خبر بحث إسرائيليّ: السعوديّة تُلوّح بالقضيّة الفلسطينيّة للضغط على واشنطن

الساعة 04:56 ص|23 يوليو 2011

بحث إسرائيليّ: السعوديّة تُلوّح بالقضيّة الفلسطينيّة للضغط على واشنطن

فلسطين اليوم-قسم المتابعة

قالت دراسة جديدة، أصدرها معهد بيغن ـ السادات في تل أبيب عن العلاقات بين المملكة السعوديّة وأمريكا إنّ القيادة السعوديّة غاضبة بحقٍ وبحقيقةٍ على إدارة الرئيس الأمريكيّ، باراك، أوباما، والرياض تهدد بإعادة تقييم علاقاتها وتحالفها الإستراتيجيّ مع واشنطن، لكنّ السعوديين لا يعضّون، إنّهم يتكلمون فقط، على حد تعبير مُعّد الدراسة د.يهوشواع تايتلبويم، وعلى الرغم من عرضية الغضب الذي يُعبّر عنه العديد من المسؤولين السعوديين حول سياسة الولايات المتحدة بشأن الثورات العربية ومن إسرائيل والعراق وإيران، أو أفغانستان، فإنّ الرياض وواشنطن ما تزالان بعيدتين جدا عن الفراق والابتعاد، لأنّ المصالح الإستراتيجيّة المشتركة بين البلدين أقوى من أيّ خلاف عرضي ينشب بينهما.

وجاء أيضا أنّه في حزيران (يونيو) المنصرم نشر الأمير تركي الفيصل مقال رأيٍ في صحيفة 'واشنطن بوست' وجّه من خلاله سهام انتقاداته اللاذعة إلى الرئيس الأمريكي، أوباما، بسبب دعمه غير المشروط للإسرائيليين، والتخلّي بموازاة ذلك عن الفلسطينيين، ولكن بحسب الباحث الإسرائيليّ، وعلى الرغم من أنّ المقال حاز على عناوين رئيسيّة في وسائل الإعلام الأجنبيّة، فإنّ العديد من العرب، من سياسيين ومثقفين وكتبة أعمدة، اعتبروا ما قاله الأمير تركي في مقاله كلام فاضي، أوْ بلغة أدبيّة كلام فارغ من أيّ مضمون.

وتابع الباحث الإسرائيليّ قائلاً إنّ السعوديّة، المتّهمة بوأد الثورات في العالم العربيّ، وتقوم بقيادة الفئات المناهضة للربيع العربيّ، وجدت أنّ تحدي هذا التوجه، وخصوصًا من الأمير تركي الفيصل، يتم عن طريق استعمال القضيّة الفلسطينيّة، ذلك أنّ الأمير تركي بمقاله المذكور سعى لتعزيز شرعية الأسرة السعودية الحاكمة التي تتناول الهراوة الفلسطينية والتلويح بها في الولايات المتحدة الأمريكيّة، وهذا النمط من السياسة العربيّة هو نمط معروف استعمل ويُستعمل مرارًا وتكرارا، ففي كل أزمة تعصف بهذه الدولة أوْ تلك، فإنّه تسارع إلى تبني القضيّة الفلسطينيّة، بهدف صرف الأنظار عن القصورات الداخليّة في الدولة عن طريق القضيّة الفلسطينيّة، التي ما زالت تعتبر قضية العرب الأولى.

ووفقاً للأمير تركي الفيصل، فإنّ السعودية كانت وما زالت تُشكّل سدًا منيعًا، في الشرق الأوسط للحفاظ على المصالح الأمريكيّة، حيث لفت الأمير في مقاله إلى أنّه إذا كانت الإدارة الحاليّة في واشنطن تعتقد بأنّه لا غنى عن التحالف مع إسرائيل، فإنّها ستصل إلى نتيجة عاجلاً أمْ أجلاً، مفادها أنّ هناك لاعبين آخرين في منطقة الشرق الأوسط.

