خبر هل يوجد للامريكيين سياسة جدية- اسرائيل اليوم

الساعة 08:01 ص|12 يوليو 2011

هل يوجد للامريكيين سياسة جدية- اسرائيل اليوم

بقلم: زلمان شوفال

(المضمون: هل ستتنبه امريكا الى تغيير سياستها في الشرق الاوسط فتجعل مصالحها الاساسية والحيوية فوق الاوهام والاخطاء التي ميزت اجراءاتها حتى الان -  المصدر).

يجري في الولايات المتحدة جدل في سؤال هل يوجد للرئيس اوباما مبدأ واضح في قضايا السياسة الخارجية: فاذا وجد فما هو؟ يزعم داغ بيت الذي شغل منصبا رفيعا في وزارة الدفاع الامريكية في ولاية الرئيس جورج دبليو بوش في مقالة في صحيفة "كومانتري" أن تصور اوباما العام يقوم على اتجاه اليسار الامريكي ومؤداه أن امريكا خلال أكثر تاريخها، ولا سيما منذ الحرب العالمية الثانية، خطئت خطايا مع العالم الثالث ومع العالم الاسلامي والعربي قبل الجميع.

كان المثال الابرز على هذا الاتجاه "خطبة القاهرة" التي شمل فيها اوباما نوعتا "خلاقة" لبيان القيم التاريخية المشتركة بين الروح العام الامريكي والتاريخ العربي. فكاد ذلك يكون طلب غفران وعفو عما اقترفته امريكا خلال التاريخ. بحسب ما ترى بربارة سلفن، وهي محللة تؤيد انفتاح اوباما في العالم العربي والاسلامي، يجب على واشنطن ان تفرق بين "اعداء لُدّ" كالقاعدة وعناصر "لها مقام حقيقي عند الجمهور ومستقبل في العالم الاسلامي"، كحماس وحزب الله. وترى أنه ينبغي فتح صفحة جديدة في شأنهم "للبرهان على أن عداء أمريكا لهذه المنظمات الارهابية يمكن تغييره". والاستنتاج أن امريكا يمكنها ان تنشيء علاقات جديدة في العالم العربي والاسلامي. "وستقوم العلاقات على مصالح مشتركة، وعلى احترام متبادل وعلى الاعتراف بان لامريكا والاسلام مبادىء متشابهة من العدل والتقدم والتسامح وكرامة الانسان".

بخلاف بيت، الذي يرى اجراءات الرئيس وتصريحاته مبدأ مصوغا يزعم آخرون أن ليس له "لا مبدأ ولا سياسة بل متوالية متصلة من البلبلة والاخطاء ولا سيما في الشرق الاوسط". وفي رأيهم أن الاحداث المختلفة، لا في الشأن الاسرائيلي – الفلسطيني وحده بل حول "الربيع العربي" خاصة، تبرهن على أن ليس لواشنطن سياسة واضحة متصلة، فهي لا تبادر بل تجرها الاحداث في حين لا تملك ردا حقيقيا على أوضاع أخذت تتطور في غير مصلحتها.

يلخص الاستاذ الجامعي ري تاكي، وهو زميل في مجلس السياسة الخارجية هذا الأمر على النحو الاتي: ليس لامريكا أي قدرة حقيقية على التأثير في سورية وايران. وتبرز المحاولات الفاشلة من الادارة لمحادثة نظام الاسد، والردود المتلعثمة على ما يحدث في سوريا في هذه الايام، بقدر كبير عدم جدوى سياسة اوباما في الشرق الاوسط. في ضوء هذا لن تضيع ايران أي فرصة  لملء الفراغ الذي أحدثه سقوط حليفات أمريكا في المنطقة والاضطراب الاقليمي بعامة. من هنا ننتقل الى العربية السعودية التي أقامت أمنها (وأمن حكامها) مدة ستين سنة على علاقاتها الوثيقة في الولايات المتحدة، لكنها بدأت في إثر المواقف التي أخذت بها الادارة، تشك في جدوى هذه العلاقات واستقرارها. وتبحث السعودية بسبب ذلك عن حليفات أُخر وسبل اخرى لضمان أمنها ومن ضمن ذلك إمكان خيار ذري خاص بها. كذلك فان الآمال التي تعلقها ادارة اوباما في احتمالات التحول الديمقراطي في مصر والعراق ضعيفة. لا بسبب ازدياد الاخوان المسلمين قوة في مصر وتغلغل ايران الدائم الذي يزداد الى مراكز التأثير في العراق فقط، بل بسبب حقيقة أن الريح التي تهب على الجماهير في هاتين الدولتين معادية لامريكا في أساسها. ويلخص تاكي أن ايران ومنظمة القاعدة في هذه المرحلة على الاقل هما الرابحتان الرئيستان من "الربيع العربي".

