خبر اجراء تكتيكي لاحباط المبادرة الفلسطينية -اسرائيل اليوم

الساعة 09:10 ص|11 يوليو 2011

اجراء تكتيكي لاحباط المبادرة الفلسطينية -اسرائيل اليوم

بقلم: البروفيسور يعقوب بار سيمان طوف

استاذ في العلاقات الدولية في الجامعة العبرية ومعهد القدس لبحوث اسرائيل

        (المضمون: يقترح الكاتب على الادارة الاسرائيلية قبول مخطط اوباما لاخراج اسرائيل من ورطتها وعزلتها ولاحراج الفلسطينيين - المصدر).

        سيطلب الفلسطينيون في ايلول الى الامم المتحدة، حتى بعد أن تلقوا ردودا باردة من اوروبا، الاعتراف بانشاء دولة فلسطينية مستقلة. الباعث على المبادرة معروف في ظاهر الأمر وهو تقدير أنه لا يمكن التوصل الى اتفاق سلام مع حكومة نتنياهو. صيغ هذا التقدير على خلفية تأليف حكومة نتنياهو، وطلب نتنياهو الاعتراف بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي، وسياسة الاستيطان وفيها الاستيطان في شرقي القدس، واعلان نتنياهو أن القدس الموحدة لن تُقسم أبدا وستظل عاصمة اسرائيل الى الأبد.

        يمكن أن نفسر المبادرة الفلسطينية ايضا باعتبارها تسويغا أو تلاعبا يعتمدان على معرفة بأنه لن تستطيع أية حكومة في اسرائيل الاستجابة لشروطهم من اجل اتفاق سلام وهي السيادة في جبل الهيكل وحق العودة الى اسرائيل. ويبدو ايضا انه يصعب عليهم انهاء الصراع. إن الصراع هو العامل الموحِّد، وهو جزء من الهوية الفلسطينية، وجزء مركزي من الرواية والتظاهر بمظهر الضحية. لهذا يفضل الفلسطينيون كسب الاستقلال بغير اتفاق سلام، وهكذا سيكون من الممكن تعليق شأن جبل الهيكل واللاجئين وأن يزعموا أنه لم يُحرز اتفاق ولهذا لا يمكن في هذه المرحلة تحقيق هذه الأهداف.

        يبدو أن الفلسطينيين سيستطيعون أن يحظوا بتأييد أكثر من 130 دولة لمبادرتهم. مع ذلك توجد عندهم ايضا أفكار ثانوية تتعلق بفاعلية المبادرة حينما تعارضها الولايات المتحدة ودول اوروبية مركزية، فالفلسطينيون يشعرون بأنهم تسلقوا شجرة عالية ولهذا يبحثون عن سبيل مشرفة للنزول عنها. إن الشعور العام في الجماعة الدولية ومن ضمنها الولايات المتحدة أن اسرائيل أكثر مسؤولية من الفلسطينيين عن الطريق المسدود لمسيرة السلام. تعارض الولايات المتحدة ودول اوروبية مركزية، فرنسا والمانيا وايطاليا، المبادرة الفلسطينية وتفضل انشاء دولة بمسيرة سلام. ومع ذلك تأمل مبادرة سياسية جديدة لتجديد المحادثات. والتوقع العام أن يعرض نتنياهو مبادرة كهذه في خطبة  في مجلس النواب الامريكي تبين أنه وهم.

        في ضوء هذا يبدو أنه تتطور مبادرة جديدة في المانيا خاصة وفحواها أن معايير اوباما كما عُرضت في خطبتيه في أيار من هذا العام يمكن أن تكون قاعدة لهذه المبادرة. المعايير عامة جدا لكنها تقوم على الفروض التالية وهي أن مسيرة السلام يجب أن تقوم على خطوط 1967 (وهذا تصور امريكي قديم)، وأن ينحصر بدء التفاوض في الحدود والأمن، وأن تؤجل قضية القدس واللاجئين الى المرحلة الثانية. وليس في هذه المبادرة ذكر لتجميد المستوطنات.

        يبدو أن الفلسطينيين يستطيعون قبول هذا المخطط باعتباره صيغة لتجديد التفاوض وقد يستعملونه سُلما يُنزلهم عن الشجرة. رفض نتنياهو مخطط اوباما بسبب ذكر حدود 1967. إن الخيار الذي يعرض لاسرائيل اليوم هو أن تقبل مخطط اوباما باعتباره يُمكّن من تجديد التفاوض أو أن تجابه المبادرة الفلسطينية في الامم المتحدة. يخيل الينا أن نتنياهو يفضل لاسباب مختلفة الوضع القائم الذي يبدو أنه يمكن احتواؤه. لكن مع عدم حراك سياسي وزيادة خيبة الأمل الفلسطينية، قد تجد اسرائيل نفسها لا بازاء المبادرة الفلسطينية فقط بل في مواجهة موجة احتجاج جماعية غير عنيفة من الفلسطينيين، موجة تُصعب على اسرائيل مواجهتها وتجعلها أكثر عزلة.

        ولما كان احتمال التوصل الى اتفاق سلام منخفضا في هذه المرحلة، مع عدم نضج الطرفين لدفع ثمن السلام، فان النضال الحقيقي الحالي الذي يواجه اسرائيل ليس هو بالضرورة صنع سلام بل نضالا من اجل مواقف الولايات المتحدة واوروبا والرأي العام الدولي. في هذا الوضع يفضل أن توزن من جديد معايير اوباما باعتبارها أساسا لتجديد التفاوض، وإن يكن ذلك لحاجات تكتيكية فقط وذلك لاقناع الولايات المتحدة واوروبا بأن اسرائيل ليست عقبة دون السلام وأن تحبط بذلك مبادرة الفلسطينيين وقدرتهم على استعمال احتجاج جماعي غير عنيف لفتح الطريق السياسي المغلق.