خبر مصر تغلي.. وحكومة شرف تترنح..

الساعة 06:03 ص|14 يوليو 2011

مصر تغلي.. وحكومة شرف تترنح..

فلسطين اليوم-وكالات

مع تصاعد المطالبات الشعبية باقالة الحكومة، سعى المجلس العسكري الحاكم في مصر الى احتواء حالة غليان هي الاشد منذ الايام التي سبقت اطاحة الرئيس السابق حسني مبارك في شهر شباط/فبراير الماضي، الى اتخاذ اجراءات عاجلة لتلبية بعض طلبات المعتصمين في ميدان التحرير من دون ان يفقد هيبته.

وفي دليل جديد على حالة من الارتباك، وربما التخبط السياسي، اعلن مصدر عسكري امس تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في شهر ايلول/سبتمبر المقبل الى شهر تشرين الثاني/نوفمبر، بعد يوم واحد من اعلان البيان العسكري الذي كان اكد اجراءها في موعدها.

ويعد صدور قرار التأجيل غداة تعهد المجلس العسكري اصدار وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد، تراجعا امام تصاعد الضغوط الناتجة عن جمعة الاصرار في الثامن من تموز/ يوليو وما تلاها من اعتصامات متواصلة في العديد من المدن المصرية، ما ادى الى خسائر كبيرة في البورصة، وارتباك العمل في المؤسسات الحكومية، في تكريس لحالة من تآكل هيبة الدولة بعد انهيار هيبة الاجهزة الامنية.

واصدر وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي قرارا باقالة مئات كبار الضباط المحسوبين على الوزير الاسبق حبيب العادلي في اكبر حركة تنقلات في تاريخ وزارة الداخلية.

وأعلن فى مؤتمر صحافى إنهاء خدمة 505 ضباط برتبة لواء، و82 ضابطا برتبة عميد، و82 ضابطا برتبة عقيد، من بينهم الضباط المحالون للمحاكمات الجنائية، بالإضافة إلى ترقية الضباط من رتبة ملازم حتى المقدم وفقا للمدة المقررة لكل رتبة.

واعلن النائب العام عن تسلمه ملف الاعتداء على المتظاهرين المعروف اعلاميا بـ'موقعة الجمل'، بعد ان اعلن المجلس الاعلى للقضاء السماح بحضور بعض اهالي الشهداء للمحاكمات، مع تعليق شاشات كبيرة خارج المحاكم ليتمكن الاخرون من متابعتها. كما اعلنت الحكومة قرارا بصرف معاش خاص لاهالي الشهداء قدره الف وخمسمئة جنيه (مائتان وخمسون دولارا) شهريا.

ومن غير المتوقع ان تقنع الاجراءات الجديدة المعتصمين في الميدان بفض اعتصامهم، اذ ان مطالبهم الرئيسية المتعلقة بمحاكمة علنية وسريعة لمبارك ونجليه، ونقله الى مستشفى السجن، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتطهير الحكومة واجهزة الدولة من فلول نظام مبارك، وتشكيل حكومة انقاذ وطني، ومجلس رئاسي انتقالي لادارة البلاد بدلا من المجلس العسكري، تبدو غير ممكنة في الظروف الحالية.

وكانت تهديدات بيان المجلس العسكري الضمنية امس الاول باستخدام القوة ضد بعض المتظاهرين، كفيلة بالحاق ضرر جديد واسع بصورته، رغم ان اللواء محسن الفنجري الذي القاه كان يعد احد اكثر وجوه المجلس شعبية منذ ادائه التحية العسكرية للشهداء، حتى ان البعض رشحه لتولي وزارة الداخلية. وفي المقابل اثارت شائعات بعزم المعتصمين تعطيل العمل بمترو الانفاق قلقا واسعا بين ملايين المواطنين الذين يعتمدون عليه في تنقلاتهم.

ويتحدث بعض المعتصمين في الميدان عن 'مؤامرة' تهدف الى الاستفزاز واعمال عنف لتبرير تدخل حازم من المجلس العسكري باعلان الاحكام العرفية للحفاظ على الامن القومي في البلاد.

وبدت حكومة شرف مترنحة في وجه انتقادات متزايدة لافتقادها الصلاحيات اللازمة لاجراء الاصلاحات، وانها مجرد 'سكرتارية للمجلس العسكري، مع استنكار موقف شرف الرافض لتقديم استقالته، رغم انه كان تعهد بالعودة للميدان اذا فشل تحقيق اهداف الثورة.

ورغم اعلانه عن تعديل وزاري خلال ايام، يبدو شرف عاجزا عن اتخاذ القرارات التي يطالب بها الثوار، بل ان بيانه الاول كانت نتيجته عكسية، ما دعا البعض الى مقارنته بالخطابات الاخيرة التي القاها حسني مبارك لاستدرار التعاطف الشعبي، لكنها زادت الغضب عليه وعجلت برحيله.

وفي محاولة لانقاذ شعبيته استقبل شرف خلال اليومين الماضيين، عددا من 'نجوم البرامج الحوارية' للبحث في توزيرهم في محاولة واضحة لانقاذ شعبيته (...).

وخسرت البورصة المصرية نحو ثلاثة ونصف بالمئة من قيمة اسهمها منذ جمعة الثورة الثانية، بينما ادت التهديدات باغلاق قناة السويس لخسائر غير منظورة بعد ان قررت شركات ملاحة دولية تغيير خططها لتفادي التعامل مع ميناء بورسعيد.

ويبدو المستقبل القريب للبلاد مفتوحا على سيناريوهات عديدة، اكثرها غامض، وبعضها خطير. ومع التوقعات بمزيد من عدم الاستقرار، تلوح في الافق نذر صراع على السلطة بين المجلس العسكري الحاكم وميدان التحرير، المدعوم من ائتلافات الثورة وبعض القوى السياسية، والاهم باستياء شعبي عارم من فشل حكومة شرف في تحسين معيشة ملايين المواطنين غير المسيسين الذين كانوا الوقود الحقيقي لثورة 25 يناير.

ورغم انتشار اعمال السرقة ضد المعتصمين وزوارهم ، يبقى ميدان التحرير 'مزارا شعبيا وسياحيا من الدرجة الاولى'، بل ان زيارته والتجول بين خيام المعتصمين، اصبحت جزءا من مراسم احتفالات زفاف وسهرات قليلة التكلفة للعائلات غير القادرة على ارتياد المطاعم والمتنزهات.