إن ابعاد امريكا على مراكز التأثير الرئيسة التي كانت لها في الشرق الاوسط، كما يعتقد محلل آخر، ومايكل سكوت دورن، نائب مساعد الامين العام للدفاع وأحد المسؤولين عن شؤون الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي للرئيس بوش، يثبت الوضع الجديد. يجب أن تكون مصالح أمريكا الرئيسة ضمان تدفق النفط باسعار معقولة؛ وضمان أمن حليفاتها: اسرائيل والسعودية ومصر (على شرط الا تقع هذه في أيدي الاسلاميين)؛ ومنع انتشار سلاح ذري ومنع الارهاب. كان يجب ان يكون احباط جهود "كتلة المقاومة" برئاسة ايران لتحل محل أمريكا باعتبارها الجهة المهيمنة على المنطقة، في مقدمة أهداف سياسة واشنطن. يمكن ان نلحظ ههنا انتقادا بالايماء من قبل دورن على توجه ادارة اوباما الى القضية الاسرائيلية الفلسطينية. "جعل اوباما القضية المذكورة آنفا المحور المركزي لسياسته في الشرق الاوسط"، يكتب دورن. ونتاج هذا أصبحت هذه القضية "أداة الفحص" عن نيات أمريكا نحو العالم العربي والاسلامي عامة. لهذا، حتى لو لم تفضِ مسيرة السلام الى نتائج فان اوباما يعتقد ان عليه المتابعة لاظهار ارادة امريكا الخيرة نحو المذكور آنفا". اذا كان هذا التفسير صحيحا فان اوباما قد تبنى بالفعل وان لم يكن ذلك على نحو رسمي توجه بججنسكي وسكوت روفت الذي يقول ان السبيل الى حل مشكلات امريكا في الشرق الاوسط تمر في القدس. فاذا كان الامر هكذا فعلى امريكا أن تأخذ بوسائل عملية تشمل ضغوطا على اسرائيل في البرهان على نياتها نحو العالم العربي.

ثمة بالطبع آخرون يقولون انه لا يوجد مبدأ البتة. وحسن ان الامر كذلك لان أمريكا لا تملك القدرة أصلا ولا يملك اوباما أيضا الرغبة في أن يكونا فعالين جدا وفي رأيهم ان توجه الادارة هو أن ترى كيف تتطور الامور وان تقفز بعد ذلك الى العجلة الغالبة. فعلى سبيل المثال اذا سقط مبارك فالولايات المتحدة مع المتظاهرين في ميدان التحرير؛ واذا ذبح الاسد لكن لم يسقط فان الموقف سيحدد بحسب التطورات؛ واذا ارسلت السعودية جيشا الى البحرين وقمعت المتمردين هناك فانهم ينظرون الى مكان آخر. وامريكا فعالة في الشأن الفلسطيني فقط لان هذا هو الذي ما زال يمنحنا مكانة على شرط الا تكون موالية لاسرائيل جدا.

كل هذا يثير أسئلة اخرى مثل: هل ستؤثر الشؤون الداخلية في أمريكا في اجراءات الادارة في الشؤون الخارجية؟ وهل ستفضي توجهات أعداء أمريكا آخر الامر الى تنبه سياسة واشنطن في الشرق الاوسط التي ستجعل مصالحها الاساسية والحيوية فوق أو بإزاء الاوهام والاخطاء التي ميزت اجراءاتها سواء أكانت ثمرة مبدأ مبلور أم مجرد عدم فهم للواقع؟