خبر سيرك سياسي .. أمجد عرار

الساعة 05:54 م|14 يوليو 2011

قرار الذهاب إلى الأمم المتحدة للعودة بدولة وضعته القيادة الفلسطينية في عهدة اجتماع كان منتظراً منذ مدة للجنة الرباعية الدولية في واشنطن . لكن الاجتماع المرتقب انتهى من دون التوصل لموقف مشترك، وانفض المجتمعون ليقولوا لنا إنهم سيواصلون المشاورات الثنائية لإمكان تقريب وجهات النظر إزاء إطلاق ما تسمى عملية السلام من جديد . هكذا إذاً . . تحال قضية عمرها عقود إلى اجتماع بصيغة “عشاء عمل”، ويخرج بنتيجة متناقضة: يتحقق العشاء ويفشل العمل . كان من الطبيعي أن يفشل، وحتى لو تكرر الاجتماع عشرات المرات أو أوكلوه لمخرج مسلسل تركي فإنه سينتهي إلى ما قبل البداية . ألم تعد القضية الفلسطينية، في كثير من جوانبها، بعيدة مئات الأميال عما كانت عليه قبل ثلاثين سنة؟

القيادة الفلسطينية مطالبة الآن، أو بالأحرى بعد المصالحة إن تمت، بأن تراجع ولو هذه الحيثية في مسار القضية الفلسطينية . هي تقول إن المسار الدبلوماسي خيار استراتيجي، وجعلته وحيداً . حسناً، ليصار إلى مراجعة لقراءة نتائج هذا الخيار . عام 1974 ذهب الزعيم الراحل ياسر عرفات إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك حاملاً بندقيته وغصن الزيتون، وحذر ممثلي العالم من إسقاط الغصن، لأن النتيجة ستكون البندقية حصراً . حينها كان التكتيك الفلسطيني خجولاً فيما الاستراتيجي سيد تلك المرحلة .

عام ،1988 وكانت الانتفاضة في عامها الثاني، وكان البرنامج الفلسطيني قد حسم الهدف بوضوح في دولة على خطوط ،1967 وحينها دعي أبو عمار ليلقي كلمة في الأمم المتحدة، لكن الولايات المتحدة رفضت منحه التأشيرة لدخول نيويورك رغم أن ذلك ليس من حقها . جرى التوافق على نقل الاجتماع إلى جنيف، وفي هذه المرة ذهب رجل القضية إلى هناك بغصن الزيتون بلا بندقية . وإذ تكرّس الشعار الساداتي القائل إن “99% من أوراق الحل بيد أمريكا”، ظلت واشنطن تدفع أبو عمار إلى الوراء وتحشره في زاوية الشروط، ولم تقبل منه نبذ “الإرهاب” بل “التخلي” عنه فالفرق كبير . سمعوا منه ما لم يسمعوه من قبل، والرجل ينحت الصخر مجتهداً أن يضع موطئ قدم لوطن يتسع ولو لبعض أحلام شعبه . لكن أولئك الذين اطمأنوا بأنهم أصحاب الحل، كلفوا أنفسهم لمهمّة واحدة: دفن أحلام الشعب الفلسطيني، وفعل ما يمكن فعله، وما لا يمكن فعله لمصلحة “إسرائيل” ومشروعها العنصري الاستعماري .

من يتابع المسار الدبلوماسي على جبهة الصراع العربي  الصهيوني، لا يجد نفسه في طريق متعرّج كما يعتقد البعض . الطريق المتعرج يطيل المسافة والزمن لكنّه يوصل للهدف . نحن أمام طريق مسدود كلما اصطدمنا في الحائط في آخره تعرّضنا للرضوض والنزف والتآكل .

آن الأوان أن نسأل أنفسنا عن هذه اللجنة الرباعية التي تتساوى فيها الأمم المتحدة مع ثلاثة من أعضائها، وهل يصح أن تكون مؤسسة وأعضاء من داخلها أعضاء في لجنة؟ هذه آلية محكوم عليها بالفشل مسبقاً، ولا بد من قرار فلسطيني مسؤول وجريء يضع الأمور في نصابها، وصياغة استراتيجية عمل جديدة تبدأ بالتنفيذ الفوري لاتفاق المصالحة، وليتحل الجميع بالمسؤولية حتى لو تطلب الأمر إحالة كل الطاقم السياسي الفلسطيني الحالي إلى التقاعد، أما اذا استمر هذا الحال، فإننا نكون أمام سيرك سياسي.