خبر الثورة الجديدة وتلك التي سبقتها..إسرائيل اليوم

الساعة 08:10 ص|22 يوليو 2011

بقلم: يوسي بيلين

        غدا تحل ذكرى الثورة المصرية الاولى بعد أن أسقطت الثورة مبارك. الثورة في 23 تموز 1952 وقعت بعد 30 سنة من نيل مصر استقلالها. 30 سنة كانت فيها مصر ديمقراطية، أُقيمت الاحزاب وتنافست فيما بينها. وبشكل غير علمي يمكن القول ان مصر كانت تشبه في حينه الاردن في السنوات الاخيرة: ملك مسيطر، برلمان ذو صلاحيات محدودة منتخب من الشعب، حكومة معينة من الملك واعلام ذو قدر مكبوح من الحرية.

        عدم الرضى العام نبع من أن الحكم كان يعتبر غير ناجع وفاسد، وقد اختُبر الامر في المواجهة مع اسرائيل في 1948، حين تراجع الجيش المصري أمام الجيش الاسرائيلي الجديد. انعدام الراحة من العلاقات مع بريطانيا تعاظم في العام 1952 على خلفية المواجهة الكبيرة في الاسماعيلية، التي قُتل فيها خمسين شرطيا مصريا على أيدي جنود بريطانيين. العزة المصرية تضررت بشدة.

        جمال عبد الناصر، الروح الحية في عصبة "الضباط الأحرار"، عقيد ابن 34، الى جانبه عناصر اخرى من خريجي حرب 1948، مثل أنور السادات، سيطروا بسهولة نسبية على مراكز الاعلام والقوة في مصر وتوجوا الجنرال محمد نجيب، ابن 51، "الراشد المسؤول"، في العصبة، رئيسا لهم.

        ناصر غير مصر، وأقام فيها دكتاتورية عسكرية مع عبادة شخصية. ولكن بعد فساد الأسرة المالكة كان حكمه مثابة نسمة منعشة للكثير من الشباب الذين تماثلوا مع أفكاره الاجتماعية (الاصلاح الزراعي)، مع المشاريع الدراماتيكية التي قادها (وعلى رأسها سد أسوان)، مع أحلامه عن الوحدة العربية ومع رؤيا التأثير في افريقيا. اخفاقاته العسكرية المدوية سواء في حملة السويس أم في الايام الستة لم تنجح في أن تنزع عنه الهالة القيادية واعجاب الجماهير به.

        ثمن الهالة كان عدد هائل من الضحايا. ناصر لم ينقذ مصر من الفقر ومن الفوارق الاجتماعية العميقة، لم ينجح في خلق ثورة تعليمية، لم يجلب الى بلاده حلا سياسيا، ولكن موته المفاجيء ترك فراغا كبيرا وحنينا من الصعب تفسيره.

        بالنسبة لنا، أبناء جيل الدولة، كان ناصر العدو الأكبر. وقد تنافس فقط مع هتلر في شتائمنا. موته في 1970 كان مفرحا جدا لدرجة أن المقال الافتتاحي في صحيفة "دافار" دعا الى عدم الفرح لسقوط عدونا. ومع الايام، عندما زرت منازل اصدقاء عرب، من محبي السلام، ورأيت عندهم صورة ناصر، كان دوما شيئا في ظهري يقشعر. فهمت بأنه بالنسبة لهم كان هذا الرجل يرمز الى شيء مغاير تماما.

        ولكن ما الذي يرمز له هو وثورة ضباطه الأحرار بالنسبة لمتظاهري ميدان التحرير؟ فهل يتضامنون مع الرجل الذي منع الاحزاب، منع كل بارقة حرية صحافة، قاد شعبه الى حروب زائدة، وأنفق ميزانيات طائلة على الامن بدلا من الاستثمار في شعبه؟ هل ناصر هو بطلهم؟.

        الجواب سنراه غدا. يحتمل أن تكون هناك اصوات لاستبدال يوم ثورة الضباط بيوم ثورة الجماهير. يحتمل ان تكون حرية الصحافة وحرية تشكيل الاحزاب فرضية مضادة لدولة الشرطة التي أقامها ناصر.

        ولكن من المعقول أكثر الافتراض بأن ناصر، مثل نابليون، سيخرج، تاريخيا، من حقيقته البشعة ويُعرض من قبل الثوريين كمقاتل حرية مثلهم. ناصر، كاريزماتي في موته وفي حياته، كفيل بأن يُستخدم من المتظاهرين، الذين يحتاجون على نحو يائس لرمز ولزعيم. وهم سيصممونه على صورتهم وسيستخدمونه كي يصمموا مصر موديل 2011.