وبرأي الأمير السعوديّ فإنّ لعبة المحاباة تجاه إسرائيل لم تثبت حكمة الإدارة الأمريكيّة، ذلك أنّه سرعان ما سيظهر أنّ السياسة الأمريكيّة بدعمها غير المشروط لتل أبيب، كانت سياسة حمقاء، أو الأكثر حماقة. ولفت الأمير تركي الفيصل في المقال عينه إلى أنّه سوف تكون هناك عواقب وخيمة على العلاقات الأمريكية السعودية في حال أقدمت الولايات المتحدة على استعمال حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدّة، عند طرح الفلسطينيين قضية الإعلان عن الدولة الفلسطينيّة في حدود ما قبل عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، وذلك في شهر أيلول (سبتمبر) القادم. ونوه الباحث الإسرائيليّ إلى أنّ مقال تركي الفيصل جاء بعد قرابة الشهر من نشر نواف العبيدي، وهو مستشار أمنيّ يعمل في مركز البحوث التابع للأمير تركي الفيصل، مقالاً كان أكثر حدّة في طرحه عندما قال إنّ السعوديّة قد تلجأ إلى استعمال سلاح النفط لإرغام واشنطن على تغيير سياسة المحاباة غير المشروطة لإسرائيل، ووضع المعادلة الجيدة النفط مقابل الترتيبات الأمنيّة، وخلص عبيد في مقاله إلى القول إنّ السعوديّة بصدد إعادة تقييم علاقة الشراكة بين واشنطن والرياض، على ضوء الانحياز الكامل من قبل الرئيس أوباما للموقف الإسرائيلي.

فما الذي يجري هنا؟ تساءل الباحث الإسرائيلي! وأجاب: السعوديون بحقٍ وحقيقة غاضبون من الولايات المتحدّة الأمريكيّة في كل ما يتعلق بالثورات العربيّة، وخصوصًا عدم دعمهم لخطوة السعوديّة التي قامت بإرسال درع الجزيرة إلى البحرين لقمع اضطرابات الأكثريّة الشيعيّة ضدّ نظام الأقليّة السني الحاكم، وهذا التصرف الأمريكيّ فُسر في الرياض على أنّه تنازلاً أمريكيًا من قبل واشنطن عن حليفتها الإستراتيجيّة، خصوصاً في الأوقات العصيبة.

وأوضح أنّه عندما بدأ الجدال الداخليّ في أمريكا يحتدم حول قضية الانسحاب الأمريكيّ من العراق، وجّه الأمير تركي الفيصل تحذيراً للأمريكيين حول خطورة الانسحاب، حيث قال في مؤتمر عُقد في العام 2006 إنّه بما أنّ الولايات المتحدّة جاءت إلى العراق بدون دعوة، فعليها ألا تغادر العراق غير مدعوة، في نفس السياق هدد العبيد بأنّ السعودية ستقف إلى جانب السنة في العراق لمواجهة الأكثريّة الشيعيّة التي وفرّت لنفسها الأسلحة والعتاد العسكريّ. هدد عبيد بأنّ السعودية ستتدخل في جانب السنة.

وبرأي الباحث الإسرائيليّ فإنّ المشكلة تكمن في أنّ السعوديين كلهم كلام ولكنّهم لا يعضون، لقد كانوا يشتكون دائمًا وعلنًا من سياسة الولايات المتحدة الأمريكيّة في الشرق الأوسط منذ ما قبل إنشاء دولة إسرائيل، ولكن لم يترددوا لطمأنة المسؤولين الأمريكيين من القطاع الخاص بأنّ هذه السياسات لن ُتعرض العلاقات مع واشنطن للخطر، والسبب يعود إلى أنّ الشراكة في الدفاع والطاقة هي مجرد علاقات عميقة، بحيث أنّ الأمراء السعوديين وأتباعهم المخلصين لا يمكن أن يصلوا إلى نتيجة للقطيعة في هذين المجالين مع واشنطن. فالولايات المتحدة هي أولا مورّدة السلاح الرئيسي للمملكة، وتستمر في تدريب قواتها. لافتًا إلى أنّه بالإضافة إلى ذلك، علينا أنْ نأخذ بالحسبان توقيع صفقة أسلحة بقيمة تزيد على 60 مليار دولار أعلن أمام الكونغرس في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2010 ، من تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 وحتى حزيران (يونيو) 2011 تم الإعلان عن مبلغ إضافي 3.7 مليار دولار في مبيعات الأسلحة، والتي تتراوح تشمل أنظمة باتريوت الدفاعية الصاروخية للقنابل العنقودية.

ناهيك عن المستشارين الأمريكيين الأمنيين، الذين يعملون في المملكة، وكان الأمريكيون يخشون من قيام السعوديّة برفع سعر برميل النفط، ذلك أنّ هذا الارتفاع قد يؤثر سلبًا على الانتعاش الاقتصاديّ. ولكن في نهاية المطاف أٌقنعت أمريكا السعودية بعدم زيادة ضخ النفط وبالتالي فإنّ أسعاره لم ترتفع، ومما لا شك فيه أنّه على الرغم من أنّ المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ليستا صديقتين ولا حلفيتين، ولكن بموازاة ذلك، فقد تقاسمتا المصالح فيما يتعلق بالنفط والأمن لعدة عقود، مما أدى إلى تحسن وتطوير العلاقات الاقتصادية والعسكرية التي من غير المرجح أن تتغير في المستقبل المنظور، على حد قول الدراسة الإسرائيليّة.