خبر محلل سياسي: إسرائيل لم تستخلص العبر من حرب لبنان الثانية

الساعة 06:46 ص|15 يوليو 2011

محلل سياسي: إسرائيل لم تستخلص العبر من حرب لبنان الثانية

فلسطين اليوم- القدس المحتلة

 كتب المحلل السياسي الإسرائيلي آري شافيت مقالاً في صحيفة "هآرتس" اليوم الخميس مقالاً ينتقد فيه بشدة فشل القيادة الإسرائيلية في استخلاص العبر من حرب لبنان الثانية في صيف 2006 . وهنا نص المقال:

"الفشل الأكبر في حرب لبنان الثانية هو نفس الفشل بعد تلك الحرب. فقد شنت اسرائيل الحرب بطريقة سيئة، وكانت نتائجها قاسية. ولكن السنوات الخمس التي انقضت على أسوأ 33 يوما من الحرب هي أسوأ من الحرب ذاتها. وحتى بعد انطلاق صافرات الإنذار وإضاءة أضواء التحذير، فإن اسرائيل لم تتغير. لقد تجنبت استيعاب المعنى الأعمق للحرب. كما لم تكن لديها الشجاعة لمواجهة الفشل الأخلاقي الذي كشفت عنه الحرب.

ولم تستخلص اسرائيل العبر، أو الدروس لتغيير سلوكها. كما فشلت الحرب في إيقاظ اسرائيل من حالة فقدان الوعي.

لقد كشفت حرب لبنان الثانية عن فشل القيادة. وارتكب قادة الحرب أخطاء لا يمكن فهمها. لكن تلك الأخطاء لم تكن شخصية فقط. ولم تنبع فقط من ضعف ايهود اولمرت أو عمير بيرتس أو دان حالوتس الشخصي. بل هي نبعت من مشكلة القيادة الاسرائيلية – من حيث نوعيتها وقيمها وسلوكها وتخطيطها ومؤسسات القيادة التي تخدمها.

مشكلة القيادة لم تتم معالجتها منذ الحرب. ولم يعد اولمرت وبيريتس وحالوتس في المشهد، لكن المرض موجود. وهناك خلاف شخصي مرير حول المسؤولية الشخصية للقادة عن هذه الحرب الفاشلة، وهو ما حال دون معالجة جذرية لمشكلة القيادة بشكل كامل. كانت هناك تغييرات هنا وهناك- بعضها للأحسن والبعض الآخر للأسوأ. لكن النظام السياسي والإعلام، يتحملان المسؤولية عن وضع الأولويات الشخصية فوق شؤون الدولة.

كشفت حرب لبنان الثانية عن فشل عسكري خطير. فقد عمل الجيش الاسرائيلي بشكل متردد يفتقر للتركيز ويحفل بالفساد السياسي الداخلي. وبعد الحرب مباشرة تم إجراء تغييرين مهمين :عين الجنرال غابي أشكنازي رئيسا للأركان، وتم تخفيض رتبة الجنرال غال هيرش. وكانت الرسالة واضحة وعالية. الجيش الاسرائيلي بعد الحرب سيكون قتاليا جدا، وبقيم الجندية، ولكن من غير أصالة أو أمانة أو إبداع. وهكذا كان الأمر.

تماما كما حدث بعد حرب 1973 حين قام الجنرال موتا غور ببناء جيش عظيم كانت روحه المعنوية سيئة، بنى أشكنازي جيشا قتاليا روحه المعنوية منخفضة. حالات الطوارئ مكتملة، والجنود يتدربون، لكن لا يوجد وميض للإبداع أو القيم الثابتة. وهذا هو السبب في أن موضوع الجيش ما يزال مفتوحا. ولم تتناسب التحسينات التي أدخلت على الجيش مع التحديات التي تواجه اسرائيل.

حرب لبنان الثانية كشفت عن فشل سياسي. وأقسى المشاعر التي تخلفت عن الحرب هي أنه لا توجد دولة. ولا يوجد مسؤول يدير مدن الأشباح في الشمال. وليس هناك من يهتم باللاجئين القادمين من الشمال. ولا يوجد تضامن يربط الشمال والجنوب والوسط. وبعد أن أصبحت اسرائيل دولة اسرائيل الاقتصادية أصبحت خالية من قطاع عام جاد، ونظام دولة مسؤول ومن دون إحساس بالمصير المشترك.

واتضح فجأة ان القيم السياسية الاستهلاكية التي طورناها لا تتفق مع الواقع التاريخي الذي نعيش فيه. وعندما يأتي اليوم، فإن سوقنا الاسطوري لن يحمينا ولا يحافظ علينا كمجتمع وكدولة. مع أنه يبقينا أقوياء في بعض المجالات، وضعفاء منكشفين في مجالات أخرى.

خلال السنوات الخمس التي انقضت على الحرب، لم يتم حل هذا التناقض الدراماتيكي، لكنه تضاعف. الاقتصاد يزدهر لكن المجتمع يضعف. الناتج القومي العام في ارتفاع صاروخي لكن الحكومة لا تستطيع أن تعمل. وقد نسينا دوامة 2006، وواصلنا حياتنا وكأننا نعيش في جنوب كاليفورنيا.

وهكذا، عندما يأتي اليوم من جديد، سنندهش مرة أخرى. وعندما يأتي للمرة الثانية سنتساءل مجددا: ما الذي حدث لنا. لماذا واصلنا حياتنا الاحتفالية خلال السنوات الخمس الماضية وكأننا على ظهر السفينة "تايتانيك" من دون أن نفكر في التحكم فيها، وتوجيهها بعيدا عن مسارها المحكوم عليه بالفشل".