السفر، والحق في السفر والتنقل بحرية وكرامة، والحق في الوظيفة والراتب، ممنوع عليهم أن يكونوا مواطنين أحرار وبكرامة، عليهم ألا يشتكوا ولا يعارضوا قرارات الرئيس والسلطة، وتصديق كل ما يصدر عنها ومتابعة أخباره وسفرياته، وان لا يعبروا عن وجهة نظرهم بما يقوم به الرئيس وفريقه، وسطوة الأجهزة الأمنية.

 

على الغزي أن يخشى شقيقه وابن عمه وجاره ربما أحدهم هو من يكتب التقارير الكيدية التي تكون سبباً في فقدانه راتبه أو منعه من حقه في العلاج وفي الحصول على جواز سفر، ومن بطش الأجهزة الأمنية التي تراقب من رام الله كل شيئ وترصد تحركات وتصرفات وسلوك كل الغزيين حمساويين وفتحاويين.

 

على الغزي أن يظل وديعا للحفاظ على حقوقه التي يمنحها له السلطان وحاشيته والأجهزة الأمنية وتقاريرها الكيدية، ومعيار وداعته قربه وبعده من حركة حماس، والآن قربه أو بعده من الرئيس، عليه أن يبقى من دون حرية وكرامة، وهو من يجابه الموت في كل لحظة لمجرد انه من غزة، والى متى يظل الغزي وديعاً ومسالماً ومستسلماً؟

 

هل ممنوع على محمود العمل في الدفاع المدني في حكومة غزة؟ وهل البحث عن رزقه تهمة؟ محمود وغيره كثر من الغزيين، وهم ليسوا من كوكب آخر هم جزء أصيل من هذا الوطن المحتل المكبل بالقيود، وما يحزن ويثير الغضب أن من يكبل الغزيين أبناء جلدتنا.

 

لن يقبل الغزيين أن يظلوا فقراء يتوسلوا الطعام والشراب والدواء والعلاج، لن يقبلوا بمن نصبوا من أنفسهم زعماء عليهم أن يعيدوا الموظفين المفصولين من دون سبب، إلا للملاحقة السياسية، لن يستصرخوا أحد لإعادة رواتب قطعت بدعوى أن أصحابها ضد الشرعية، ويتوسلوا لهم لسداد فاتورة كهرباء كان الغرب يدفعها، والسماح لهم بالسفر والمساهمة في إغلاق المعابر.

 

الفلسطينيون بحاجة إلى زعيم حجمه اكبر منه، ونفوذه أكبر من دوره ومن لقبه، زعيم بحجم فلسطين، يختار مصيره كما اختاره من سبقوه من زعماؤنا الشهداء الذين قدموا، ولم ينتظروا سوى الشهادة، والتخليد منا، نحن بحاجة إلى زعيم لا يمطرنا بالشعارات الرنانة، وبحاجة إلى زعيم لا يهددنا بالتنحي لأننا كلفناه بمهمات صعبة، ربما يدفع حياته ثمناً لها، بحاجة إلى زعيم ينهي الانقسام والظلم.