خبر ما لا حاجة اليه مضر..يديعوت

الساعة 08:41 ص|18 يوليو 2011

بقلم: دوف فايسغلاس

تطلب حكومة اسرائيل الى السلطة الفلسطينية اعترافا بدولة اسرائيل باعتبارها "دولة الشعب اليهودي" إما شرطا مسبقا لتجديد المحادثات (برغم ان اسرائيل تزعم عدم وجود شروط مسبقة ما) وإما شرطا لاحراز أي اتفاق. مهما يكن الامر، يبدو ان الرفض الفلسطيني أصبح أساس منع تجديد المحادثات.

ان التطورات السياسية التي كان بدؤها في اواخر القرن التاسع عشر وانتهت الى انشاء دولة اسرائيل المستقلة، رأت استيطان اليهود ارض اسرائيل عملا يرمي الى انشاء وطن قومي يهودي؛ هذا ما قضى به تصريح بلفور والقرار على منح بريطانيا الانتداب وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة في 1947؛ وهكذا عرّفت دولة اسرائيل نفسها باعلان الاستقلال وحددت ذلك بقانونها الداخلي. اعتمد طابع دولة اسرائيل القومي – اليهودي منذ انشئت على قانون وقواعد الادارة العامة ويفصح عن نفسه افصاحا واضحا في الحياة الاسرائيلية.

يعترف اكثر دول العالم (غير المسلم) بدولة اسرائيل كما عرّفت نفسها أي بأنها دولة "الشعب اليهودي". ان التأييد العالمي العام تقريبا لحق اليهود في "دولة يهودية" في ارض اسرائيل، والاعتراف السياسي الواسع بدولة اسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي حدثا بعد سنين معدودة من الحرب العالمية الثانية، تحت التأثير الشديد لمحرقة يهود اوروبا. ترى اكثر دول العالم النظام الخاص لـ "الدولة اليهودية" شأنا اسرائيليا داخليا. لكن اسرائيل تطلب الى الفلسطينيين وحدهم، واليهم على التخصيص اعترافا متميزا خاصا بالتعريف الذي عرفت به نفسها باعتبارها دولة الشعب اليهودي. ان اسرائيل تكتفي من كل دول العالم باعتراف عام ولا تطلب تصديقا لصبغتها باعتبارها دولة يهودية؛ ومن الفلسطينيين وحدهم يطلب الاعتراف الخاص بـ "صبغة اسرائيل اليهودية".

كان لهذا الطلب اساس سياسي منطقي حتى 2004؛ وحتى ذلك الحين امتنعت الولايات المتحدة، ومعها سائر العالم، عن الأخذ بموقف علني واضح، يرفض طلب عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل، واكتفت بصيغة "توميء" الى رفض حق العودة. وحينما قررت فقط حكومة اسرائيل برئاسة اريئيل شارون اجازة "خريطة الطريق" وانشاء دولة فلسطينية بحسب شروطها، نشأ واقع سياسي جديد، مكّن من رفض معلن مباشر بحق العودة: مع تمام شروط خريطة الطريق ستوجد في ارض اسرائيل دولتان قوميتان، اسرائيلية وفلسطينية، ويفترض ان تعتني كل دولة بلاجئيها؛ واللاجئون الفلسطينيون – اذا شاؤوا – سيعودون الى الدولة الفلسطينية التي ستنشأ لكن لا لدولة اسرائيل. هكذا كتب الرئيس بوش في 14/4/2004 الى رئيس الحكومة شارون، وعرض لاول مرة موقفا امريكيا واضحا مباشرا وهو ان عودة اللاجئين الفلسطينيين ستكون الى الدولة الفلسطينية التي ستنشأ لا الى اسرائيل.

منذ ذلك الحين لم تعد حاجة الى صيغة بشأن "الحفاظ على الصبغة اليهودية" باعتبارها "وسيلة منع" لحق العودة؛ فانشاء دولة فلسطينية سيبطل في رأي أكثر دول العالم طلب العودة الى اسرائيل؛ وسيوافق الفلسطينيون على هذا وإلا فلن تنشأ تسوية أصلا. فلا توجد اليوم لذلك أية صلة بين الرفض الحق لحق العودة وبين طلب الاعتراف بـ "الصبغة اليهودية" لاسرائيل.

هذا الطلب عديم المنطق أو الفائدة، بل انه قد يضر مثل كل شيء لا حاجة اليه. ان البحث في ماهية الاعتراف المطلوب قد يفضي الى فحص من جديد عن التعريف الأساسي الاسرائيلي للدولة اليهودية. سيكون جميع "اللاعبين" في مسيرة السلام الاسرائيلية الفلسطينية سعداء اذا تناولوا موضوع تعريف الدولة اليهودية؛ وبعد عشرات السنين التي مرت، ستعود دول العالم الى الانشغال باسئلة مثل ما هي "دولة الشعب اليهودي"؟ وما هو "الشعب اليهودي"، وأين يوجد؟ وما هو "الشعب الفلسطيني"؟ وأين يوجد أو يجب أن يوجد؟.

من نشرات جزئية تسربت من مباحثات الرباعية التي جرت الاسبوع الماضي في واشنطن سمعنا عن مقترحات مختلفة لتعريف "الصبغة اليهودية" لاسرائيل، ربما يريدها الفلسطينيون. فلماذا نبعث الشك في واقع واضح موجود منذ 63 سنة؟ ان اسرائيل بما يجني فمها تضعضع الشيء المفهوم من تلقاء نفسه.