خبر دعوه يموت بهدوء- يديعوت

الساعة 10:21 ص|19 يوليو 2011

 

دعوه يموت بهدوء- يديعوت

بقلم: سمدار بيري

في النهاية، بعد خمسة أشهر من تنحية الرئيس مبارك عن الحكم في خزي، نهض له ناصح شجاع. فجهاد الخازن وهو أحد كُتّاب الاعمدة الصحفية البارزين ومن الاكثر تأثيرا واجلالا في العالم العربي، يدافع عن مبارك في مقالة أسرة التحرير في الصحيفة المهمة "الحياة". يوبخ الخازن طالبي الحكم بالموت على مبارك قائلا هذا غير ملائم لكم. فعندي أيضا انتقاد على سلوكه وأنا أيضا لم أصرف عنه الكلمات اللاذعة. لكن خذوا اسهامه وانجازاته من أجل مصر في سنوات حكمه الثلاثين، واجعلوا هذه الانجازات بازاء التهم الهاذية التي ترمونه بها. مبارك في نهاية المطاف كان الافضل بين أربعة حكام مصر. وهو يوصي قائلا: "حاولوا ان توازنوا بينه وبين الملك فاروق المترف الفاسد، وجمال عبد الناصر المغامر بالقبضة الحديدية، والسادات الذي لم يكن متصلا بالواقع داخل مصر ليتبين لكم ان مبارك كان البالغ ذا المسؤولية، الذي أبعد مصر عن مغامرات أمنية واقتصادية. ويقول في كلام كالجلد: كفوا عن شرب دمه، مبارك لا يستحق هذا وهذا لا يلائم العفو عند أبناء الشعب المصري. إن الاجل المسمى لبدء المحاكمة، بعد اسبوعين في 3 آب يصيب مصر بالجنون. فقد أعلموا في ميدان التحرير مكانا لخشبة المشنقة وهم غير مستعدين للمصالحة على اقل من اعدام الرئيس المطرود، وكل عقوبة أخف يتوقع أن تحدث أمواج غضب وشغب.

وسائل الاعلام والمتحدثون في القاهرة أيضا يخرجون عن طورهم للادلاء بتقارير عن الصحة المتدهورة للمريض المعالج في الغرفة 309 في الطبقة الثالثة من المشفى في الشرم. أحق هذا؟ لا يعلم أحد سوى زوجته سوزان التي تلازم سرير احتضار مبارك، وفريق ضئيل من الاطباء والممرضات، صورة الوضع الحقيقية. ان جميع محاولات الدكتور ماركوس بوشلر الالماني الذي أجرى جراحة على مبارك قبل سنة ونصف في هايدلبرغ، أن يأتي ويفحص هل ثمة حاجة عاجلة الى نقله للعلاج في ألمانيا أو لتحديث العلاج قد ردت. فالدكتور بوشلر لا يحصل على رخصة دخول المشفى بسبب تقدير انه اذا اقترب من المريض فان المعلومات التي سيسربها ستحدث من الفور أحداث شغب سواء أكان وضع مبارك مستقرا (ويصعب أن نصدق هذا) أم كان الحديث عن أيام معدودة بقيت في عمره.

دعوه يموت بهدوء. اراهن عن معرفة شخصية طويلة بمبارك أنه يتمنى أيضا في وضع طويل من ضعف الاحساس، محبوسا في غرفته منذ خمسة اشهر في ظروف اعتقال، أن يحل موته في أسرع وقت. ان "الرئيس" وهو رجل كرامة، يدفع الان ثمن الاصرار على التمسك بالحكم والاستيلاء على لذات الحكم أكثر مما يجيز القانون المصري بثماني عشرة سنة. لو أنه ترك منصبه عن ارادته، ولولا انه كان على ثقة من أنه وحده الذي يعلم ها هو الخير والمناسب، لما انتهت دراما حياته هذه النهاية البائسة.

لا جدل في أن مبارك كان مستبدا، ولا شك في ان المواطن البسيط تحت ولايته لم يكن عنده سبب ليحلم بحياة افضل. في السنين الاخيرة، وبسبب صحة مبارك الضعيف وسنه الكبيرة كان كل من التقاه يستطيع ان يرى مبلغ كونه مقطوعا عن الواقع: سيتبين لهم بعد ذلك أن القرارات التي افضت الى الصيد الذي تم في الميادين قد اتخذت من غير أن يكون في الصورة البتة. يبين محضر كشف عنه هذا الاسبوع لتحقيق معه في سرير مرضه كيف صدر بلا معرفة منه الامر المزعزع باطلاق ثلاثة وعشرين الف سجين من السجون في مصر وارسالهم لحصد المتظاهرين في الميادين. تبين ان مبارك قد عمل في سنة حكمه الاخيرة ساعتين فقط في اليوم وكان يغشى عليه في أحيان كثيرة. اما اخفاء هذه المعلومة واولئك الذين استغلوا الفراغ في الحكم يمكثون في السجن.

أصبحوا قد أعدوا قاعة محكمة في شرم الشيخ واعلنوا انه اذا صعب على مبارك الخروج من غرفة العلاج فان القضاة سيقفون قرب سريره في المشفى. لكن يصعب ان نصدق ان تبدأ المحاكمة بعد اسبوعين. يستحق مبارك ان يغرق في غيبوبة طويلة وان تنتهي الدراما كما يتمنى له جهاد الخازن، براحة جميع صيادي رأسه الذين استطاعوا نسيان العفو ايضا.